سياحة

ماذا نعرف عن مخطط "رحلة عبر الزمن" لتطوير وتأهيل العلا في السعودية؟

يستثمر المخطط الغنى التراثي والثقافي والثراء الطبيعي والجيولوجي للمنطقة
5fbd98ec-ef7d-e811-90f4-e3a3d37b1aef

صخرة الفيل-جبل الفيل، وهي تقع على بعد 11 كيلومترًا شمال شرق العلا، على ارتفاع 52 مترًا يشبه التكوين الطبيعي فيلًا له جذع أرضي. المصدر: الهيئة الملكية لمحافظة العلا.

لا تلبث السعودية إلا وأن تفاجئنا بين الفينة والأخرى بمخططات جديدة، فيبدو أن خطة ما بعد النفط ما زالت تحمل الكثير بين طياتها، وكله في سبيل تحقيق حلمها في أن تصبح ضمن أفضل 15 اقتصادًا في العالم، فتحاول ألا تبقى رهينة للنفط أو حبيسة عالمه، لذا تعمل جاهدًة أن تحرر اقتصاد المملكة بأن تصبح قادرًة على العيش بدونه وذلك من خلال اعتمادها على مصادر أخرى.

 من بين أهداف هذه الخطة والتي تسعى لتحقيقها في عام 2030 هو رفع عدد المواقع الأثرية المسجلة في اليونسكو إلى الضعف على الأقل. واحدة من أبرز أهداف رؤية السعودية 2030 تبرز في إحياء وتأهيل المنطقة الأثرية الرئيسة في مدينة العُلا شمال غربي المملكة بشكل مستدام تجعل منها بيئة ثقافية وطبيعية، من خلال مخطط "رحلة عبر الزمن" الذي يهدف إحياء وتأهيل المنطقة الأثرية الرئيسية في منطقة العُلا بتحويلها إلى أكبر متحف حي في العالم، وجعلها العاصمة الثقافية للمملكة.

إعلان

المخطط يتكون من 3 مراحل رئيسية، ومن المقرر أن تكتمل أولى مراحله بنهاية العام 2023، وتهدف استراتيجية التطوير عند اكتمالها في عام 2035 إلى توفير 38 ألف فرصة عمل جديدة، بالإضافة إلى المساهمة بمبلغ 120 مليار ريال (32 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. ويأتي هذا المخطط تزامنًا مع مبادرة السعودية الخضراء ضمن استراتيجية تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين إدارة المياه والإنتاج الزراعي المستدام، وسياسة زيادة الغطاء النباتي.

لماذا تم اختيار العلا كعاصمة ثقافية للمملكة السعودية؟
لقرون كانت العلا مفترق طرق جغرافيًا وثقافيًا. بفضل المناظر الطبيعية الرائعة وتاريخها، تعد العلا المكان الملائم والأنسب لتخضع لعملية تطوير وتجديد، فعلى الرغم من أنها تعتبر منطقة ريفية ذات تنمية حضرية محدودة، فمن الأهمية بمكان أن تعمل التنمية السعودية على تمكين المجتمع المحلي وتحسين نوعية الحياة واحترام تراث العلا الطبيعي والإنساني والحفاظ عليه. لذا تعتزم السعودية إعادة سرد تاريخها من خلال التركيز على الثقافة (الطرق الأثرية والمتاحف والمدينة القديمة) والطبيعة (المناظر الطبيعية الرائعة والصحراء والواحات)، وبالتالي تقديم تجربة سياحية مختلفة، مما سيلعب دورًا في جذب استثمارات جديدة بـ220 مليار ريال حتى 2023، وأكثر من 500 مليار ريال حتى 2030، وجذب مليوني زائر بحلول 2035.

إعلان

ماذا تتضمن الرؤية لتطوير العُلا؟
تمتد العُلا عبر 22.561 كيلومترًا مربعًا من شمال غرب المملكة العربية السعودية، حيث تشمل الصحاري والجبال الصخرية والواحات، فهي تقع على بعد أقل قليلاً من 300 كيلومتر شمال المدينة المنورة، وتبعد 200 كيلومتر من البحر الأحمر، أي على "طريق البخور" القديم، حيث كان هذا طريقًا تجاريًا يربط شبه الجزيرة العربية بمنطقة البحر الأبيض المتوسط. كما تبلغ كثافتها السكانية  46،000 نسمة أو أكثر قليلًا.

تقوم الرؤية السعودية على تطوير هذه المنطقة من خلال اتباع طرق بناء مستديمة واحترام طبيعة وتراث منطقة العُلا، وتحسين نوعية الحياة من خلال تجديد حضري صالح للعيش، وعلى هذا النحو سيتم دمج الإنشاءات الجديدة مع ما هو موجود بالفعل.

لتحقيق ذلك، تم تأسيس Al Ula Design Studio لوضع إرشادات معمارية وتقديم قوالب معيارية للمباني الجديدة التي تعتمد على العمارة العامية المناسبة لمنطقة العلا، على سبيل المثال، ستعتمد المباني القريبة من المدينة القديمة على الهندسة المعمارية التقليدية وأسلوب الطوب لمبانيها التاريخية، واختيار ألوان تتناسب مع ألوان الصخور والصحاري والنباتات في المنطقة. وسيتم استخدام المواد والأساليب الحديثة لتعزيز الاستدامة والكفاءة، ودمج التراث مع الحداثة.

إعلان

ويستثمر المخطط الغنى التراثي والثقافي والثراء الطبيعي والجيولوجي للمنطقة عبر مسار "رحلة عبر الزمن." وسيشمل ذلك إحياء المدينة القديمة التاريخية، وذلك من خلال إحياء أكثر من 1،000 عاماً من تاريخ البشرية وترميم المباني الرئيسية في المدينة باستخدام التقنيات التقليدية، جنبًا إلى جنب مع المتاحف والمعارض وغيرها من المرافق لجذب الزوار وتثقيفهم. كما سيتم التعاون بشكل وثيق مع العلامات التجارية العالمية مثل أمان وأكور وهابيتاس وجان نوفيل في المنتجعات التي تستمد الإلهام بالمثل من تراث العلا ومناظرها الطبيعية، مع توفير وسائل الراحة الحديثة. 

ما هي أهم مسارات رحلة الزمن؟
من خلال هذا المخطط المستوحى من طبيعة العلا وتراثها، سيتم إنشاء خمسة مراكز تمتد على طول 20 كم من قلب العلا، وسيتم إنشاء 15 مرفقاً ثقافياً جديداً، من ضمنها متاحف ومعارض ومعالم الجذب السياحي. وسيتم تخصيص 80% من إجمالي مساحة العلا محميّات طبيعية لإعادة إحياء النباتات وإعادة النظم الطبيعية، ومن ضمن ذلك المحافظة على الحيوانات البرية وإعادة توطينها وحماية الموائل الطبيعية لها. وسيتم كذلك تأهيل 10 ملايين متر مربع من المساحات الخضراء، بما يسهم في زيادة الغطاء النباتي الطبيعي، ويعزز سلامة البيئة المحلية.

المراكز الخمس التي سيتم التركيز عليها:

  1. مدينة العلا القديمة، يقع في قلب هذه الواحة الثقافية القديمة، متاهة من الشوارع المتماسكة والمتاجر والمنازل المبنية من الطوب، كانت هذه المدينة ذات الأهمية التاريخية مأهولة بالسكان من القرن الثاني عشر إلى الثمانينيات.
  2. منطقة دادان -موطن لمركز أثري رائع، حيث كانت خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، عاصمة مملكتي دادانيتي والليانيتي لتميزها بصخورها الحمراء الشاهقة، لا يزال هذا الموقع موقعًا أثريًا نشطًا، ويكشف تدريجياً عن قصصه القديمة للزوار. دادان هي أيضًا موطن لـمعهد الممالك أحد أبرز مشاريع مخطط "رحلة عبر الزمن" وهو مركز عالمي لدراسات الحضارات التي سكنت شمال غرب شبه الجزيرة العربية على مدار أكثر من 7،000 عاماً من التاريخ البشري.
  3. جبل عكمة -مكتبة فريدة من نوعها في الهواء الطلق. المعروف باسم "مكتبة العلا المفتوحة" يضم مجموعة مذهلة من النقوش الصخرية. يُعتقد أن هذه النقوش الصخرية تعود إلى الألفية الأولى قبل الميلاد وتتضمن رسومات للحيوانات والأشخاص والآلات الموسيقية بالإضافة إلى الرسائل والعروض وحتى القوانين المكتوبة باللغات القديمة.
  4. الأفق النبطي أو الواحة النبطية، وهي موطن قرية منحوتة في الصخر. وهو مشهد مذهل للتكوينات الصخرية الرائعة، تمهيداً لتلك الموجودة في الحجر. تضم هذه المنطقة قرية منحوتة من الصخر ومسرحًا في الهواء الطلق على الطراز النبطي، كما أنها موطن لقاعة حفلات مرايا المذهلة، وهي أكبر مبنى عاكس في العالم.
  5. مدينة الحِجر تعتبر من أهم مدن مملكة الأنباط، وكانت طريقاً استراتيجياً تمر به القوافل التجارية المحمّلة بالبخور، وهي أول موقع تراث عالمي لليونسكو في المملكة العربية السعودية، وتُعد المدينة  الأثرية معرضاً حياً في الهواء الطلق.

    ماذا سيشمل مخطط "رحلة عبر الزمن؟
    يعد مخطط "رحلة عبر الزمن" خارطة طريق طموحة لحماية وإحياء وتأهيل والحفاظ على العلا بشكل مستدام، وقد بدأ العمل بالفعل في عدد من القطاعات من بينها:

    توسعة مطار العلا الدولي:
    تمت توسعة مطار العلا الدولي عبر زيادة القدرة الاستيعابية السنوية من 100 ألف إلى 400 ألف مسافر، وذلك لتسهيل الوصول إلى العلا ودعم الاقتصاد والسياحة والنمو المستدام.

إعلان

برنامج المنح الدولية: برنامج الابتعاث لأبناء وبنات محافظة العلا لدعم وبناء القدرات في أبرز الجامعات العالمية بما يلبي احتياج مستقبل سوق العمل في العلا.

إحياء وتأهيل البلدة القديمة: خلق رابط حيوي معاصر من خلال الحفاظ على تاريخ وإرث العلا لخلق وجهة نابضة بالحياة من خلال تجارب الضيافة والفنون والترفيه الثقافي.

الصندوق العالمي لحماية النمر العربي: ضمان وجود مجموعة من النمر العربي قابلة للحياة ومدارة بشكل مستدام مع توافر فريسته البرية والموائل الطبيعية في تعايش متناغم مع المجتمعات والبيئات المحلية.

مسرح مرايا: تعد قاعة مرايا، التي سجلت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر مبنى مغطى بالمرايا في العالم، كقاعة متعددة الاستخدامات يعكس بيئته الطبيعية بدلاً من أن يتنافس معها.

موسم شتاء طنطورة: استقبل موسم شتاء طنطورة، على مدار نسختين، أكثر من 56،000 ضيف لمشاهدة حفلات موسيقية لفنانين مشهورين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المغني أندريا بوتشيلي والموسيقار عمر خيرت، مما خلق العديد من الوظائف المباشرة وغير المباشرة لأهالي وسكان العلا.

دعم الزراعة المحلية: تزامنًا مع مشروع زراعة البريغرينا "شجرة البان" الذي ساهم في إنشاء أول نظام بيئي محلي لإنتاج زيت البرغرينا في العلا. كما يعمل مهرجان العلا للتمور على النهوض بالاقتصاد المحلي، وفي نسخته لعام 2020، استقبل 10،000 زائر وأكثر من 240 مزارعًا.