2023

أبرز تصريحات عام 2023 التي أثارت الجدل عربيًا وعالميًا

"كل الأرواح مقدسة"
Quotes

مع دقّات الساعة الثانية عشر معلنة بداية ٢٠٢٣، تبادلنا الأحضان والقبلات مع عائلاتنا وأحبابنا نتمنى عامًا جديدًا سعيدًا. لا شك أن السنة شهدت لحظات طيبة ولطيفة عدة، لكنها أيضًا حملت إلينا أحداثًا قاسية، على مستوى الوطن العربي والعالم، من حروب ونزاعات، ومآسٍ إنسانية مختلفة، ربما تغيّر شكل العالم الذي نعرفه في السنوات المقبلة.

في هذا التقرير، نعرض لكم أهم التصريحات والاقتباسات التي سمعناها في أحداث مختلفة خلال عام ٢٠٢٣.

إعلان

"عام ٢٠٢٣ سيكون صعبًا"

كان هذا أوَّل تصريح ابتدأ به العام، على لسان رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستينا غورغييفا، والذي يعيد إلينا ذكرى المثل الشهير "أوَّل القصيدة كفر." يا له من تصريح مليء بالتفاؤل لبدء العام! وضَّحت رئيسة صندوق النقد الدولي أن ٢٠٢٣ سيشهد تراجعًا في النمو الاقتصادي العالمي، بسبب تباطؤ نمو الاقتصادات الثلاث الأكبر في العالم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، والاتحاد الأوروبي، متوقعة أن يتسبب هذا في ركود اقتصادي يمس حياة الملايين حول العالم، ويؤثر في حياة العديد من الشعوب.

كذلك توقعت غورغييفا أن ينخفض نمو الاقتصاد الصيني في ٢٠٢٣ و٢٠٢٤، بعدما رفعت الصين القيود القاسية التي فرضتها عقب جائحة كورونا، والتي من شأنها أن تحدث طفرةً في الإصابات. تحقق هذا التوقع أيضًا، ونأمل أن تتوقف السيدة غورغييفا عن إتحافنا بمزيد من التوقعات المشابهة في العام المقبل.

"وباء جديد في الصين"

منذ أشهر، بدأت هذه العبارة تتكرر في وسائل الإعلام، وخلال الشهرين الأخيرين من عام ٢٠٢٣، ظهرت مخاوف من تفشي وباء جديد في الصين، حيث زادت حالات الالتهاب الرئوي وأمراض الجهاز التنفسي بشكل ملحوظ. طبعًا وضعنا أيدينا على قلوبنا لأن الأحداث بدت مشابهة جدًّا لميلاد جائحة الكورونا في أواخر ٢٠١٩، والتي جعلت العالم يعيش جحيمًا من الرعب في ٢٠٢٠، ولم يتعاف من آثار تلك الجائحة بعد.

إعلان

لكن بحسب بعض الخبراء، لا يوجد وباء جديد حتى الآن. لكن ما يحدث في الصين هو انتشار أمراض الجهاز التنفسي الموسمية المرتبطة بدخول فصل الشتاء، مثل نزلات البرد والأنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي المختلفة، والتي قد تتفاقم لدى بعض الأشخاص وتؤدي إلى الالتهاب الرئوي. يرجع السبب الرئيسي لزيادة حالات الإصابة بهذه الأمراض إلى تخفيف الصين لقيود الإغلاق التي فرضتها لمدة ثلاث سنوات، حيث كانت آخر دولة في العالم ترفع هذه القيود في يناير الماضي. وأدى هذا إلى عودة الناس إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، مما أدى إلى تعرض المزيد من الأشخاص للفيروسات. مع ذلك، لا يجب أن نطمئن مئة بالمئة ونفقد حذرنا، لقد أصدرت منظمة الصحة العالمية، في الثلاثاء ١٦ دسيمبر، تحذيرًا من المتحور الجديد JN.1، والذي بدأ في الانتشار عالميًّا بسرعة فائقة في الآونة الأخيرة، مسببًا النسبة الأكبر من الإصابات الجديدة بكوفيد ١٩.

على الرغم من سرعة انتشاره، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس الجديد ليس مثيرًا للقلق، وذلك لأنه سلالة فرعية من متحور أوميكرون، وهو ما يعني أن اللقاحات الحالية فعالة ضده، وتستطيع تقليل حدة الأعراض. وأضافت أن مناعة سكان العالم قادرة على مواجهته دون تهديد للأنظمة الصحية. لذلك، من المهم أن نستمر في اتخاذ الاحتياطات اللازمة في الفترة المقبلة، مثل ارتداء الكمامات في الأماكن العامة والمغلقة، والتأكيد من غسل اليدين وتعقيمهما باستمرار، وتغطية الفم أثناء العطس، وذلك للوقاية من الإصابة بالعدوى ومنع انتشارها.. فلتصحبنا السلامة، ونأمل ألا يفاجئنا الكوورنا بأي دراما جديدة!

إعلان

"الحضارة المصرية هي الوحيدة من الحضارات القديمة التي كرمت المرأة"

لعل هذا من ألطف التصريحات التي سمعناها هذه السنة، على لسان شيخ الأزهر أحمد الطيّب، رئيس مجلس حكماء المسلمين، مقارنًا بين وضع المرأة المزري في الحضارات القديمة، كالحضارة البابلية واليونانية. وأشار الطيب إلى أن المرأة في الحضارات القديمة كانت تُعامل كـ "عبدة"، ولم تتمكن من تحقيق أي إنجازات علمية بسبب ضغوط المجتمع عليها. أما في الحضارة المصرية القديمة، فقد كانت المرأة تتمتع بحقوق مساوية للرجل وذمة مالية مستقلة، بل وصلت إلى سدة الحكم أيضًا مثل الملكة حتشبسوت. تلقى الكثيرون تصريحات الطيب بإيجابية، خاصة من التيار القومي المهووس بالهوية المصرية، وبعض الأصوات النسوية، نظرًا لأهمية هذا الخطاب في مواجهة العنف ضد المرأة، والذي يشرعنه البعض بتفسيرات دينية مختلفة، خاصة بعض المشايخ المتطرفين.

إعلان

رغم أهمية تصريح شيخ الأزهر، إلا أنه لا يكفي وحده لمعالجة قضايا العنف ضد المرأة في مصر. هناك حاجة إلى إجراءات مؤسسية حقيقية، مثل سن قوانين أكثر صرامة للردع عن العنف ضد المرأة، وتعزيز الخطاب المجتمعي الذي يحترم حقوق المرأة ويرفض التمييز ضدها. كما يجب العمل على تنقية الخطاب الديني من كل ما يدعو إلى اضطهاد المرأة وإقصائها.

وتأتي هذه الإجراءات في ظل انتشار جرائم قتل النساء، ومنها جريمة قتل نيرة أشرف التي ذبحها شاب رفضت الارتباط به في ٢٠٢٢. وقد أثار هذا الحادث موجة من الغضب والاستنكار، لكن ما يدعو للقلق هو تعاطف كثير من الرجال مع القاتل، بل وصل الأمر إلى محاولة تدشين حملة تبرعات لجمع ديّة القتيلة للعفو عنه. وقد نُفّذ فيه حكم الإعدام في يونيو الماضي، لكن هذا لم يمنع من استمرار جرائم العنف ضد المرأة في مصر.

"كل الأرواح مقدسة"

مع الرد الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى، التي قامت بها حركة المقاومة الفلسطينية حماس ضد أهداف عسكرية في مستوطنات غلاف غزة يوم ٧ أكتوبر الماضي، انتظر الجمهور العربي ردود فعلٍ قوية من كل الأصوات المؤثرة القادرة على إحداث تغيير يوقف هذا العدوان. كان أحد هذه الأصوات هو نجم الكرة المصري محمد صلاح. بعد ١٠ أيام من الانتظار، نشر مو صلاح على صفحته بموقع إكس فيديو قصيرًا يقول فيه: "كل الأرواح مقدسة، والعنف يجب أن يتوقف."

إعلان

استقبل الجمهور الفيديو بمشاعر مختلفة، فالبعض شكر صلاح لكونه سلط الضوء على القضية عند جمهور غربي واسع، بعدما تجاوز الفيديو عشرات الملايين من المشاهدات خلال ساعات (بلغ ١٨٢ مليون مشاهدة وقت كتابة هذا المقال). في المقابل، اتهمه آخرون بالتخاذل وتجنب مساندة الفلسطينيين بكلمات واضحة، وتوجيه فيديو غامض يساوي بين حياة المدنيين العزل من الفلسطينيين، وبين قوات الاحتلال.

لا يزال الجدل دائرًا حول مو صلاح، وقد تصاعدت التعليقات السلبية مجددًا بعدما نشر نادي ليفربول صور لاعبي الفريق في زيارة لمستشفى أطفال لتهنئتهم بالكريسماس وهم يرتدون قبعات مرحة للاحتفال.

يثار الجدل سنويًّا حول صلاح في موسم الكريسماس، بداية من رفض قطاع من الجمهور لفكرة الاحتفال بغير أعياد المسلمين، ما جعل صورة صلاح عائلته العام الماضي محط هجومٍ وانتقاد، وكذلك صورة العام السابق له. لكن تعليقات هذا العام أكثر حدة وإحباطًا، لأن قطاعًا أكبر من الجمهور لم يتقبل قط أن "كل الأرواح مقدسة."

"ممكن أهد البلد بمليار جنيه"

أثارت عبارة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جدلًا حادًا في مصر، بعد أن قالها في مؤتمر بالعاصمة الإدارية الجديدة، ردًا على انتقادات إنفاق الحكومة على الأسر الفقيرة في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية حادة، مما قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات. وقال الرئيس السيسي إنه يمكن أن يهدم مصر إذا أعطى مبلغ ألف جنيه وشريطًا من مخدر الترامادول، لـ١٠٠ ألف شخص يعاني من ظروف مادية سيئة، "وينزلوا البلد يعملوا حالة" لمدة عشرة أسابيع، ما سيكلفه مليار جنيه فقط.

إعلان

وأثار التصريح جدًا كبيرًا، رغم أنه جاء في سياق شرح الرئيس لتداعيات الفوضى، وضرورة رعاية الدولة للأسر الفقيرة التي تعيش في فقر مدقع في المقابر ومنازل من صفيح. كما أثار سخرية الكثيرين في الأسابيع الأخيرة التي سبقت الانتخابات الرئاسية التي حسمها فوزه بولاية رئاسية ثالثة.

"سنحقق نبوءة أشعياء"

خلال القصف المستمر على مدينة غزة الفلسطينية، خاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شعبه قائلاً إنه سيحقق نبوءة أشعياء، لينتصر أبناء النور (الإسرائيليين) على أعدائهم أبناء الظلام. تسبب هذا التصريح في ردود فعل متباينة، من الجدل والتوتر إلى التساؤلات والمزاح، حول نبوءة أشعياء التي وردت في الكتاب المقدَّس، وسياسة حكومة نتنياهو اليمينية التي تسعى لتحقيق نبوءة توراتية تتنبأ بانتصار اليهود على كل ظلمٍ واضطهاد لحق بهم، وكذلك خراب مصر وهجرة شعوب كثيرة إليها.

من الطبيعي أن تثار التساؤلات حول طموحات إسرائيل التوسعية، خاصة في ظل رغبتها المعلنة في تهجير سكان غزة إلى مصر، وهو ما ترفضه مصر بشدة. لكن ما يثير الدهشة حقًا هو عدم انتفاضة العالم إزاء تصريحات إسرائيل الدينية المتطرفة.

"على الدول الغنية تحمل مسؤولية التصدي لآثار التغير المناخي" 

مهما كان المكان الذي نعيش فيه، فقد مررنا بصيفٍ صعبٍ للغاية في ٢٠٢٣، حيث سجلت درجات الحرارة ارتفاعات غير مسبوقة جعلته الصيف الأكثر حرارة في تاريخ قياس المناخ. وتعليقًا على ذلك، قالت بريندًا اكورزيل، مديرة علوم المناخ في اتحاد العلماء المعنيين، إن الدول الصناعية الكبرى يجب أن تتحمل مسؤولية مواجهة آثار الاحترار العالمي المتزايد، والذي يرجع إلى زيادة الانبعاثات الكربونية من مصانعها.

يعد التغير المناخي من أشد الأخطار التي تواجه البشرية حاليًّا، حيث يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، مما يتسبب في موجات حر شديدة قد تصل إلى ٥٠ درجة مئوية، وتستمر لأيام أو أسابيع أو حتى شهور. ويتفاقم هذا الوضع مع مرور كل عام. ورغم أن الدول الصناعية الكبرى، مثل أمريكا والصين والدول والأوروبية، تعد المتسبب الأساسي في هذه المأساة المناخية، إلا أن الدول العربية هي الأكثر تضررًا منه، حيث تواجه موجات حر تهدد الحياة، وجفافًا يؤثر على المحاصيل الزراعية، واضطرابات اجتماعية ناجمة عن موجات الهجرة المتوقعة من المناطق الأكثر حرارة. نأمل أن يشهد ٢٠٢٤ حراكًا عالميًّا حقيقيًّا يثلج قلوبنا.. حرفيًّا ومجازيًّا.

"آيس كوفي ع الآخر"

هذه أجمل عبارة سمعناها هذا العام، من الفتى الفلسطيني الغزاوي عبود بطاح، الذي لقَّب نفسه بالوريث الشرعي الوحيد للشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة، وهو ينقل الأوضاع من غزة بتعليقاتٍ ساخرة عن القصف المستمر للمدينة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ممازحًا المشاهدين بأن الوضع "آيس كوفي ع الآخر." رافقتنا ابتسامة عبود البرَّاقة الطيّبة رغم قسوة الأحداث التي يعيشها قطاع غزة طوال الأسابيع الطويلة الماضية، ولفت انتباه ملايين المتابعين بشجاعته وروحه الساخرة من أصوات القصف والخطر المحدق به.

 ورغم التعاطف العارم، وتأكيد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي المستمر على عدم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم ​​وتصويرهم كأبطال خارقين، والتغاضي عن آلامهم وأحزانهم الإنسانية،إلا أن ابتسامة عبود بثت الأمل في قلوب الكثيرين، رغم استمرار القصف والجرائم البشعة التي ترتكب بحق الفلسطينيين. نأمل أن تكون الحياة في ٢٠٢٤ آيس كوفي فعلًا يا عبّود، يا أقوى مراسل في العالم.