الفنانة السعودية أروى النعمي تروي قصتها مع مدن الملاهي

Odvojeni zabavni parkovi u gradu Aba u Saudijskoj Arabiji

أول لقاء لي مع الفنانة السعودية أروى النعمي لم يكن كما توقعت. تحدثت معها عبر الهاتف واتفقنا على اللقاء في يوم سبت في دبي، في الإمارات العربية المتحدة، حيث تحضر للإنتقال للعيش هناك في الفترة القادمة للعمل على بعض المشاريع. إلتقينا في كافيه صغير في الفندق الذي كانت تقيم به. أروى، 34 عاماً، مليئة بالحياة، تشعر أنك تعرفها منذ سنين، تضحك طوال الوقت، وترى إلى كل شيء من خلال الفن، “الفن حياتي،” كما تقول. تحدثنا عن الفن والمرأة والسعودية والمقابلة التي كان من المفترض أن لا تزيد عن عشرين دقيقة، للتحدث عن فيلمها الأول، استمرت لنحو ساعة ونصف.

1560248848253-BJ8R5381
Never Never Land “يمنع منعاً باتاً”

ولدت أروى في خميس مشيط في عسير جنوب المملكة العربية السعودية، وكبرت في عائلة تقليدية كبيرة في قاعدة الملك خالد الجوية العسكرية، حيث كان والدها عميدًا عسكريًا. علاقة أروى بالفن بدأت منذ الصغر، فقد كان الرسم حبها الأول، وخاصة رسم الوجوه وهو ما عرضها للكثير من المشاكل في المدرسة: “في المدرسة كانت المُعلمة تضع خطاً أسود على كل رسمة فيها وجه، إرسمي شجرة، إرسمي باب، كانت تقول لي، ممنوع رسم الأرواح. وكنت أُضرب بالمَسطرة عندما أسألها عن معنى ذلك،” تخبرني أروى وتضيف: “لقد تربيت على أن الفن حرام، أتذكر أنني في فترة الطفولة، كنت أفكر إذا كنت أرتكب جرماً بأكلي جبنة “أبو الولد” لأن عليها صورة ولد. وهل رسمي لذلك الببغاء سيدخلني النار؟ علاقتي مع الفن كانت مشوشة جداً في البداية، ولكن كل ذلك لم يُغير من حبي للفن، ربما العكس.”

Videos by VICE

كان يتم عَرض لوحاتي بدون أن أتمكن من الحضور لظروف عائلية أحياناً، ولأن العروض كانت للرجال فقط

لم تتمكن أروى من دراسة الفن بعد تخرجها من المدرسة لعدة أسباب، ولكنها كانت من دفعة الطالبات الأولى التي تتخرج من كلية علوم الكمبيوتر في جامعة الملك خالد في أبها. تَغير مسار حياة أروى الفني تماماً بعد حصولها على “جائزة أبها” وهي جائزة الفنون في المنطقة الجنوبية المرموقة في المملكة العربية السعودية تحت رعاية الأمير خالد الفيصل عام 2005، ولتنضم بعدها لقرية المفتاحة للفنون في أبها، وهي أول مركز فني من نوعه في جنوب السعودية، حيث كانت تعرض هناك الكثير من رسوماتها هناك.

“كان حصولي على الجائزة مفاجئاً لي وللجميع، حيث كان هناك فنانين كبار مشاركين في المسابقة،” تقول أروى وتشير الى أن أول ما قامت به بقيمة الجائزة -خمسة آلاف ريال سعودي، هو شراء “لابتوب” ومن تلك اللحظة، أصبح الفن عالمها: “كنت أرسم وأرسل رسوماتي للمفتاحة قبل أن تجِف الألوان على اللوحة. في معظم الأوقات كان يتم عَرض لوحاتي بدون أن أتمكن من الحضور لظروف عائلية أحياناً، ولأن العروض كانت للرجال فقط.”

1560249232449-BF5P1456
Never Never Land “يمنع منعاً باتاً”

إنتقلت أروى إلى جدة وبدأت بتقديم أعمال فنيّة إجتماعية وصنع إسم لنفسها في عالم الفن، وشاركت بمعرضها بعنوان “بث تجريبي” ضمن فعاليات أسبوع جدة الفني عام 2013. أما مشروعها بعنوان: “قطعة من الجنة” فقد أخذها لمكان آخر تماماً، حيث أصبحت أروى أول إمرأة يسجلها التاريخ سمح لها بالتصوير داخل المسجد النبوي في المدينة المنورة – ثاني أقدس موقع في الإسلام بعد المسجد الحرام، حيث رصدت لأول مرة صوراً لسقف الروضة الشريفة في المسجد النبوي.

مثلاً ممنوع الصراخ، ولكن جميعهن يصرخن، لا يمكنك معاقبة الجميع. البنطال ممنوع، ولكن كثير من النساء يرتدين بنطالاً، ماذا ستفعل لهن؟

ومنذ أكثر من خمس سنوات، تعمل أروى على سلسلة فنية بعنوان Never Never Land “يمنع منعاً باتاً” وهو المشروع الذي أطلقها عالمياً، وهو عبارة عن صور وفيديو تم تصويرها في مدينة ملاهي في السعودية. “أحب مدينة الملاهي، وأردت أن أظهر كيف تغيرت علاقتي معها، فقد كنت أذهب أنا وأخي للعب معاً، وعندما كبرت، أصبح هناك فصل بين النساء والرجال، وأصبح هناك أماكن لعب مخصصة للنساء فقط، ممنوع فيها الصراخ ولبس البنطال.” تشير أروى إلى أنها قامت بالتصوير في مدينة ملاهي في أبها، لمدة ثلاث سنوات وهي تخفي الكاميرا تحت عبائتها: “من خلال زيارتي المتواصلة لمدينة الملاهي إكتشفت كيف تتعامل النساء السعوديات مع القوانين بطريقتهن الخاصة، مثلاً ممنوع الصراخ، ولكن جميعهن يصرخن، لا يمكنك معاقبة الجميع. البنطال ممنوع، ولكن كثير من النساء يرتدين بنطالاً، ماذا ستفعل لهن؟”

1560249145786-BF5P1445

التناقض الواضح بين لبس العباية السوداء والنقاب، وتفاصيل مدينة الملاهي بألوانها وفرحتها، يبدو مدهشاً في صور أروى. وسيكون فيلمها الجديد إستكمالاً لمشروعها الفوتوغرافي وتحت نفس العنوان، كما تخبرني: “مشروع الصور والفيلم سيجعلك تعيد النظر بالإفتراضات الجاهزة عن السعودية. النساء منقبات، ولكنهن أيضاً يقدن سيارات، ويضحكن ويَسخرن من بعضهم البعض. العمل ساخر وحقيقي جداً بنفس الوقت. ولكن هذا الفيلم لا ينتقد الواقع بقدر ما يوثقه بتفاصيله. مدينة الملاهي قد تكون فكرة مصغرة عن المجتمع السعودي.”

أستطيع تمييز أختي أو إبنة خالتي المنقبة في المول من بين عشرات النساء

توثيق الواقع بشكل يحمل بعض السخرية والفكاهة هو هدف أروى في مشاريعها المختلفة، ومنها فيديو بعنوان “قلم حمرة أحمر” أو Red Lipstick والذي يصور نساء سعوديات منقبات يضعن الحمرة. أروى التي لا تحب مشاركة صورها مع الصحافة تقول أن فكرة المشروع أبعد من النقاب: “خلال حياتي في السعودية، أصبحت أعرف النساء من عيونهن، أستطيع تمييز أختي أو إبنة خالتي المنقبة في المول من بين عشرات النساء، الفكرة لوحدها ممتعة.”

1560249009223-Screen-Shot-2017-01-26-at-10344-PM
Red Lipstick
1560249042423-Screen-Shot-2017-01-26-at-10328-PM

تقول أروى، التي تخطط للعيش بين الإمارات والسعودية “شهر هنا وشهر هناك،” بأنها سعيدة جداً بالتغيير الذي في السعودية، مع أنها ترى أنه يجب أن يكون إهتمام ودعم أكبر بالفنانين السعوديين: “السعودية قبل سنة ليست السعودية اليوم. الفَرق واضح ومحسوس. هناك حركة ثقافية مهمة، لم يكن لدينا متاحف مثلاً، السينما كانت ممنوعة. الفن ثقافة، نحن بحاجة لهذا التغيير، لنعطي روحاً للفن. ولكن بنفس الوقت هناك محدودية في الفرص، لدي أفكار ومشاريع كثيرة ولكن لا أعرف مع أي جهة أتحدث.”

في الوقت الذي تحضر أروى الآن تحضر فيلمها للمشاركة في المهرجانات العالمية، تجهز أيضاً لتأسيس شركة متخصصة في صناعة الأزياء والتصاميم في دبي، حيث تأمل بتطوير الثوب العسيري التراثي،: “الفن حياتي، أنا أرى الفن في كل شيء حولي، أحب الطبخ، أحب الموسيقى، أحب الحياة، وأحب الناس التي تحب الحياة.”

مزيد من الصور من Never Never Land

1560249300305-BF5P1617
1560249251026-BF5P1289
1560249264052-BF5P2519
1560249541091-BJ8R5363
1560249410577-BF5P2917

يمكنكم متابعة أروى النعمي على انستغرام

@BadarSalem