انستغرام يحجب منشورات عن فلسطين وينشر تبريرًا -غير مقنع- لما حدث

1619194614997-gettyimages-1232469617

مساء الخميس 6 مايو الحالي، وخلال تصاعد الأحداث في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة، بين سكانه والمستوطنين الإسرائيليين، استغرب النشطاء الفلسطينيون من قيام منصة انستغرام بحذف لعشرات القصص والمنشورات، وإغلاق بعض الحسابات وحجب جميع المنشورات التي تحتوي على هاشتاغ المسجد الأقصى والشيخ جراح وانقذوا الشيخ جراح، والتي كانت تنقل الأحداث الميدانية وما يتعرض له سكان الحي من تهجير وطرد وقمع من منازلهم وحيهم، وما يجري في المسجد الأقصى بين المقدسيين والشرطة الإسرائيلية. 

بالتزامن مع ما حدث للنشطاء الفلسطينيون، تم حذف قصص وتغريدات للنشطاء في كولومبيا التي تشهد احتجاجات وإضرابات منذ عدة أيام، رفضاً لسياسات ضريبية. كما حذفت المنصات تغريدات وقصص لنشطاء في كندا والولايات المتحدة تزامنت تغريداتهم، يوم 5 مايو، حول اليوم الوطني للتوعية بحقوق النساء من السكان الأصليين.

Videos by VICE

وقالت إميلي لوران هندرسون، كاتبة، أنها منشورها حول طرق دعم سلامة النساء والفتيات والأشخاص ثنائيي الروح من السكان الأصليين قد اختفى. وأبلغ العديد من المستخدمين الآخرين عن مشاكل مماثلة. وغرد مركز الموارد الوطنية لنساء السكان الأصليين عن تلقيه كثير من التقارير عن قيام انستغرام بحذف منشورات وقصص تحت هاشتاغ MMIWG2S والتي تعني Missing and Murdered Indigenous Womxn, Girls, and Two Spirit.

وفي عام 2020 عندما بدأ ملايين الأشخاص في استخدام هاشتاغ BlackLivesMatter تم منع المستخدمين من مشاركة محتوى حول هذه الحركة، لأن حدت خوارزمية انستغرام اعتبرته spam. وكان على الشركة إجراء تعديلات حتى يتمكن الأشخاص من نشر مقاطع الفيديو أو الصور التي تدعم هذه القضية دون قيود.

ما هو المحتوى المستهدف في فلسطين؟
تم تعطيل حساب الناشطة من أهالي حي الشيخ جراح منى الكرد على انستغرام لبثها بشكل يومي اعتداءات المستوطنين على أهالي الحي قبل أن يتم إعادة تنشيطه، كما أشار محمد الكرد، ناشط فلسطيني من أهالي الشيخ جراح، الذي ينشر تحديثات من الشيخ جراح على صفحته على تويتر وانستغرام، أن قصصه على انستغرام حذفت لكونها “خطاب كراهية.” وأكد ناشطون قيام انستغرام بمنعهم من النشر على القصة الخاصة بهم أو فتح بث مباشر لما يحدث في القدس، مما دفع بعض النشطاء إلى إعادة تقييم تطبيق أنستغرام ووضع نجمة واحدة.

لم يتوقف ذلك على منصة انستغرام المملوكة لشركة فيسبوك، بل وصل الأمر لبعض المنشورات والحسابات على منصة فيسبوك نفسها، ومنصة تويتر. حيث بدأت نشطاء بتسليط الضوء على ما يجري من قبل منصات التواصل الاجتماعية على ذات المنصات، بالإضافة لتقديم شكاوي لمراكز حقوقية وأخرى يتركز عملها على توثيق انتهاكات الشبكات الاجتماعية مثل المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة) الذي أطلق نداءً على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على شهادات من قبل مستخدمين تم حجب محتواهم لنشرهم الأحداث في الشيخ جراح.

نديم ناشف مدير مركز حملة، قال في مقابلة مع VICE عربية أنه تم رصد قرابة 200 حالة انتهاك قامت بها منصة انستغرام لمحتوى نشطاء يتناولون ما يجري في حي الشيخ جراح تحديدًا، مشيرًا إلى أن وحدات السايبر الحكومية الإسرائيلية والمجموعات الغير حكومية تعمل على مراقبة ومتابعة المحتوى الفلسطيني على الشبكات الاجتماعية والتبليغ عنه. وأضاف: “للأسف 90% من تبليغات السايبر الإسرائيلي يحصل على ردود إيجابية ويتم حظره.” وتظهر الفيديوهات التي وثّقها صحفيون ونشطاء الاعتداءات العنيفة لقوات الاحتلال على الشبان المقدسيين، بينما وثقت فيديوهات أخرى منع الاحتلال المقدسيين من دخول البلدة القديمة وباحات المسجد الأقصى. 

هل هذه هي المرة الأولى التي يتم حجب محتوى فلسطيني؟
هذه ليست المرة الأولى لاستهداف المحتوى الفلسطيني، بل سبق ذلك حذف وإغلاق مئات المنشورات والتغريدات والحسابات الفلسطينية على الشبكات الاجتماعية لا سيما فترة مسيرات العودة وكسر الحصار والتي امتدت على مدارة عامي 2018 و 2019 على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة. في مايو 2019، أغلق فيسبوك حسابات 58 صحافياً وموقعاً إلكترونياً فلسطينياً، وبعد أربعة أشهر تم إعادة تفعيل تسعة حسابات فقط.

ويقول ناشف: “المشكلة بدأت في السنوات الأخيرة بعدما بدأت الشبكات الاجتماعية حجب كافة المنشورات بشكل آلي، والتي تحتوي على مصطلحات ومسميات وتسميات لفصائل وشخصيات فلسطينية مصنفة بحسب القانون الأمريكي (فصائل إرهابية)،” موضحًا أن ما يجري هو بمثابة حرب على المضمون والرواية الفلسطينية وليس “مجرد حجب محتوى عنيف يتعارض مع معايير المجتمع للمنصات.”

وكانت دراسة نشرت في ٢٠٢٠ لمركز صدى سوشال الاجتماعي أكدت أن منشورات الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي قد تم قمعها بنسبة تصل إلى 80 في المئة. وقد أكدت منظمة Impact International لسياسات حقوق الإنسان ومقرها لندن أن فيسبوك قام بحظر حسابات تعود لنشطاء فلسطينيين ومدونين وصحفيين “منتهكًا حقهم في التعبير عن آرائهم بحرية.” ويقول خبراء أن تيك توك يفرض أيضًا الرقابة على المحتوى المرتبط بفلسطين.

العام الماضي، اعتذر موقع انستغرام لعارضة اأزياء العالمية بيلا حديد الفلسطينية الأصل بعد حذف صورة لجواز سفر خاص بوالدها الملياردير محمد حديد، ومكتوب في خانة محل الميلاد “فلسطين” مبررًا ذلك بأن الصورة “تخرق قواعد استخدام الموقع.” وقد أعادت بيلا نشر الصورة مصحوبة بتعليق: “محل ميلاد والدي. لا يمكنكم مسح التاريخ.”

ماذا كان رد انستغرام؟
نشرت منصة انستغرام، توضيحًا لما جرى، قالت بأنها تفاجأت بوصول مئات الشكاوى حول حذف المحتوى عن منصاتها في الأماكن المذكورة، كولومبيا وكندا والولايات المتحدة والقدس، والتي تزامنت بها أحداث ميدانية، وأبدت استغرابها لما حدث “بشكل غير مقصود.” بعد فحص ما جرى بحسب بيانهم، أوضحت انستغرام أن أنظمتها الآلية، أطلقت تحديثًا يهدف الكشف بشكل أفضل عما إذا كانت الوسائط المعاد مشاركتها في قصة ما لا تزال متاحة. وبررت انستغرام حذف المحتوى عن منصات المشتركين، بحذفه أو عدم أرشفته من مصدره الأصلي، مؤكدة على إعادة غالبية المحتوى المحذوف، مقدمة اعتذارها للمشتركين.

هل الرد مقنع؟
شككت شايلا ستون تشيلد، مؤسسة Matriarch Movement في وجود مشكلة تقنية في المنصة، وقالت أنه هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إسكات النساء من السكان الأصليين: “لقد تم إسكاتنا دائمًا كنساء من السكان الأصليين، ولا يتعين علينا أن ننظر بعيدًا لنرى أن هذا لا يزال يحدث.” وأضافت أنها نشرت استطلاعًا عما إذا كان قد تم حذف محتوى يتعلق بـ MMIWG2S وصوت 800 شخص بنعم.

في مركز حملة، وبالشراكة مع عدة مؤسسات حقوقية من عدة مناطق ودول، تم مخاطبة الشبكات الاجتماعية للمطالبة بإعادة المحتوى المحذوف، والحسابات المغلقة، وتمكنوا من إعادة غالبيتها. وهنا يقول ناشف: “إعادة ما تم حذفه يعني أنها لم تكن مخالفة لشروط النشر والاستخدام للمعايير كما ادعت المنصات لحظة الحذف.”

يتفق الجميع أنه على الرغم من امكانية حجب المحتوى من المهم الاستمرار في النشر. وأكد ناشف على أهمية النشر بعدة لغات وليس العربية فقط، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة المعايير التي تعتمدها المنصات الاجتماعية: “بالنهاية هاي المنصات بدنا نستغلها ونتواصل مع العالم ونحكي روايتنا، ونضل نحاول من خلال هاي المنصات، مش يتم تهميشنا كمان بالحيز الافتراضي.”

قد يكون ما حدث هو خطأ تقني غير مقصود من قبل انستغرام، ولكن السؤال الذي لا يزال مطروحاً كما تقول شايلا: “من الذي يقرر ما الذي يجب نشره على وسائل التواصل الاجتماعي وما الذي سيتم تضخيمه وما الذي سيتم حذفه؟ أي أجندة علينا أن نتبنى؟”