أشهر تعريف للنسوية هو أنها نظرية المساواة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين الجنسين. حتى الآن لم نقطع شوطا كافياً في تحقيق أهداف الحركة في العالم ككل، حيث لا تزال المرأة محكومة بقوانين الرجل، الغير منصفة بحقها. على الرغم من كل المعارك التي خاضتها المرأة، إلا أنها لم تصل بعد إلى حقوق مساوية للرجل، وفي الوقت الذي حاولت وتحاول النسويات في العالم العربي والغربي تغيير هذا الواقع، إلا أن الوضع لم يتغير كثيراً بالنسبة للمرأة. البعض يعتبر أن النسويات أنفسهن قد تسببن بخلق صورة سلبية عن النسوية، فيما يرى البعض الآخر أن الاعلام شوه في حالات كثيرة من صورة هؤلاء النسويات واللواتي عادة ما يتم وَصفهن بكارهي الرجال كرجال وليس باعتبارهم جزءً من نظام بطريركي متحكم. وهناك مجموعة أخرى ترى أن هناك خصوصية لكل بلد وأن فكرة “نسوية واحدة للجميع” غير ممكنة أو منطقية. بمناسبة يوم المرأة العالمي، أردنا أن نتعرف على نظرة مجتمعنا العربي تجاه النسوية، التقينا بمجموعة من الفتيات والشباب من مختلف التخصصات والمدن وسألناهم عن مفهومهم للحركة النسوية وماذا تعنيه بالنسبة لهم. قد تضعك الإجابات في حالة ذهنية متضاربة، أو قد توسع أفقك.
فرح، 23، مساعدة استشارية
“أنا أؤيد تماماً النسوية، وأعتقد أن مبادئ النسوية كانت بالفعل جزءا لا يتجزأ من ديننا وثقافتنا، ولكن تم تقليصها بسبب العديد من العوامل. وبفضل النسويات استعادت النساء أماكنهن في المجتمع واستأنفن مناصبهن كأفراد يستطعن فعل أي شيء، فأصبحت النساء مديرات تنفيذيات وسفيرات، ووزيرات وشخصيات دبلوماسية. ومع ذلك، فإن العديد من النساء يمتنعن عن ذكر الحركة النسوية وهذا يعود إلى تشويه صورة الحركة من قبل بعض النسويات المتشددات -بعضهن حاربن باسم الحركة لتحقيق أهدافهن الخاصة التي لا ترتبط بالنسوية بشيء. ولكن من المهم أن نتذكر كيف يمكننا كنساء أن نمثل هذه الحركة ونتمكن من إحداث تغيير في هذا العالم.”
Videos by VICE
نور، 20، كاتبة
“أنا طبعاً مع الحركة النسوية لأنني أريد حرية الاختيار في حياتي. منذ الصغر، يتم تعليمي بل شبه تأنيبي أن علي كأنِثى أن أخفض صوتي وحتى ضحكتي. نتعلم أن جسدنا ليس لنا بل أن رجال العائلة يملكون الحق في جسدنا باسم الشرف. هذا خطىء برأيي. كل إنسانة لها حق في اختيار ما تلبسه سواءً كان حجاب أو تنورة قصيرة؛ المهم أني صاحبة الاختيار. والاختيار لا يقف على اللباس وحسب، بل هو أيضاً اختيار العمل، اختيار الدراسة، اختيار الزواج، اختيار السفر. هذه فقط بعض من الأمور التي تسعى الحركة النسوية إلى دعمها في المجتمع. النسوية موجودة كل يوم في حياتي كامرأة عربية مقيمة في الغرب. النسوية موجودة عندما أكون مع أقربائي الذين لا يزالون يهتمون بقصص الشرف وكلام الناس. النسوية موجودة في العمل عندما يحاول بعض زملائي بالعمل التحرش بي. النسوية موجودة معي أيضاً عندما أتكلم مع أجانب لديهم تلك النظرة أن المرأة العربية مسكينة وصامتة وتتقبل التمييز الجنسي في العالم العربي، ودائماً ما يفاجأون عندما أحدثهم عن وجود حركة نسوية في العالم العربي وأننا لسنا بحاجة للغرب كي يعلمنا الحرية. صوت المرأة العربية مسموع ولا يمكن أن نصمت إلى أن نخلق مجتمعات جديدة تحترم فكرة الاختيار الشخصي للمرأة وتخلق قوانين تحمي المرأة من العنف وجرائم الشرف والتحرش.”
أشرف، 26، صحفي
“وجود النسوية في الشرق الأوسط والبلاد ذات المجتمعات الذكوريّة، خاصة في الوقت الحاضر، هو أمر أساسي بسبب اللامساواة والتمييز الواضح بين الجنسين. طبعاً، المرأة التي تسعى لتكون جزء مهماً في المجتمع تحتاج إلى التحرير والتمكين وهو ما تطالب به الحركة النسوية في العالم العربي. ولكني لا أدعم انحياز الحركة لحقوق المرأة فقط. يجب ألا ننكر أن عدم المساواة موجود وبقوة في كلا الحالتين أيضاً. دائماً ما أتذكر الفترة العصيبة التي مررت بها حينما أصبحت عاطلاً عن العمل و كان لذلك أثر سلبي على نفسيتي، وكان أبي يؤنبني بصورة شبه منتظمة قائلاً أن عدم عثوري على وظيفة يعني أنني “لست رجلاً بما فيه الكفاية”. في اعتقادي، ينبغي على الرجال والنساء أن يقدموا للمجتمع، وهذا ما يجب أن يكون متوقعاً من كلا الجنسين. لهذا السبب أعتقد أن أدوار الجنسين تنتج قوالب نمطية سلبية تؤدي إلى تصنيف الرجال والنساء على نحو غير مشروع وغير منصف. يجب أن يكون هدف الحركة هو إدراك المشكلة ومن ثم القضاء على تلك النمطية.”
ريم، 23، فنانة تشكيلية
“إن مصطلح النسوية بالنسبة لي ليس مجرد شعار أتخذه ولكنه اختيار أو أسلوب حياة أعمل بها للحفاظ على حقوق المرأة. أؤمن تماماً بقدرة المرأة على تحقيق طموحاتها وأهدافها على جميع الأصعدة. ولكن هناك ضرورة لنشر الوعي وتعريف مصطلح النسوية بالشكل الصحيح حتى تكون ثقافة تُمارس في المجتمع. على أية حال، أنا أشعر أنه ينقصنا الإدراك عندما نتحدث في مثل هذا الموضوع وبصفة خاصة في منطقتنا، فهناك فهم خاطىء للنسوية على أنها حركة متمردة، وأنا بصفة خاصة أشعر بارتياح أكثر عندما لا أعلن انتمائي للحركة، وقد اخترت ذلك لأنني لا أوافق بصفة كلية على جميع مبادئ الحركة النسوية الغربية، بالإضافة إلى أن معظم الناس يميلون إلى التعميم عند الانضمام إلى حركة معينة. أنا لا أجد أي خطأ عندما يسلمني أبي إلى زوج المستقبل في يوم عرسي – أمر يجده بعض النسويات كنوع من الإخضاع أو الاستعباد – خصوصاً أن أبي له الفضل في متابعة دراساتي لأحقق أحلامي وطموحاتي. في دول العالم الثالث هناك مشاكل أخرى يجب تسليط الضوء عليها، مثلا الفتيات اللواتي سرقت منهن براءة الطفولة بالزواج المبكر. تلك هي القضايا الجديرة بالنقاش والدعوة لإيجاد حلول لها؛ قضايا من شأنها أن تحدث فرقاً في الواقع، بدلاً من الاهتمام بقضايا هامشية -مثلا حلق شعر الجسم الزائد أم لا؟ هذا قرار شخصي في نهاية اليوم؟ ومع ذلك، فإنني أؤيد حق المرأة خاصة عندما يتعلق الأمر بالمساواة والاستقلال التام عن الآخرين.”
دينا، 25، مهندسة تخطيط
“النسوية لا تعنيني البتة لأن الرجل والمرأة غير متساويين وليسا صورة طبق الأصل – سواء فكرياً أو عاطفياً أو جسدياً. النساء أضعف نسبياً بسبب الدورة الشهرية والحمل (ناهيك عن الصراع العاطفي الذي دائماً ما يكن طرفاً فيه). وإذا أنحينا علوم الأحياء جانباً، فأنا كامرأة لن أقبل أبداً أن أعامل مثلما يعامل الرجل في المجتمع. أدرك أنني لست وحدي عندما أنتظر لفتات لطيفة وأشياء صغيرة مثل أن يفتح الرجل الباب لي، ويحمل شنطة يدي، ويساعدني في مشتريات البقالة الثقيلة. بالطبع يجب أن نكون متساوين من حيث الأجر والمزايا الإضافية نظراً بأننا نعمل في نفس الوظيفة، ولكن لا أعتقد أن المرأة تستطيع القيام بوظائف مثل العمل في منصات النفط، أو المصانع أو الأعمال البحرية. لقد عشت فترة من حياتي كنت فيها مسؤولة عن مساعدة عائلتي مادياً (الأمر الذي يقتصره الكثيرون على الرجال) ووجدته أمراً في غاية الصعوبة مما جعلني أقدر مجهودهم.”
هيا، 19، طالبة هندسة صناعية
“الحركة النسوية هي حركة تُمكن وتدعم النساء اللاتي يكافحن من أجل حقوقهن ضد التمييز على أساس الجنس. هي موجهة نحو هؤلاء الغير مدركين لحقوقهم لأن أحداً لم يُعلمهم بوجودها أصلاً. هي للبنات اللاتي أُخرجن من مدارسهن غصباً وأدخلوا بيوت أزواجهن معتقدات خطئاً أنهن من ضمن أملاكهم ولسن أحراراً. هي لكل امرأة قد تم استغلالها جسدياً، وعاطفياً، وجنسياً ولا تستطيع التعبير عن معاناتها لأنها فقدت الأمل في أي تأييد أو دعم. هي لكل امرأة قوية وذكية تحصل على مرتب أقل من نظيرها في نفس العمل لا لمؤهلاتها بل لجنسها. عندما قررت أن أدخل في مجال الهندسة، تم إحباطي ممن حولي معللين أنه مجال ذكوري، ولم يقف التمييز عند هذا الحد، طوال حياتي الجامعية تم اخباري بأنني لن أنجح أبداً في اختصاص يسيطر عليه الرجال. النسوية حفزتني إلى أن أعمل بجهد وأثبت نفسي لكل من له اعتقاد خاطىء عن نجاح المرأة وقدرتها. هذه الحركة أعطتني الأمل بأنه يوماً ما سيتغير العالم إلى الأفضل، ولن أجبر على أن أتقبل الطريقة التي أعامل بها و”انو بكفي دراما.”
شريف، 23، مهندس مدني
“أنا ضد الحركة النسوية لأن تعريفها الأساسي وأهدافها ليست واضحة إذا أردت أن أطالب بها. من المفروض أن تقوم على المساواة بين الجنسين. ولكن ما يحدث بالفعل هو مبالغة في الطلبات والمطالبة بحقوق تتعدى حقوقي كرجل في المجتمع. تتوقع بعض النساء معاملة متهاونة بعض الشيء في أماكن العمل ومن المجتمع. فمثلاً في عملي الحالي، تأخذ الموظفات النساء يومين إجازة أسبوعية، فيما لدي يوم إجازة واحد. برأيي أن الحركات النسوية أدت إلى تقصير بعض النساء في مَهامهن الأساسية كتربية جيل واعي، متعلم ومثقف ويتحلى بالأخلاق. هناك أيضاً العادات والتقاليد التي تُحمل الرجل ما يزيد عن حمله في كافة الأمور الحياتية وعلى رأسها الزواج، ولذلك فإنني أشعر بضغط مستمر وإرهاب فكري في هذا المجال، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بطلبات الزواج الغير متساوية في المجتمعات العربية والتي تميل إلى المبالغة في تكليف الرجل والبعد كل البعد عن المساواة بين الطرفين في العلاقة، وهذا أمر لا يتم الحديث عنه من قبل الحركات النسوية أو المطالبة بتغييره. فإذا طالبنا بالعدل والمساواة، ألا يجب أن يسود على جميع العلاقات والمعاملات وألّا يستثنى منها شيء؟”
عهد، 23، مدرسة مساعدة
“أولاً وقبل أي شيء، النسوية بالنسبة لي كأنثى هي بالفعل حركة قوية وهذه حقيقة يجب ألا تنكر. على أية حال، أعتقد أننا استخدمناها لمصلحتنا بدرجة جعلت الرجل يفقد تأثيره في العالم. بصورة أساسية، أعتقد أن الحركة قد أسيء استخدامها بدل الاستفادة منها بطريقة سليمة. فمثلاً، يتم توظيف النساء على أساس الجنس وليس على أساس المؤهلات. وفي نفس السياق، فإن الدين الإسلامي أعطانا حقوق كثيرة بصورة جعلتني شخصياً أشعر أن قوة الحركة غير ضرورية. ما نحتاج أن نقاتل من أجله هو فكر العقول المغلقة من الأسلوب المتزمت وأن يكون لدينا رؤية أفضل للحياة ونوايا حسنة. وهذا ليس بمستحيل.”
دعاء، 24، مهندسة تخطيط
“كوني أنثى تعمل في مجال الهندسة والبناء، أشعر بالفخر بما تمكنت منه النساء في منطقتنا. فقبل أقل من عشرين سنة فقط كان وجود أنثى في مجال عملي الحالي أمراً مستحيلاً. وأعيد الفضل في ذلك إلى والدي ووالدتي لأنهما قد شجعاني على إعطاء أفضل ما لدي، ولأنهما لم يشعراني يوماً بالضعف أو بأنني أقل قدرةً على تحمل المسؤولية وأعباء الحياة. لذلك حين أتحدث عن النسوية لا أتحدث عنها من منطلق حقوق مسلوبة أو طاقات مكبوتة، بل أتحدث عن مشوار مستمر في تحقيق نتائج ملموسة يوماً بعد يوم. هذا المشوار هو مسؤولية على عاتق كل فتاة وسيدة بأن تكون أفضل ما تستطيع أن تكون عليه، وأن تستغل كافة طاقاتها، سواء على الصعيد المهني أو العائلي أو الشخصي. حتى وإن كانت المساواة الكلية تبدو بعيدة المنال اليوم، في وقت قريب جداً ستصبح هي أسلوب حياة.”
داني، 24، طالب جامعي
“بعدما تحدثت مع نسويين ونسويات من أصدقائي وعلى الإنترنت، اقتنعت بما فيه الكفاية لكي ألتحق بالحركة النسوية في بداية 2013. وتحول تصوري وتعلقي بالحركة في السنين الخمس الماضية من اتجاه فكري واحد إلى فكر متعدد الأوجه والجوانب. على الرغم من أن أهداف الحركة النسوية هو دعم المرأة إلا أن الآراء اختلفت حول الوسائل المتاحة مما أدى إلى المزيد من الصراعات داخل الحركة نفسها. فمثلاً، عندما كنت طالباً في لبنان، كنت قد شاركت في حدث على مستوى الحرم الجامعي لنشر الوعي بالقضايا النسوية وكان أحد مشاريعي لهذا الحدث للاحتفال برموز نسائيّة لبنانية، ولكن واجهتني إحدى النسويات الأكثر راديكالية بشأن خياراتي، قائلة أن أغلب هؤلاء النساء هن من مسببي الجدل والمشاكل، ولا ينبغي أن نُمجدهن. فتجادلنا، وكان هناك استياء متبادل في ذلك الوقت. ولكن عندما أعدت التفكير في الموضوع، وجددت أنها محقة. تلك الدروس والنمو اللذان يجعلاني مفعم بالأمل. النسوية هي جزء أساسي من حياتي وعدسة من خلالها أدرك وأتفاعل مع العالم من حولي ولذلك أبذل قصارى جهدي لترجمة ذلك إلى عمل.”
عمرو، 31، مسؤول فعاليات مجتمعية
“أنا أؤمن بالحركة النسوية وفضلها على الإنسانية لأنني دائماً ما أستشير النساء من حولي في قراراتي الكبيرة. وذلك يأتي من إيماني بأن المرأة لديها الصورة الأكبر فيما يخص الحياة الأسرية والعِلمية والعَملية. ومن خبرتي المهنية، أفضل العمل مع النساء لأنهن أكثر احترافية.”
جميع الصور مقدمة من الاشخاص الذي تم مقابلتهم.