أثار مقطع فيديو على موقع تويتر لفتاة أجنبية في الإمارات تُمنع من دخول مركز تجاري بسبب ملابسها وطلب منها الأمن شراء ملابس حتى تستطيع التجول في المركز، وعلى إثر انتشار المقطع ضج موقع تويتر تحت هاشتاغ “قانون الاحتشام في الإمارات” طالب فيه مغردون بضرورة سن قانون جديد يجبر الزوار والمقيمين على ارتداء ملابس وصفت بـ”المحتشمة.”
انطلقت دعوات من مواطنين إماراتيين على تويتر حول وضع قانون قانون يحد مما وصفوها بـ”الملابس المخالفة لقيم وعادات المجتمع الإماراتي.” في المقابل كان هناك دعوات ترفض هذا الرأي استناداً على أن الإمارات بلد سياحي ومنفتح على العالم والثقافات الأخرى وتحترم معتقدات الآخرين.
Videos by VICE
هل يوجد قانون للاحتشام في الإمارات؟
لا يوجد قانون في الإمارات ينص على الاحتشام في ارتداء الملابس في الإمارات، لكن في يونيو 2012، أصدر المجلس الوطني الاتحادي توصية حول إصدار قانون اتحادي يخص الاحتشام في الأماكن العامة وكذلك فرض عقوبات على السلوكيات المخالفة التي ترتكب فيها. وتنص المادة 358 الخاصة بالفعل الفاضح في الطريق العام” على “عقوبة كل من أتى علناً فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء.” ولكنها لا تشر إلى قانون الاحتشام.
تهدف التوصية إلى تحديد حرية الأفراد ومعاقبة من يخالف تلك الحدود. ولا تعد هذه التوصية ملزمة إلا بعد إصدار مجلس الوزراء تشريع بالقانون، ولكن لم يصدر هذا القانون حتى اليوم. وغالبًا ما يتم تفسير الملابس المحتشمة على أنها ملابس تغطي الكتفين وألا تكون أقصر مما فوق الركبة، تنطبق القوانين على الرجال والنساء.
هذه التوصية أعاد مشاركتها مؤيدون لسن هذا القانون وخروجه إلى النور، في حين رفض البعض الآخر فرض تشديدات على الملابس، واعتبروا أنها قد تكون بداية للعودة إلى الخلف وسوف تؤثر بالسلب على بلدهم السياحي، حيث تعتبر الإمارات واحدة من أكثر عشر وجهات سياحية نموًا في العالم وفقا لمنظمة السياحة العالمية.
تدخل بالحريات الشخصية أم احترام للثقافة؟
تحدث Vice عربية مع إماراتيين وعرب لمعرفة رأيهم في هذا المطلب وهل فعلا تحتاج الإمارات، خصوصاً دبي وأبوظبي، لقانون يفرض على المقيمين والسياح ملابس محتشمة؟
تقول غرام* إماراتية تعيش في دبي، إن الدولة تضم جنسيات متعددة، ولهذا لا يجب تطبيق قانون خاص بالاحتشام مصمم لفئة واحدة، وتضيف: “الاحتشام قد يقيد ويلزم النساء بملابس غير ملائمة لهن. سن قانون خاص للاحتشام أمر غير مرحب به سواء من غالبيتنا (الإماراتيين) أو من الأجانب، لأن ما ارتديه قد تراه سيدة محتشماً وتراه أخرى غير محتشم، الأمر نسبي.”
في المقبابل، منيرة عبدالله، إماراتية تقطن في دبي، تدعو لفرض قوانين تتناسب مع ثقافة البلد وتقول: “الإمارات دولة مسلمة وما تزال متمسكة بالعادات والتقاليد، ونحن نرفض فرض ثقافة السائح على المواطن، خاصة وأن هذه الثقافة منافية لتعاليم الدين الإسلامي.”
أحمد الفزيع، سعودي الجنسية، معتاد على زيارة الإمارات يقول: “الأمور طيبة في الأماكن العامة، ولا يوجد شيء تقدر تقول عليه خارج عن الحد، من كثرة التنوع بالجنسيات، مش هتقدر تركز في الملابس أصلاً،” ويضيف: “أعتقد أن عدد قليل جداً من الأجانب هو اللي يكسر القواعد.”
ووفقاً لبيانات البنك الدولي، بلغ عدد سكان دولة الإمارات نحو 9 ملايين نسمة في عام 2021، يشكل الإماراتيين ما نسبته ٣٠ بالمئة من السكان فقط، وهذا يعني أن عدد الوافدين المقيمين يفوق عدد المواطنين.
أحمد سعيد، مصري الجنسية يعمل في الإمارات، يشير إلى أن كل إمارة لها قوانينها الخاصة دبي تختلف عن أبوظبي عن الشارقة. وطبقت إمارة الشارقة قانون للاحتشام عام 2001 فيما أصدرت دبي في عام 2009 تعليمات تتعلق بـ”الزي المناسب في الأماكن العامة.”
ويرى سعيد أن الإماراتيين عددهم قليل مقارنة بالأجانب في دبي خاصة، لذلك من يظهر في الشوارع من الموظفين “الكادحين” من البلدان العربية أو من دول شرق آسيا، بحسب وصفه، وهؤلاء ملتزمون مثل الإماراتيين في الملابس تقريباً، أما الأجانب من الدول الغربية فقد اعتادوا على لبس “الشورتات والملابس القصيرة.”
وعن مطالبة الإماراتيين بقانون للاحتشام، يقول سعيد: “معاهم حق، هي بلدهم، عشان هما مش مجبرين يفرض عليهم تقاليد وثقافات دول أخرى.”
الحديث عن الاحتشام ليس جديداً، المولات والمجمعات التجارية الكبرى تضع بالفعل لوحات إرشادية تدعو لارتداء “ملابس محتشمة” وتمنع التقبيل و”الأفعال التي تخدش الحياء العام.”
في مايو 2015، وقفت الفنانة المصرية عبير صبري، تتناقش مع موظف استقبال فندق في دبي، وتفاجأت عندما لاحظت أن امرأة إماراتية تصورها وتنتقد الفستان التي ترتديه، “كونه غير مناسب في الإمارات.”
انتشر المقطع على مواقع التواصل الاجتماعي، بعض المغردون احتفوا بما فعلته الإماراتية في حين وجهت لها انتقادات بأنها اخترقت خصوصية ضيفة في البلد لم تنتهك قوانين المكان الموجودة فيه (الفندق)، وأنها تجاوزت في الحديث معها إلى حد الاعتداءات اللفظية فضلاً عن تصويرها بدون موافقتها.
تجدد الجدل هذا العام يشير إلى أن الأمور تتجه نحو مزيد من التشديد وهو ما اعتبرته فتاة إماراتية، لم تفضل وضع اسمها، مناهض لتقدم الدولة: “انتوا بأي حقبة زمنية عايشين من بعد كل اللي وصلنا له اطالبون بشي يرجعكم مليون سنة ورى.”
منى بو المالح في المقابل، تقول أنها كـ إماراتية ترفص عدم احترام الأجانب للمجتمع الإماراتي وتقول: “العري زاد عن حده.. قمنا نستحي نطلع مع العوائل الأماكن العامة والبحر والمولات بسبب الفئة الي ماخذين راحتهم في البكيني والمايوهات وازياء اخرى. هذي دولتنا ومن حقنا إننا نستمتع فيها.”
وغرد إمارتي مطالباً بفرض قانون الاحتشام وقال: “لازم يُفرض الاحتشام وصلنا لمرحلة نستثقل الطلعات العائلية مع الأطفال بسبب المناظر. كُساةٌ عُراة.. مناظر مُقززة هذا غير الحركات والتصرفات المُخلة اللي صرنا نشوفها من البعض. مثل ما نحن نحترم قوانينهم فبلدانهم أتمنى يُطبق قانون يفرض عليهم احترامنا.”
تقييد منصات البث
بالتزامن مع مطالبات بقانون للاحتشام، طالبت دول مجلس التعاون الخليجي الأسبوع الماضي، منصة نيتفليكس بإزالة جميع المحتويات التي وصفتها بأنها تنتهك “القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية.”
كانت الإمارات من ضمن الدول التي أصدرت بيانًا انتقدت فيه محتوى منصة نتفليكس، وذكرت هيئة تنظيم الاتصالات ومكتب تنظيم الإعلام في الدولة، أن محتوى نتفليكس مخالف لضوابط البث الإعلامي والقيم المجتمعية للدولة.
جاءت هذه المطالبات بعد صدام مع منصات عالمية حول أي محتوى يحتوي على مشاهد مثلية، ومن آخر هذه الأعمال التي تم منعها من العرض فيلم Light Year بسبب مشهد مثلي بين فتاتين في أول العمل.
وفي أبريل الماضي، حظرت دول خليجية الجزء الأحدث من فيلم Doctor Strange عقب رفض شركة ديزني حذف “عبارات ومشاهد تدعم المثلية الجنسية” على الرغم من أن المملكة لديها مشاريع كبيرة للاستثمار في قطاع السياحة والسينما والترفيه. كما طلبت الإمارات من شركة أمازون حظر نتائج البحث المتعلقة بأفراد مجتمع الميم على موقعها في الإمارات.
في هذا الشأن تقول آية العتيبي، إماراتية: “قرار مجلس التعاون الخليجي بخصوص نتفليكس غريب. مثل هذه المنصات تخاطب وتتوجه لكل الثقافات والأعراق حول العالم، وإذا حاولت إرضاء كل فئة فلن تستطيع إنتاج شيء ُيذكر،” وتضيف: “الأعمال التي عليها خلاف، يمكن وضع تنويه أن هذا العمل غير مناسب لعمر معين أو مخالف لتعاليم الدين الإسلامي وترك الأمر للخيار الشخصي.”
في عام ٢٠٢٠، أعلنت الإمارات عن عدد من الإصلاحات على قوانين الأحوال الشخصية والمدنية، فلم يعد استهلاك الكحول جريمة، وتم السماح بالمعاشرة القانونية للأزواج غير المتزوجين. ولكن في الوقت ذاته لا تزال المثلية الجنسية مجرمة في القانون الإماراتي مثلها مثل غالبية الدول العربية والإسلامية.
يبدو أن الجدال حول ما يتم تصنيفه ضمن الحريات الشخصية ووبين المحافظة على التقاليد المجتمعية باق ويتجدد- في الإمارات وغيرها.
- فضلت غرام عدم ذكر اسمها الكامل.