“الزوجة الثانية” اسم كلاسيكية سينمائية مصرية شهيرة، وواقع تعيشه آلاف السيدات في المنطقة العربية، إذ يرتبطن برجال سبق لهم الزواج بشريكة أخرى وتأسيس حياة أسرية، تنضم إليها الزوجة الجديد فيطلق عليها “ضرة” لتتهم في معظم الأحيان بتشتيت شمل الزوجة الأولى. لمعرفة الجزء الآخر من القصة العائلية أجرت “VICE عربية” مقابلة مع ش.ع، زوجة ثانية مصرية في العقد الثالث من العمر، تعمل موظفة بإحدى الشركات الخاصة وبالكاد تبلغ زيجتها عامًا واحد، في حين ما يزال زوجها محتفظ بمنزله الأول وقوامه زوجة وعدد من الأبناء.
VICE عربية: هل كنتِ على علم بأن زوجك متزوج من امرأة أخرى؟
ش. ع: بالطبع، فقد كنا أصدقاء لفترة دامت عامين قبل أن نُقرر الارتباط رسميًا، وجاء لقائنا الأول في سياق مهني لكننا تحولنا لأصدقاء مقربين وبالتالي كنت على علم بتفاصيل حياته الزوجية. لاحقًا طلب يدي للزواج، وقام بإقناعي بالزواج منه إذ لم يكن على استعداد للتخلي عني وأصبحت جزءً هاماً من حياته. رفضت الفكرة في البداية ولم أقبل الزيجة سوى تحت الضغط ومحاولات الإقناع منه ومن أصدقائنا المشتركين، حينها بدأت أنظر للأمر بصورة مختلفة، وأدركت ضرورة تقبلي لظروفه وكونه متزوج على أن يتقبل هو كذلك ظروفي العائلية والأسرية الخاصة، كوني أعيل أسرتي.
Videos by VICE
هل كانت الزوجة الأولى على علم بهذه العلاقة؟
أجل، كانت على علم بالعلاقة في البداية فقط، لكنها لا تعلم شيئًا عن زواجنا. سابقًا كانت على علم بصداقتنا ثم بأمر تقدمه لخطبتي، في البداية قبلت الأمر تقديرًا لمكانتي لدى زوجها لكنها تراجعت لاحقًا عن القبول. وحتى الآن ما يزال يجمعها وزوجي العشرة الطيبة والأبناء والمنزل. لا يعنيني أمر درايتها بزواجي، فأنا مستقلة عاطفيًا وفكريًا عن المنزل الآخر وأقبله تمام القبول، وليس من حقي وضع قيود أو شروط عليه كعلم الزوجة من عدمه، وبالتالي لا أنشغل بالغيرة.
ماذا كانت ردة فعل أهلك وأصدقائك على هذا القرار؟
داخل أسرتي في العادة نطرح الأمور للمناقشة ونتبادل النصح، إلا أن القرار يظل لصاحبه طالما القرار عقلاني وغير عشوائي. عارضت أمي الزواج لفترة، فقد كانت زوجة ثانية وخاضت التجربة بنفسها، لذا لم ترغب أن أمرّ بالظروف ذاتها، لكنها اقتنعت بالمناقشة والتفاهم، وساهم في ذلك كون زوجي صديقي بالفعل، وكان قريبًا من أفراد الأسرة ويعرفونه عن قرب. أما من جهة الأصدقاء فقد شجع أصدقائي المقربين الزيجة بشدة، طالما سوف تنطوي على الصدق والتقبل و”طولة البال”.
بينك وبين الزوجة الاولـى، من المظلوم في هذه العلاقة برأيك؟
في الحقيقة لم أفكر في شعور الزوجة الاولى بشكل كبير، فأنا لست معتادة على الإغراق في التفكير بمشاعر الآخرين طالما لم أُسبب أذى لأحدهم أو أقدم على فعل مُحرّم، لكني لا أتوقع أن تكون راضية عن تلك الزيجة، فأي زوجة لا تقبل أن ينتقل شريكها للزواج بأخرى. أما بالنسبة لعدالة العلاقة، فالمعيشة ليست عادلة بالنسبة لي على نحو تام، خاصة فيما يتعلق بالمسائل النفسية، فعلى سبيل المثال أظن أنه في احتمال وقوع زوجي في ضائقة تُحتم عليه الاختيار فيما بيننا سوف يختار زوجته الأولى وأبنائه، رغم أن زواجنا مُعلن وغير سري. من جهة أخرى، أشعر أن حياتي الزوجية في تحسن مستمر منذ بدايتها، ونسبة تقصير زوجي تجاهي تتناقص باستمرار، ما يحفزني على مزيد من المحبة والعطاء ويجعلني راضية بواقعي.
هل لديك أولاد؟ كيف يتعاملون مع هذا الزواج؟
لم أُنجب أي أبناء حتى اليوم، فما زالت حديثة الزواج، إلا أن رغبة الإنجاب تراودني منذ مدة وحتى قبل الإقدام على الزواج، أرغب في إنجاب فتاة شريطة أن أتمكن من توفير مناخ أسري متزن مستقر لها، فوضعي كزوجة ثانية هو اختياري وليس اختيار أبنائي، ومن الواجب عليّ ألا اتصرف بأنانية، وأفرض على أبنائي المعيشة في مناخ مؤرق، وإذا لم أستطيع توفير ذلك لن آخذ قرار الإنجاب.
هل ستوافقين بأن تتزوج ابنتك من رجل متزوج؟
بالطبع لن أوافق، فعلى الرغم من سعادتي ورضاي عن حياتي الحالية إلا أنها لا تعد نموذجًا للحياة الطبيعية، بل هى فقط حياة ملائمة لظروفي الخاصة وشخصيتي، وأحظى بفضلها بقدر كبير من الحرية وراحة البال. لا أريد لابنتي أن تعاني من أي وجه من أوجه التقصير في حقوقها كزوجة وأم، ولا أريد أن تمر بنفسي تجاربي، بل أود أن تحظى بطفولة مستقرة ومراهقة مستقرة وتحظى بالقدر الملائم من التعليم والثقافة كي تتمكن من اختيار شريك حياتها دون ضغوط أو اضطرار فتصبح المرأة الوحيدة في حياته ويصبح الرجل الوحيد بحياتها.
ما الأمر الذي تكرهينه في كونك زوجة ثانية؟
للغرابة أكثر ما أحب وأبغض من كوني زوجة ثانية هما الشيء ذاته، فمن جهة أحظى بقدر كبير من الحرية والاستقلال بفضل كوني زوجة ثانية، فأنا إمرأة عاملة، ويعفيني وضعي كزوجة ثانية، من ضغوط إعداد الطعام وتهيئة المنزل لزوجي طوال 15 يومًا كل شهر، وقدر التفاهم بيننا يجعله مرحب بمساعدتي في الأعمال المنزلية ويدعمني معنويًا ونفسيًا دون محاولة لعب دور “سي السيد.” من الجهة الأخرى، أفتقد زوجي في أحيانٍ كثيرة، حين أمرض وأحتاج رعايته أو حين أود الخروج برفقته، وكذلك حين احتاجه لإتمام أي إجراءات رسمية ولا يتمكن من الحضور، رغم ذلك فأنا أحظى بنصف اهتمامه، ووضعنا يتحسن يومًا بعد الآخر.
هل تؤيدين وجهة النظر النسوية التي تطالب بمنع تعدد الزوجات في العالم العربي؟
أرى أن تلك المطالبات غير منطقية بالمرة، فكما من حق المرأة أن تظل الزوجة الوحيدة من حق الزوج كذلك أن يجد زوجه تتفهم احتياجاته وطباعه وشخصيته، وغياب الصدق والشفافية في مرحلة الخطبة الرسمية يمنع حدوث ذلك التآلف والانسجام، فكلا الطرفين يعمل في فترة الخطبة على إظهار أفضل صفاته، بعد الزواج تظهر الطباع والشخصية الحقيقية، فهل يمكن للنسويات تأهيل كافة الزوجات بالقدر المناسب من النضج والوعي لاستيعاب أزواجهم، وبالتالي كف حاجاتهم للزواج بأخرى؟ لا أعتقد، فمن وجهة نظري جزء كبير من عبء نجاح العلاقة يقع على المرأة، فالرجال أشبه بالأطفال المدللين، مهما بلغوا من شدة وعصبية، على زوجاتهم فهمهم واستيعابهم واستيعاب الواجبات والحقوق على حد سواء.
هل ترين أن المسلسلات العربية تقدم صورة حقيقة عن حياة الزوجة الثانية؟
لست حريصة على متابعة المسلسلات العربية، وبالتالي لا يمكنني تكوين وجهة نظر دقيقة، لكن بشكل عام هناك نماذج كوميدية غير واقعية لدى الحديث عن تعدد الزوجات، أشهرها مسلسل “عائلة الحاج متولي” فعلى سبيل المثال لا يمكن أن تصبح علاقة الزوجات بعضهن ببعض على ذلك القدر من الحميمية، فدائمًا هناك ما يشوب الصدر، فمن الممكن للسيدة أن تتجاهل “ضرتها” لكن المحبة والعشرة أمر مبالغ فيه.
هل ستوافقين على زواج زوجك مرة أخرى؟ وهل تشعرين بالندم على هذا الزواج؟
لن أقبل بالطبع، فمن الأفضل أن ينبهني زوجي لأوجه القصور في حياتنا المشتركة لنعمل على حلها، إنما الزواج من أجل الزواج غير مقبول، وفي الواقع أنا واثقة من أن هذا الأمر شبه مستحيل، فطالما كانت المرأة حريصة على زوجها مهتمة بمعيشتها وتراجع مواقفها وحقوقها وواجباتها باستمرار لن يضطر الزوج للبحث عن أخرى. أما فيما يخص الندم، فأحيانًا أشعر بالندم بالطبع، كنت أتمنى أن أكون الأولى والأخيرة في حياة زوجي، لكني لست تعيسة على الإطلاق، بل راضية تمام الرضا. فحياتي لا تتراجع من حيث الجودة والاستقرار للخلف، بل تتقدم للأمام.