غرين بيس: نريد وضع العدالة المناخية على رأس جدول الأعمال في مؤتمر المناخ هذا العام

GP1T33UE_PressMedia

في إطار مؤتمر المناخ الـسابع والعشرين المقرر انعقاده بمصر، تبحر سفينة منظمة السلام الأخضر “غرين بيس” إلى مصر من الإسكندرية إلى الغردقة ومن ثم إلى شرم الشيخ للمشاركة في مؤتمر المناخ COP27. غرين بيس هي منظمة عالمية غير حكومية تهدف إلى ضمان قدرة الأرض على تغذية الكائنات الحية بكافة أنواعها، لذا تركز على طرح حملات بيئية لها أهداف متنوعة وقضايا عالمية مثل الاحتباس الحراري، الصيد الجائر، التعدي على الغابات ومناهضة القضايا النووية وغيرها من القضايا الهامة.

على الرغم من الجهود المستمرة لغرين بيس إلا أن هناك انتقادات محلية في مصر مثل الغسيل الوردي للحكومة المصرية بسبب رفضهم التوقيع على العرائض السياسية، وعلى الصعيد العالمي هناك اتهامات بتبنيها الفكر المالتوسي (فخ تعداد السكان) الذي ينسب أن التغير المناخي أصله الزيادة السكانية وأنها لا تدعو إلى إصلاح بيئي حقيقي.

Videos by VICE

“غرين بيس هي منظّمة مستقلة سياسيًّا وماليًّا. نحن لا نقبل التبرّعات من الحكومات ولا من الأحزاب السياسيّة أو المؤسسات أو الشركات. بالتالي، نستطيع دائمًا أن نعطي الأولويّة القصوى لكوكبنا. المساهمات الفرديّة، بالإضافة إلى المنح التأسيسيّة، هي مصدر تمويلنا الوحيد. وبالتأكيد نحن منصة مفتوحة للتطوع ونرحب بالجميع،” تقول نهاد عواد، 32 عامًا، مسؤولة الحملات في “غرين بيس” الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من لبنان، التي تحدثت معنا عن أنشطة وخطط المنظمة لهذا العام.

VICE عربية: 36 عاماً على إغراق سفينة “راينبو واريور” ما الذي تمكنتم من إنجازه حتى هذه اللحظة؟  نهاد عواد: أغرقت سفينة راينبو واريور في عام 1985 حين كانت ترسو على ميناء “ويتيما” في أوكلاند بنيوزيلندا، كانت السفينة في رحلة للاحتاج على التجارب النووية التي صنعتها فرنسا في جنوب المحيط الهادئ، حيث تم تفجير لغمان في السفنية مما تسبب في غرقها، طاقم السفينة الذي ضم 11 شخصاً نجوا جميعًا باستثناء واحد منهم وهو مصور برتغالي يدعى فرناندو بيريرا الذي توجه أسفل السفينة لينقذ أدوات التصوير، وحينها أنفجر اللغم الثاني في أسفل السفينة وغرق معها. أظهرت التحقيقات أن بعض العملاء السريين الفرنسيين زرعوا لغمين في السفينة لمنعها من الاحتجاج على التجارب النووية، وبعد فترة اعترفت فرنسا بذلك وقدمت أعتذارًا رسميًا عن التفجير، ودفعت تعويضات وعام 1996 أوقفت التجارب النووية. اسم السفينة “راينبو واريور” جاء تأسيًا بنبوءة كري الهندية “عندما يمرض الناس ويموتون سوف يرتقون مثل محاربي قوس قزح.”

خلال هذه السنوات، تحدّت السفينة الجرائم البيئية، وأجلت مجموعات سكانية بأكملها بعد انتشار النفايات المشعّة في المحيط الهادئ، وعملت على تقديم المعونة الطارئة لضحايا التسونامي الذي ضرب جنوب شرق آسيا عام 2004. كما قامت بحملة ضدّ صيد الحيتان، ودافعت عن المحميات البحرية، وعملت على مكافحة جرائم بيئية أخرى تُرتكب في كل محيطات العالم. نحن سفينة بحثية مزودة بمعدات متخصصة، ومنصة للشباب لرفع الوعي البيئي وأهمية العدالة المناخية، وتسليط الضوء على الآثار المدمرة على تغير المناخ في المجتمعات المحلية.

**ما شعار السفينة لهذا العام؟
**شعار هذا العام هو “معًا للعدالة المناخية” لأننا نعيش حالة طوارئء ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد ارتفاعا بوتيرة أسرع مرتين تقريبًا من المتوسط العالمي، وهي من أكثر مناطق العالم تأثرًا بتغير المناخ، وبدأنا نرى التأثيرات السلبية على أرض الواقع. نرغب بوضع العدالة المناخية على رأس جدول الأعمال في مؤتمر المناخ لهذا العام. هذه الرحلة بحد ذاتها منصة للشباب من حول العالم، ونحن نحاول تعزيز التغيير المنهجي لتحقيق التكيف المناخي والعدالة والحصول على مصادر الطاقة وتعويض الخسائر والأضرار المرتبطة بتغير المناخ بشكل متناسب، لأن هناك الكثير من المتضررين بتغير المناخ وهم من أقل الناس الذين ساهموا في ازدياد وتيرة الانبعاثات والمشاكل البيئية التي نعيش فيها.

**ماذا عن الاتهامات بتلميع صورة مصر؟
**لا تعمل غرينبيس بشكلٍ مباشر على قضايا حقوق الإنسان في المنطقة. نحن نعمل على القضايا البيئية وننظر إلى حقوق الإنسان من خلال منظور التغيير المنهجي لمعالجة أزمة المناخ. تلتزم غرينبيس التزامًا عميقًا بالنضال من أجل العدالة المناخية. ويركّز عملنا على إبراز الطرق المتداخلة التي نسعى من خلالها إلى تلبية متطلّبات العدالة المناخية ومساءلة الحكومات عنها. بالنسبة للإدعاءات بأن غرين بيس متهمة بتلميع صورة مصر،  فهي غير صحيحة وتمثل صورة مشوهة عن حقيقة ما نحن عليه، وعكس العديد من المنظمات الدولية فإن غرين بيس شبكة يقودها أشخاص محليين ولدينا مكتب إقليمي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولدينا وجود مستمر بالعديد من البلدان من بينها مصر.

ما هي الأنشطة التي ستقومون بتنظيمها في مصر؟ بدأنا بمحافظة الإسكندرية وأقمنا حلقة نقاشية مع بعض المتخصصين البيئيين مثل الدكتور حسين أباظة مستشار وزارة البيئة للتنمية المستدامة في مصر، والباحثة هنا البنا، والمدير التنفيذي لـ غرين بيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غوى النكد، وغيرهم من الأشخاص الذين حرصنا أن يمثلوا فئات مختلفة مثل الأكاديميين والمجتمع المدني والمتضررين وغيرهم. نحن الآن في الغردقة في السوق الأخضر الذي تتعاون فيه “غرين بيس مع الشرق الأوسط” مع 10 جمعيات مصرية محلية، هدفها توعية الناس أن هناك بدائل محافظة للبيئة ولتشجيع الناس على المبادرات المحلية.

هل تنشط السفينة في وقت محدد فقط من العام، أم لكم أنشطة مستمرة؟ تُبحر سفينة غرين بيس تحت اسم “رينبو واريور” منذ العام 1978، وتجوب سفينتنا الشراعية الحالية محيطات العالم منذ العام 2011. لذا نجوب في كل العالم سنويًا في أماكن مختلفة في توقيت مؤتمرات المناخ للقيام بالأبحاث.

**ما المختلف بالنسبة لتواجدكم في مصر هذا العام، بعد سنوات من إقامة مؤتمر الكوب في دول غربية؟
**المميز أن مصر من دول الجنوب وبلد أفريقي يعاني من تغير المناخ وهذا يعطي أهمية أكبر للموضوع وتسليط للضوء على حجم المشكلة. هدفنا الحديث عن العدالة المناخية وأنه لا يمكن تحقيقها إذا لم نتوحد كمجتمع عالمي، لإعادة تصور عالمنا بطريقة أكثر عدلاً واستدامة، وتوفير الحماية للأشخاص الأكثر ضعفًا بيننا لأنهم يواجهوا الكوارث كل يوم وحياتهم على شفى الانهيار. من المهم رفع وعي وأصوات الشباب ببلدان الجنوب لأنهم من أكثر البلدان تهميشًا. 

كيف يمكن لمصر والدول العربية التقليل من حجم الانبعاثات الكربونية، والضرر الحاصل من التغير المناخي؟ مع أنّ معظم البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالكاد ساهمت تاريخيًا في تغيُّر المناخ، فمن الممكن والضروري لنا أن نختار مسارات إنمائية تنسجم مع السياق المحلي وتتوافق مع السياق الثقافي وتؤدي إلى الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة. هذه المنطقة غير مرتبطة بالمسار الذي اختارته بلدان الشمال على مدى الخمسين سنة السابقة والذي أدّى إلى الكارثة المناخية التي نواجهها حاليًا.

أصبح التخلّي عن الوقود الأحفوري ضرورةً قصوى لحماية الموارد والحفاظ على حياة كريمة للأجيال المستقبلية كما أنّه حلٌّ آمن لأزمة الطاقة التي تتفاقم باستمرار في المنطقة، ذلك أنّ حوالي نصف سكّان المنطقة لا يحصلون على الكهرباء أو يعانون من انقطاع التيار الكهربائي لفترات مطوَّلة أو يعانون نقصًا في المخزون. من المهم أن نُدرِك أنّ التأثر بتغيُّر المناخ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأشكال أخرى من الظلم الاجتماعي، مثل الظلم في توفير الطاقة، والإقصاء الاجتماعي، والنزاعات، والاضطرابات السياسية.

**ما هي مطالبكم المحددة أو التوصيات الموجهة إلى قادة العالم؟
**يجب أن يضمن المؤتمر السابع والعشرون تمويلاً للخسائر والأضرار للمجتمعات الأكثر تأثرًا في الخطوط الأماميّة لأزمة المناخ. في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في غلاسكو، وعدَ المندوبون بتقديم ما مجموعه 350 مليون دولار لمساعدة البلدان الأكثر تضررًا على التكيّف مع حالة الطوارئ المناخيّة. لكن، لم يتم الوفاء بوعود التمويل في الماضي، كما أنَّ مسألة تمويل جهود التكيّف والمطالبة بالتعويض عن الخسائر والأضرار من جانب الولايات المتّحدة وأوروبا للبلدان الأكثر تأثرًا، تُشكّل نقطة تصادم مع بلدان الجنوب. فالاقتصادات الغنيّة والمُلوِّثة، مثل المملكة المتّحدة والولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي، تُدرك تمامًا حجم الخسائر والأضرار التي تُسببها أنشطتها المُلوِّثة، وما زالت تمتنع عن تقديم الدعم المالي إلى المجتمعات المتأثرة من أجل تصحيح الأضرار التي ألحقتها. حان الوقت لتتحرّك الدول الغنيّة وتُقدّم المساعدة.
التوصيات الموجَّهة إلى قادة العالم في الفترة التي تسبق انعقاد مؤتمر الأطراف السابع والعشرين وما بعده تتمحور حول السعي إلى مستقبل كريم ومزدهر لمنطقتنا والعالم. فالأرواح تُزهَق، والمنازل تُدمَّر، والمحاصيل تتلف، وسبُل العيش تضيق، والتراث الثقافي يُمَّحى، غير أنّ الملوِّثين التاريخيين الذين أسهموا في هذه الخسائر والأضرار يرفضون الالتزام بمبدأ “تغريم الملوِّث.” من حق المجتمعات المتضررة أن تحصل على تعويضات تتمثل في توفير التمويل والتكنولوجيا والمعرفة، ويمكن تحقيق ذلك عبر تمويل إجراءات التكيف التي تضمن مستقبل هذه المجتمعات وتُتيح تنفيذ الاستراتيجيات الموضوعة على أساس علمي ومحلي.