هل تعلم أن النساء هن غواصات أفضل من الرجال؟ هذا بحسب عالمة البحار ماندي شاكلتون، التي درست الأمر لمدة عامين وخلصت فيها إلى أن النساء لسن فقط أكثر هدوءًا ووعيًا بالسلامة من نظرائهن الذكور، ولكن أيضًا أكثر وعيًا ببيئتهن المباشرة.
الدليل على ذلك هو “حورية البحر” إهداء البرواني، أو دي، المدربة النسائية الأولى والوحيدة في اتحاد مدربي الغوص المحترفين في سلطنة عُمان. وجدت إهداء نفسها في دائرة الضوء بعد قيامها بالغوض بالزي العماني التقليدي لإبراز العلاقة التكافلية بين ثقافتها وسلامة المحيطات. تخبرني بخجل: “لم أتوقع كل هذه الاهتمام، لكنني سُعدت به. أنا بالتأكيد لا أرى نفسي كحورية بحر، أرى نفسي أكثر كسلحفاة.”
Videos by VICE
أمضت إهداء طفولتها في مدينة مسقط الساحلية، حيث كانت تقوم بالسباحة خلال كل رحلة إلى الشاطئ: “أنا طفلة وحيدة، لذلك كنت أحاول اختبار حدود ما أستطيع القيام به.” أحد رحلات السباحة أخذت منعطفًا دراماتيكيًا، حيث اضطرت إهداء إلى توجيه ابنة عمها – التي أساءت تقدير المسافة التي تستطيع القيام بها من أجل العودة إلى الشاطئ. تتذكر إهداء: “كانت متوترة، أمسكت برأسي وواصلت دفعي للأسفل. أتذكر بوضوح أنني كنت أتساءل عما إذا كنت سأنجو. استغرق الأمر لحظة لأتمالك نفسي. لا أعرف كيف، لكنني تمكنت من تهدئة ابنة عمي والسباحة معها للشاطئ.” إهداء كانت في التاسعة من عمرها فقط.
اليوم، تعزو الفتاة البالغة من العمر 34 عامًا، الراحة التي تجدها في الماء إلى تكوين الكيس الأمنيوسي (الكيس المملوء بالسوائل والذى يحمل الجنين فى الرحم): “لقد خُلقنا عمليًا من الماء، وهذا هو سبب شعورنا بالذعر من المياه مع تقدمنا بالعمر. الأطفال في الواقع يرتاحون تمامًا في الماء، لذا فإن التعرض للمياه في وقت مبكر من عمرنا هو أمر ضروري.”
قامت إهداء بتأسيس مدرسة Aura Divers، مركز غوص السكوبا الوحيد المملوك للنساء في عُمان في عام 2019 بهدف تمكين المزيد من النساء من الغوص، مما يجعلها رائدة أعمال في هذا المجال. وتشير أنها لا تنزعج من بعض المسميات: “تساعد أسماء مثل “الغواصة” أو “رائدة الأعمال” في إنشاء مجتمع ومساحة آمنة للنساء المهتمات بالغوص، ولكنهن لا يشعرن بالراحة للقيام بذلك أمام الرجال. أتفهم النساء اللواتي يفضلن عدم تحديد النجاح بالجنس، أو بكونها إمرأة، ولكن في بعض الحالات من المهم الإشارة إلى ذلك، وخاصة حين يتطلب الأمر شجاعة من المرأة لتحدي الدور الذي تم تحديده لها من قبل المجتمع.”
بالحديث عن المجتمع، كان هناك الكثير من الآراء المعارضة: “ما زلت التقاليد تتحكم بالكثير من خياراتنا، كان هناك رد فعل عنيف من قبل البعض على طبيعة عملي. أنا ليبرالية إلى حد بعيد، وهو ما لم يعتاد عليه بعض الرجال، وغالبًا ما أجدهم يتطوعون لتعليمي كيفية إدارة عملي – أعتقد أنهم يطلقون على ذلك مانسبلينينغ (التنظير الذكوري). وتضيف: “اخترت تجاهل هذه الأمور وعدم التسليم بها، أفضل أن أختار معاركي.”
بالنسبة لإهداء الحفاظ على البيئة البحرية هو في أولوية اهتماماتها. تضفي مدرسة الغوصAura Divers على كل مغامرة تحت الماء عنصرًا تعليميًا، حيث يتم يشجيع الغواصين على جمع النفايات البحرية مثل القش والأغطية البلاستيكية. وتقول إهداء: “هدفي على المدى الطويل هو التركيز على الحفاظ على البيئة. لدى سلطنة عُمان طريق لتقطعه عندما يتعلق الأمر بنشر الوعي، لكنني آمل أن يأتي عدد كافٍ من الأشخاص إلى مركز الغوص بعد 10 أو 15 عامًا من الآن لتعلم الغوص وللتعرف على النظم البيئية للبحار بشكل أقرب.”
تعتمد إهداء في تدريبها على نظام التدريب PADI الذي يركز على تعليم الغوص وبنفس الوقت تقديم المهارات والمعلومات المتعلقة بالسلامة والمعرفة البيئية المحلية للغواصين الطلاب على مراحل متدرجة.
“تركز PADI بشكل كبير على الغوص المستدام وحماية المحيطات، وقد أدرجت هذا في تدريسي لأن كل شيء علمني إياه مرشد الغوص كان حول تقليل التأثير البيئي مثلاً: السباحة بيديك بالقرب من جسدك حتى لا تصطدم بأي شيء، وتأكد من أن زعانفك نظيفة ومرتفعة حتى لا تلحق الضرر بالشعاب المرجانية. ثم هناك أشياء أكبر، مثل تجنب شباك النايلون لأنها لا تتحلل.”
يؤدي الحديث عن الاستدامة حتماً إلى نقاش حول تنبؤ مزعج، لا سيما أننا نحتفل اليوم باليوم العالمي للمحيطات، حيث يحذر :text=World%20Ocean%20Day%20belongs%20to%20all%20groups%2C%20collectively%20everywhere.&text=World%20Ocean%20Day%20helps%20unite,a%20healthy%20ocean%20and%20climate.” target=”_blank” rel=”noopener”>Conservation Action Focus “التركيز على العمل بالحفاظ على الطبيعة” وتحديد هدف يضمن تغطية المناطق المحمية بنسبة 30٪ من الأراضي والمياه العذبة والمحيطات بحلول عام 2030.
وتقول إهداء: “عندما نتحدث عن الحفاظ على الطبيعة، لا أعني أننا سنتوقف تماماً عن استخدام البلاستيك. نحن بعيدون جدًا عن هذا المسار، فكل شيء نستخدمه مصنوع من البلاستيك، لكن ما يمكننا فعله هو تقليل الضرر.” وأنت لست مضطرًا إلى انتقاء القمامة من قاع البحر للحفاظ على البيئة، كما تشرح: “من المهم التركيز على الإجراءات اليومية الصغيرة. يمكنك التطوع لجلسات تنظيف الشاطئ، ومراقبة كمية المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام التي تستهلكها.
أيضًا، ضع في اعتبارك المكان الذي تتخلص فيه من القمامة، وقم بشراء منتجات الوقاية من الشمس الآمنة والتي لا تسبب ضرراً للشعاب المرجانية. هنا في مسقط، نستخدم السيارات لقطع مسافات قصيرة بها، لذا من الممكن أن تركب الدراجة للوصول إلى المتجر القريب الموجود في ناصية الشارع. هناك اعتقاد يقول بما أن عُمان بها عدد قليل من السكان، لذلك لا يكون لأفعالنا تأثير. لكن هذا ليس صحيحًا – كل خطوة تصنع فرقاً.”
شغف إهداء بالبيئة يصاحبه شغف بالحيوانات البحرية، فهي تشبه أسماك القرش whale sharks – على فكرة إنهم بحجم الحافلات المدرسية – بالجراء الصغيرة. وتقول: “أسماك القرش كبيرة ومخيفة، لكنهم فضوليون ويحبون الفقاعات. أقصد الفقاعات الصغيرة التي تخرج من منظم جهاز التنفس الخاص بك عند الغوص. ستجدهم يتساءلون عن هذه الفقاعات، وطالما أنك لا تقوم بلمسها، تحب أسماك القرش أن تسبح للأعلى للسماح للفقاعات بدغدغة بطونها.”