بدأت القصة من تعليقات أمها على أنف أختها “الكبير” وضرورة أن تعمل عملية لتصغيره. وعندما قامت كريستينا عتيق بالدفاع عن “منخار” أختها “الحلو” وقالت لأمها: “بس بيي عنده نفس المنخار، ليش ما بتقول له شي،” كانت إجابة والدتها: “مش حلو هالمنخار لبنت.” ومن هذه الإجابة، بدأت كريستينا بالتفكير بسلسلة رسومات “مش حلو لبنت،” والتي تعبر عن التعليقات التي تسمعها كل فتاة عربية في حياتها اليومية.
“لقد تم إخبار كل امرأة أعرفها بما يجب أن تفعله: كيف تحكي، كيف تلبس، كيف تمشي، كيف تعيش..” تقول كريستينا، 26 عاماً، وتضيف: “وكأنه البنات ما عنا خيار، اختي مثلاً ما عندها مشكلة بمنخارها، بس الماما عندها مشكلة بمنخار أختي. وهيك في كتير ناس. دايما بنسمع تعليقات انو مش حلو لبنت تعيشي لحالها، مش حلو تضهري مأخر بالليل، في مليون شغلة، مش حلوة لبنت، عندي قائمة طويلة جداً.”
Videos by VICE
كريستينا التي درست التصميم الغرافيكي في الجامعة الأميركية في بيروت، لم يكن التصميم الغرافيكي خيارها وحلمها الأول. فقد كانت تحلم في طفولتها بأن تقود طائرة، فوالدتها كانت مضيفة طيران: “كنت قد حفظت بالفعل جميع أجزاء الطائرة من الموسوعة، وكنت مقتنعة أنني جاهزة لهذا التخصص، ولكن والدتي أخبرتني أنه هذه المهنة ليست للنساء وعندما أصريت على أنني سأغير ذلك، قالت لي أنهم لن يقبلوني اذا تقدمت. هيدي كانت أول خيبة أمل، وقتها عرفت انو تكوني بنت شي صعب ومختلف.”
انتقلت كريستينا من الحلم بالطيران إلى عالم الأفلام والصورة، وبمساعدة والدها تعلمت التصوير الفوتوغرافي، ولكنها ترددت بدراسة الإخراج السينمائي: “كنت كتير بستحي، لقد تعلمت في مدرسة كلها بنات وهيدا الشي كان له أثر سلبي وإيجابي على شخصيتي. خفت أن لا تساعدني شخصيتي وعدم ثقتي الكبيرة بنفسي على دخول عالم السينما، وقررت الذهاب إلى التصميم، أحببت الرسم، ووجدت نفسي في هذا المجال.”
تركز كريستينا في رسوماتها على الهوية، بما يعنيه أن يكون المرء لبنانياً، وعربياً وخاصةً أنها درست في مدرسة لم تكن اللغة العربية أساسية فيها:”أشعر بالذنب لأن لغتي العربية ليست قوية، مع أني كتير بحب اللغة العربية. تشكل الثقافة الغربية جزءً كبيراً من ثقافتنا الآن لدرجة أنني أشعر أن هوياتنا العربية في طريقها للتلاشي، أو أنها تلاشت في بعض الأماكن،” تقول كريستينا بلغة عربية سليمة ممزوجة بالانجليزية.
الأمر الآخر الذي تركز عليه كريستينا كما هو واضح من رسوماتها، هو المرأة. “يهمني الدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع. ودائما ما كان لدي العديد من الأسئلة التي حاولت ولازلت أحاول فهم أساسها وخلفيتها، مثلاً لماذا يتم النظر للنسوية بطريقة سلبية؟ لماذا تعامل المرأة على أنها جنس أدنى؟ لماذا تصمت النساء على التحرش والعنف؟ لماذا لدى النساء تصور سلبي عن الجنس؟ ليه بخاف امشي في الشارع بتنورة؟ أكيد هيدا ما بنطبق عل الكل، بس تلات ارباع الي بعرفهم هيك. هذه هي الأمور التي تعنيني وأفكر بها، وأحب أن أرسمها، علشان ضهرها من حالي وأخلق حولها نقاش، وهذا ما تحاول سلسلتي مش حلو لبنت التعبير عنه.”
المرأة في رسومات كريستينا، تحمل عدة أوجه، مرات قوية ومتسلطة، وأوقات بالعكس حزينة وضعيفة. لا ترى كريستينا أنه يجب وضع المرأة في إطار واحد، فالمرأة تجمع كل من القوة والضعف والقسوة والحنان في شخصية واحدة. وهذا ربما ما يفشل البعض في نقله فيما يتعلق بالرسم والتصميم الغرافيكي والإعلانات حيث يتم وضع المرأة في أغلب الأحيان في صورة واحدة تظلم صورتها الأخرى. “عندما بدأت بنشر رسوماتي لم أتوقع هذا الحب والدعم. كتير بنات تواصلوا معي عندهم ذات المشاكل، بنات من بلدان عربية وأوروبية، مبسوطة انو الرسومات عم تخلق نقاش، ممكن في بنات بتستحي تحكي مع صحابها عن شعر جسمها، بس انو بتبعت هاي الرسمة، وبتخلق فرصة لنقاش الموضوع، يمكن.”
كريستينا لا تخفي إيمانها بضرورة تغيير الأفكار والصور المجتمعية الجاهزة التي تحد من المرأة: “تصوير النسوية كشيء متطرف راديكالي ويكرهن الرجال وما إلى ذلك نابع من وجود الكثير من الناس الذين لم يعتادوا على مطالبة النساء بحقوقهن. أنا نسوية، أكيد نسوية، أنا مع المساواة بين الجنسين، في محل للاثنين، كمان في أشياء كتير الرجال ما بيقدروا يعملوها، ممكن هاي تكون فكرة مشروعي القادم،” تقول كريستينا.
جميع الرسومات من سلسلة “مش حلو لبنت.” باقي الرسومات من هذه السلسلة التي تم العمل عليها لـ Retrieving Beirut موجودة على انستغرام كريستينا عتيق