كلّما شتموا شعري كلّما أحببته أكثر

كلّما شتموا شعري كلّما أحببته أكثر

“أتعرض إلى شتائم كثيرة وتهم أكثر بسبب شعري، ولكن بالنسبة لي كلما شتموا شعري كلما أحببته أكثر،” يقول عمر دبور، طالب الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد. عمر ليس الوحيد الذي يتعرض لانتقادات بسبب شعره. سألنا شباب عرب عن المواقف والمشاكل التي يتعرضون إليها بسبب شعرهم الطويل الذي لا يزال البعض يراه غريباً.

عُمر دبور، 21، العراق

VICE عربية: عرّفنا عنك أكثر، وعن قصّة تسريحة شعرك ورأي المجتمع بها.
عمرو دبور: منذ أربع سنوات لم أحلق شعري. قد يرى البعض أنّ تسريحتي ناتجة عن كوني فناناً مسرحيّاً، وبالتالي أحتاجه لبعض الأدوار، لكنّ الحقيقة أنّي شخص يحبّ شعره، وليس للمسرح أي تأثير في إطالته أبداً. أطلق أصدقائي عليّ تسمية “دبور” لتشبيهي بشخصية الممثل المصري أحمد مكي في فيلم “إتش دبور” الذي أنتج عام 2008. ومنذ ذلك الحين أصبحت كلمة “دبّور” أشبه بلوغو أو شعاري الخاص.

Videos by VICE

تصوير مصطفى سعدون والصورة لـ عمر دبور

ما هي أكثر الكلمات التي تسمعها عندما ينتقدك الناس، أو يسخرون من شعرك؟
أسمع كلمات كثيرة، بعضها ساخر، وبعضها بذيء، أنا أشفق على من شتمني لأنّه لم يصل إلى مرحلة ممارسة حريته في اللبس والشعر والدراسة مثلما يريد.

ما هي أكبر مشكلة واجهتك بسبب شعرك؟
بعد حادثة الكرادة الشهيرة في رمضان 2016 التي قتل فيها 350 مدنياً بسبب تفجيرٍ لمحال تجارية، أوقفني رجال الأمن واتهموني بالإرهاب وبأنني على صلة بما حدث من تفجير. كل هذا لأنهم رأوا شعري طويلاً. طلب أهلي مني أن أقص شعري بعد مقتل الفنان العراقي المسرحي كرار نوشي الذي قتل قبل مدّة بسبب تسريحته وملابسه لكنهم كانوا يبدون قلقهم عليّ بشكل مستمر خشية أن أتعرض لاعتداء من أحد يعتقد أن شعري يخالف مبادئه ومعتقداته.

هل منعت من دخول أماكن معينة بسبب شعرك؟
تفاجأت وأنا أهم بالدخول إلى أكبر مول في بغداد (المنصور مول) بالرفض الذي لاقيته من قبل رجل الحراسة المتواجد عند الباب. كان شعري السبب في رفض دخولي إلى المول منذ أكثر من عام ونصف العام. استغربت وأنا أسمع كلمات رجل الأمن: “لدينا قانون ونظام بعدم دخول الأشخاص الذين لديهم تسريحات شعر مثل شعرك.” دائماً ما أتجنب الخروج مع عائلتي. لا أريد أن أحملهم قسوة ما أسمع من كلمات وشتائم وأتجنب السير قرب نقاط التفتيش الأمنية و لا أذهب للمناسبات العائلية ولا لمجالس العزاء.

تصوير مصطفى سعدون والصورة لـ عمر دبور



ما قصتك مع رجال الشرطة؟
في العام 2016 كنت أتجوّل برفقة صديقي في حي الجامعة قبل أن يقول لي ضابطٌ في نقطة تفتيش أمنية جملته الجارحة: “لو كنت والدك لأطلقت عليك رصاصة في رأسك” وتم اعتقالي من قبل رجال الأمن لخمس ساعات داخل سيارة للشرطة العراقية لأنني سألت الضابط: “هل من حقك أن تطلق الرصاص عليّ أو تعترض على شعري. وعندما تم إطلاق سراحي، قال لي الضابط بأنّ كل ما فعله هو من أجلي: “لو أمسكتك الميليشيات لقتلتك، أولاً، لأن اسمك عمر، وثانياً لأن شعرك طويل، ما قمت به أنا خطوة بصالحك.” في العام 2014، كنت في قضاء سامراء التابع لمحافظة صلاح الدين شمال بغداد. كان والدي يقود السيارة ببطء في أحد الشوارع الفرعية، فجأة وضع أحدهم مسدساً على رأسي. كان الشخص الذي رفع السلاح عليّ، أحد المتعاونين المحليين مع الأجهزة الأمنية العراقية في الحرب ضد داعش، فقبل دقائق من وصولنا إلى سامراء كان داعش قد شنّ هجوماً على المدنيين، وبعض عناصر التنظيم كان شعرهم مثل شعري، لذا شكّ بي بأنني منهم.

مهند، 22، الاردن

VICE عربية: هل تتم السخرية من شعرك بالعادة؟
مهند: احب شعري وأرى أنه يتناسب مع شخصيتي ودراستي للفنون الجميلة، ولكن لا يخلو الأمر من تعليقات مزعجة من الناس بعضهم يقول أنه لا يناسب عمري لأنني لم أعد طفلاً او شعرك “كشة كبيرة” ولكن في المقابل هناك الكثير ممن يقول انه “يجنن” (رائع).

الصورة مهداة من مهند



هل واجهت اي مشكلة بسبب شعرك؟
لا اتعرض لإنتقادات كثيرة من الناس، لكنني خسرت صديقاً عندما قال لي “قص شعرك وحاول أن تكون رجلاً” ولكني قاطعته ولم أعد أتحدث معه لأنه يلح كثيراً على أن أقص شعري، ولأنني أعتقد أنه لا يفهمني. في احد المرات سألني شرطي قبل ذلك عن اسمي وبلدي معتقداً بأنني اجنبي، وطلب أن يرى بطاقتي الشخصية. وفي موقف آخر، أوقفني أحدهم في الجامعة وسألني إن كان هذا شعري أم باروكة ثم هددني وطلب مني أن أقصه، رأيته في اليوم الثاني وكان شعري على ما هو عليه، لكنه لم يفعل شيئاً.

هل هناك اماكن تُمنع او لا تحب الذهاب إليها بسبب شعرك؟
نعم لا اذهب إلى بيوت العزاء.

زجزاج، 25، مصر

VICE عربية: عرّفنا عن نفسك، قصة شعرك وهل تعرضت لمضايقات بسببه؟
زجزاج: انا مطرب مصري متخصص في تقديم لون مختلف من الموسيقى الذي يمزج بين الغناء والإنشاد الصوفي، في بدايات إطلاق شعري مطلع الألفية حتى عام 2007 كنت أتعرض لمضايقات وتعليقات مهينة بسبب مظهري، بين اتهامات بالإلحاد وأسئلة من عينة “هو دا شعرك؟ او دي باروكة؟، هو انتى بتستحمى؟َ” تراجع هذا النوع من التعليقات لاحقً وأصبح المجتمع أكثر تقبلًا لمظهري، لم أعد أُواجه بنفس نظرات الاستغراب.

صورة مهداة من محمد مصطفى


هل من موقف طريف حدث معك بسبب شعرك؟
فوجئت في إحدى المرات حين كنت أستقل إحدى سيارات النقل العام بسيدة مسنة تجذبني من شعري ظنًا منها أن مشابك الشعر الصغيرة التي أثبت بها خصلاتي الغزيرة هي شوائب، قبل أن تدرك الموقف المحرج الذي وقعت فيه، وهو الأمر الذي قابلته بالضحك، لتنتقل ضحكاتي إلى جميع ركاب الحافلة الحكومية.



ما الذي تريد أن ينتبه إليه الناس قبل التعليق على شعرك؟
أنا أرى أن مظهري غير المألوف هو بمثابة رسالة ضد التمييز على أساس الشكل والاختلاف التي رصد تعرض الكثيرين لها “لا تحكم على الناس من مظهرهم ولا تقم بتصنيفهم، لقد خلقنا الله مختلفين في الشكل والهيئة والصفات. لو كان القياس على اعتبار الاختلاف لأصبحت القاعدة تشابه جميع البشر “متحكمش على حد من شكله.” اضطُرّرت إلى التخلي عن شعري الطويل بعد التحاقي بالجيش المصري لأداء الخدمة العسكرية وكانت أول مرة اشوف نفسي بدون شعر من سنين طويلة، استغربت شكلي جدًا.” وبمجرد انتهاء فترة التجنيد عدت إلى هيئتي المفضلة التي لم تعد مصدر إزعاج أو تعليقات سلبية، وإنما علامة مميزة وربما محاولة للتمرد وكسر المألوف وفلسفة حياة ورسالة حب وسلام. مرآتي أفعالي لا مظهري.