تظهر الدراسات أن المناطق التي تُفعل في الدماغ نتيجة الألم الجسدي، هي نفسها التي تفعّل إثر الانفصال، على الرغم من غموض العقل البشري إلّا أن العلم توصل لتلك الإجابة المبهمة بالنسبة لنا حين نشعر بالتعب والألم ونشرحه بجملة بسيطة من نوع “قلبي بيوجعني” عند نهاية العلاقة العاطفية.
ماذا لو كانت تلك العلاقة مؤذية وانتهت، بالطبع ستسبب الألم نفسه، لكن مصحوباً بتبعات نفسية كثيرة، ومن الممكن أن تؤثر تلك العلاقة على سير الحياة العاطفية فيما بعد، أو حتى توقفها تماماً. تحدثنا مع نساء مررن بعلاقات أذتهن نفسياً أو جسدياً، لكن حياتهن لم تتوقف عند أحد، وهنا يقدمن نصائحاً لكيفية عيش علاقة جديدة.
“تعفنت ساقي، فبترتها” بهذه الجملة تشرح سمر، 33 عاماً، تعمل كأخصائية تغذية، نهاية علاقتها الأولى والتي استمرت لسبع سنوات، تشاركت فيها مع حبيبها السابق البيت والأحلام والطعام، لكنها تفردت وحدها بالألم.
Videos by VICE
عاشت سمر حلاوة البدايات، قبل اكتشافها ميل شريكها لتفريغ غضبه بها، في البداية كان يصرخ فقط، حتى جاء في أحد الليالي متعباً من مناوبته الليلية في المشفى، ورمى حقيبته بوجهها، ليعود إلى المشفى مع رأس حبيبته سمر المفتوح بجرحٍ تطلب سبع غرزات لوقف نزيفه.
تقول: “بعد الأذية، علينا أن نفهم تماماً استئصال علاقة طويلة، غرست جذورها في حياتنا يتطلب منا شجاعة استئصال أحد أعضائنا، قبل أن ينشر عفنه لباقي الجسد. ربما هذه شجاعة متخيلة لكننا بحاجة لإيجاد هذه الشجاعة فينا لنتمكن من الإنفصال أولاً وفتح صفحة جديدة. سنبكي على أيامنا وذكرياتنا معه، ربما نحتاج أن نعيش القدر الكافي من الحزن لنتطهر من الجرح السابق، ولنتمكن من التأقلم مع الجسد الجديد.”
اليوم سمر، متزوجة من شاب آخر، تصنع ذكريات جديدة وبالنسبة لها النصيحة الأهم، هي التأقلم في البداية مع الجرح وانتظار التعافي، وتضيف: “نحن بحاجة للعيش لفترة لوحدنا حتى التئام الجراح، حتى نعيش حب جديد بدون ندبات صنعها غيره. علينا احترام تجربتنا القديمة وتقديرها بكل مآسيها لنحترم بدايتنا الجديدة، ولنقتنع أنها جديدة تماماً وليست تعويضاً عن الألم السابق.”
ليلى، 29 عاماً، غرافيك ديزاينر، كانت تسمع بعلاقات تتعرض فيها النساء لتعنيف جسدي، لذلك لطالما بحثت عن شريك تثق بأنه لن يفعلها، وفي حال فكّر بفعل ذلك، اختارت شركاء ببنية تسمح لها بالدفاع عن نفسها، لكن كل حرصها لم يحميها من الأذى.
“خرجتُ من علاقة شعرت بها أنني كنت غير كافية، وهذا ما دفعني للدخول بأي علاقة صادفتها، لأثبت أنني امرأة كافية لرجل، لكن سرعان ما عززت تلك العلاقات العشوائية هذه الفكرة. دخلت في علاقات سيئة بسبب نضالي الدائم لإثبات إنني جيدة بما فيه الكفاية، ولكن ما كنت أقوم به كان يثبت العكس.”
تجد ليلى أن الأهم في العلاقة الجديدة “ألا نبحث عن أشباه شريكنا السابق، والتأكد أننا لا نحاول معالجة أنفسنا بالدخول في علاقة جديدة. والأهم علينا محاولة نسيان العلاقة السابقة بكل طاقتنا، لا يمكن التقدم للأمام وأنت لا تزال تحمل ألم الماضي.”
عليا، ٢٦ عاماً، تخرجت مؤخراً من كلية الصيدلة، ولا زالت تتذكر جيداً علاقتها في الثانوية، التي طوّرت لديها آلام القولون العصبي، الذي رافق رعبها خلال العلاقة. “كنت في سنتي الأخيرة في الثانوية، وكان حبيبي السابق يدرس في الجامعة، ارتبطنا شهرين ثم سافر لتتحول العلاقة لكابوس حقيقي، أصبحت العلاقة عبارة عن تحكم، منعني من استخدام أي تطبيق من تطبيقات التواصل الاجتماعي، كذبت عليه وقلت له أنني حذفت الواتساب. في الحقيقة أعدت ضبط إعداداته لئلا أظهر، أخفيت خاصية ظهور الخطين عند وصول الرسالة، وحذفت صورتي، وأصبح كابوسي الدائم الذي يصحيني في الليل من نومي، أن أفتح التطبيق بدون قصد، فأظهر متصلة ويكشف كذبتي.”
تضيف عليا بأنه كان يصرخ ويشتم، ثم يتحجج بأنه لا يتحكم بغضبه ثم يعود ليعتذر، بالضبط كما يفعل والدها وتضيف: “كنت أعتقد أن هذا شكل الحب، كان يغضب ثم يعتذر، يتجاهلني فأتعود على العيش وحيدة، ثم يقول اشتقت إليك.” بالنسبة لعليا، حاجتها الدائمة للحب، وانعدام الأمان الذي تشعر به، حتى قررت تركه في النهاية.
“تعلمت الكثير من تلك العلاقة،” تقول عليا: “أولاً: شكل الحب الحقيقي ليس بالضرورة ما اعتدنا عليه، سواء في بيوت طفولتنا أو مراهقتنا. الحب لا يعني الأذى. ثانياً: التعويل على العلاقة الجديدة منذ البداية أنها أبدية سيحبطنا، نحن بحاجة أن نعيشها فحسب، دون أن نسعى لاستمراريتها، أو للحفاظ على شكل مثالي للعلاقة، لا يوجد شكل مثالي، يوجد شكل صحي للعلاقة. ثالثاً والأهم: قد لا نعرف دوماً ما الذي نريده، ولكننا يجب أن نكون متأكدين مما لا نريده بالضبط في العلاقة، يوجد الكثير من الوقت لمعرفة ما نريده، لكن الأهم رفض ما لا نرغب به.”
جوى، 30 عاماً، مهندسة اتصالات، وضعت لنفسها مجموعة ضوابط تخبرها لنا، بعد دخولها بعلاقات أذتها نفسياً وجسدياً على مدى عشر سنوات، سعت فيها للبحث عن الحب الحقيقي، والعلاقة المثالية.
بالنسبة لجوى الأهم المحافظة على فريق الدعم الخاص بنا وتقول: “الصديقات خط الحماية الأول. من الجيد استشارة أخصائي/ة أو طبيب/ة يساعدنا على اكتشاف ذواتنا أكثر، وفهم غايتنا من العلاقة الجديدة لندخلها بدون عُقد، ولا جروح سابقة. من المفيد تذكير أنفسنا بما نستحقه فعلاً، قول لا، والتعبير عن حاجاتنا بوضوح حتى لو ترتب عن ذلك نهاية العلاقة. الأهم من كل ذلك أن نتذكر دوماً، نهاية العلاقة لا تعني نهاية الحياة، الحياة تنتهي بموتنا فقط. طالما نحن نتنفس، فنحن قادرات على أن نعطي الحب ونستقبله.”
لنقرأ هذه النصائح مرة أخرى:
- نحن بحاجة لفترة لالتئام الجراح، حتى نعيش حب جديد بدون ندبات صنعها غيره، لذلك علينا احترام تجربتنا القديمة وتقديرها بكل مآسيها لنحترم بدايتنا الجديدة، ولنقتنع أنها جديدة تماماً.
- بعد الأذية، علينا أن نفهم تماماً استئصال علاقة طويلة، غرست جذورها في حياتنا يتطلب منا شجاعة استئصال أحد أعضائنا، قبل أن ينشر عفنه لباقي الجسد. ربما هذه شجاعة متخيلة لكننا بحاجة لإيجاد هذه الشجاعة فينا لنتمكن من الإنفصال أولاً وفتح صفحة جديدة.
- يجب أن نتوقف عن البحث عن أشباه شريكنا السابق، والتأكد أننا لا نحاول معالجة أنفسنا بالدخول في علاقة جديدة. لا يمكن التقدم للأمام وأنت لا تزال تحمل ألم الماضي.
- شكل الحب الحقيقي ليس بالضرورة ما اعتدنا عليه، سواء في بيوت طفولتنا أو مراهقتنا، الحب لا يعني الأذى.
- قد لا نعرف دوماً ما الذي نريده، ولكننا يجب أن نكون متأكدين مما لا نريده بالضبط في العلاقة.
- المحافظة على فريق الدعم الخاص بنا. الصديقات خط الحماية الأول.
- تذكير أنفسنا بما نستحقه فعلاً، قول لا، والتعبير عن حاجاتنا بوضوح حتى لو ترتب عن ذلك نهاية العلاقة.
- نهاية العلاقة لا تعني نهاية الحياة، الحياة تنتهي بموتنا فقط. طالما نحن نتنفس فنحن قادرات على أن نعطي الحب ونستقبله.
* فضلت النساء اختيار أسماء مستعارة حفاظاً على سلامتهن.