شهدت مدينة طرابلس شمالي لبنان في الأيام القليلة الماضية مواجهات بين عناصر مكافحة الشغب والشبان المحتجين على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، بسبب الإغلاق العام نتيجة التدابير الاحترازية التي اتخذتها الحكومة اللبنانية لمواجهة جائحة كورونا. وأسفرت المواجهات عن وفاة شاب وإصابة المئات بجروح. كما أضرم متظاهرون غاضبون النار في مبنى البلدية بالمدينة.
وفرضت السلطات إغلاقًا شاملاً على مدار الساعة منذ الـ 14 من يناير وقد قررت مؤخرًا تمديد هذا الإغلاق حتى الثامن من فبراير. وتأمل الحكومة، من وراء قرارها تمديد الحظر، لمنع انهيار النظام الصحي المتداعي في لبنان.
Videos by VICE
ما هي مطالب المحتجين؟
يتهم المحتجون السلطات بالتخلي عن الناس الأكثر تضررا من تداعيات الجائحة، لا سيما وأن البلد يعيش منذ أكثر من عام أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود. ويحمّل المحتجون الطبقة الحاكمة مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي، وارتفاع سعر صرف الدولار. وتراجعت خلال الأزمة قيمة الليرة اللبنانية، وارتفع التضخم وتم تسريح عدد كبير من الموظفين، هذا بالإضافة إلى استمرار المصارف بفرض قيود صارمة على التعاملات. وكان تدهور الأوضاع الاقتصادية أحد مسببات الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة في خريف 2019 والتي استهدفت كلّ النخبة السياسية المتهمة بالفساد وانعدام الكفاءة.
لماذا طرابلس؟
طرابلس، ثاني كبرى مدن لبنان، كانت أصلاً إحدى أفقر مدن البلاد حتّى قبل أن يتفشّى وباء كورونا، ويعيش أكثر من نصف السكان منذ سنوات عند أو تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة. المدينة التي يعيش فيها 500 ألف، 80 في المئة منهم لا يتجاوز دخلهم اليومي دولارين. وعلى الرغم من أن مدينة طرابلس تضم نسبة كبيرة من أغنياء لبنان ورجال السياسة، غير أنها بحسب البنك الدولي “المدينة التي تحتوي على الأكثرية المطلقة لعدد الفقراء في لبنان.”
خلال أزمة فيروس كورونا، فقد عشرات الآلاف أعمالهم أو جزءا من دخلهم مع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها. كما يوجد قسم كبير من سكّان المدينة، الذين يعملون أعمال يومية، تطبيق الإغلاق العام يعني عدم حصولهم على أي دخل. وقال محمّد البيروتي، الناشط في لجان تتولى متابعة شؤون الفقراء في طرابلس لفرانس برس أن “معظم الذين لا يلتزمون بقرار الإقفال هم من المياومين، أي أنّهم في اليوم الذي لا يعملون فيه لا يأكلون.” وتقدّر وزارة العمل أن المياومين يشكلون نحو 50 في المئة من اليد العاملة اللبنانية. ولا يستفيد هؤلاء من أي تقدمات اجتماعية أو صحية.
حركة الاحتجاج ضدّ الإغلاق العام لم تقتصر على طرابلس، ولكن امتدّت شرارة إلى مدن أخرى تعاني من ذات المشاكل. في العاصمة بيروت، أضرم متظاهرون النار في إطارات سيارات أمام جدار يفصل ساحة رياض الصلح في وسط المدينة عن مقرّ البرلمان. وتشير تقديرات إلى أن نحو نصف سكان لبنان البالغ تعدادهم قرابة سبعة ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، فيما ارتفعت نسبة من يعيشون فقرا مدقعًا من 8 إلى 23 بالمئة.
ليس فقط طرابلس
الاحتجاجات الشعبية ضد القيود الجديدة التي فرضتها الحكومات للتصدي لوباء فيروس كورونا انتشرت في عدة دول في العالم، حيث فرقت الشرطة أو احتجزت مئات المتظاهرين ضد الإغلاق في النمسا وبلجيكا واسبانيا والدنمارك. وغيرها. في هولندا، انطلقت احتجاجات في تحد لحظر التجول الذي فرضته السلطات، وأضرم المحتجين النار في مركز لفحص المصابين بمرض كوفيد- 19.