ولدت ونشأت في القاهرة، ولكن جذوري المصرية لم تكن كافية لتشعرني بالمعنى الكامل للوطن في هذه المدينة. بعد انتهاء دراستي في بوسطن وباريس، عدت مجدداً للقاهرة، ولكن العودة شكلت لدي صدمة ثقافية وهوياتية لعدة أسباب. خلال أزمة الهوية هذه، كانت صديقتي ياسمينة هيفليجر رفيقتي في هذه الرحلة، وتمكنا معاً من استكشاف هذه الأزمة من خلال هذا المشروع، في محاولة لإعادة اكتشاف أنثويتنا وجسدنا بعيداً عن أي صور نمطية.
هذا المشروع بعنوان “ياسمينة” استوحى الكثير من التفاصيل من راقصات العصر الذهبي في مصر مثل تحية كاريوكا ونعيمة عاكف وسامية جمال. لقد قمنا بأخذ عنصر معين من تصميمات ملابس هؤلاء الراقصات، وقررنا إعادة استكشافه بطرق مختلفة، مثل وضعه على البطن أو حول الرقبة. أردنا إحياء تفصيل معين أعطى هؤلاء الراقصات تلك القوة الحسيّة الأنثوية، بعيداً عن تشيء الجسد (Body Objectification) -بالطريقة التي تقوم بها معظم الراقصات في هذه الأيام. كانت الفكرة هي استخراج هذا العنصر من الثقافة المحلية وإعادة تمكينه، أو إعطائه حقه.
Videos by VICE
لقد كان هذا المشروع الشخصي وسيلة لإصلاح المعضلة أو الخلل بين وجهة نظر غربية ووجهة نظر شرق أوسطية، وتحدي الثقافة التي عادة ما تحط من كرامة المرأة وقدرها. لا يتعلق ذلك بالرقص الشرقي فقط، ولكن في جميع تفاصيل الحياة اليومية التي تعيشها النساء العربيات، والصورة المرتبطة “بحاجة” النساء لأن يَكن مثاليات وخاليات من أي عيب بالنسبة للرجال. في هذه السلسلة، أردنا التخلص من جميع هذه الصور النمطية الذكورية، وأن نتعلُم كيف نقوم بنحب أجسادنا من جديد (بما في ذلك شعر الجسم)، وأن نكون مرغوبين لأنفسنا وليس لأي شخص آخر، ودون الحاجة لتقديم تبريرات لأي أحد.
لقد اخترت تصوير هذا المشروع باستخدام كاميرا الفيلم analogue وهو ما مكنني من أن أصبح ناقدةً أفضل لأعمالي وأن أرى نفسي بشكل جديد كمصورة فوتوغرافية. بطريقة ما، عدم القدرة على مشاهدة الصور مباشرة (كما الحال في الكاميرات الرقمية) جعل وجهة نظري أكثر موضوعية عندما أقوم بالنظر للصور التي التقطتها لاحقاً، وهو ما مكنني من إختيار الصور بطريقة أفضل. في النتيجة، تعلمت أن ألتقط الصور التي أحبها فقط، وتلك التي “تستحق” بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
يجب أن أعترف أن التصوير بكاميرا الفيلم ساعدني أيضاً على فهم ما أريد. على سبيل المثال، عندما تختار نوع الفيلم الذي ستنفذ به مشروعك، عليك أن تقرر الألوان والتباين والجوانب الأخرى لصورك. في الصيف الماضي، عملت في معمل التصوير The Darkroom Cairo، وقد شعرت أن هذا الاتصال الحسي مع صوري قد غَيرني كثيرًا. أعتقد أن مجرد التواجد في مكان قائم على التجريب، جعلني أدرك إلى أي مدى قد تكون الصور بكاميرا الفيلم مرنة ومتحررة، وكيف يمكنك استخدام الجانب التقني منها لتناسب خياراتك الفنية.
بالنسبة لهذه السلسلة من الصور، كان هناك الكثير من التجريب سواء فيما يتعلق بالتركيبات والتفاصيل والإضاءة. أعتقد أن التصوير الرقمي كان سيقضي على عنصر المفاجأة بالنسبة لي ولياسمينة. عدم تمكنا من مشاهدة الصور مباشرة بعد تصويرها، جعلنا ندخل في هذا المشروع بدون أي أحكام مسبق، لقد كان الأمر ارتجالياً تمامًا، لقد عشنا اللحظة كما هي، بدون التفكير في شكل النتيجة النهائية.
نجلة سعيد @ncrjournal