حتى عام 2018 لم يكن يسمح للنساء في السعودية حضور مباريات كرة القدم في الملاعب، ولكن أصبح هناك فرق كرة قدم نسائية، وشهد هذا العام انطلاق أول دوري كرة قدم للسيدات على مستوى السعودية. انطلق الدوري في نوفمبر وتم اختيار اللاعبات بعد أشهر من التدريبات المكثفة. وتشارك في الدوري أكثر من 600 لاعبة في 24 فريقًا من الرياض وجدة والدمام، تتنافس على بطولة الدوري.
بالرغم من انشغال اللاعبات بالتدريب وخوض المباريات إلا أني استطعت أن أخطف بعض الوقت من لاعبة فريق جدة إيغليز، أسرار الشيباني، 26 عاماً، بعد عودتها من التدريب للحديث أكثر عن حياتها الرياضية.
Videos by VICE
VICE عربية: حدثيني عن دخولك لمجال كرة القدم ولماذا اخترتها تحديداً؟
أسرار الشيباني: “أنا مهووسة بالكرة ومجننة أهلي فيها.” أغرمت بكرة القدم بعمر الست سنوات، ومن أول لحظة لمست الكرة لم أستطع أن أفلتها. كل ما أذكره من طفولتي أني قضيتها ألعب كرة القدم بالحي، جمعت كل أنواع وأشكال الكرات الجديدة، كنت أحمل الكرة معي في كل مكان. حتى اليوم غرفتي مليئة بالملابس والأحذية الرياضية والكرات التي اشتريتها من صغري. لم أتوقف يوماً عن اللعب وحصلت على عدّة شهادات بالتدريب أيضاً.
في عام 2013 أسست مع صديقاتي فريق كنجز يونايتد وقامت بتدريبنا الكابتن ريما عبدالله لنلعب بشكل منتظم في جدة. مع مرور الوقت ظهرت العديد من الأندية النسائية في جدة، ولعبنا العديد من المباريات الوديّة بروح رياضية. في عام ٢٠١٩، نظمّنا مبادرة دوري جدة النسائي لكرة القدم، وكان من أجمل التجارب الرياضية، وانتقلت بعدها لفريق جدة إيغليز وتم اختياري من أفضل اللاعبات لتمثيل مدينة جدة، وحصلنا على ميدالية ذهبية في بطولة المناطق المحليّة. واليوم ألعب ضمن أول دوري رسمي لكرة القدم وأخوض عدّة مباريات في جدة استعداداً للنهائيات.
هل كنت تتلقيّن أية تعليقات مزعجة كفتاة تلعب الكرة بالحي؟
طبعاً، عندما كنت ألعب بالحي مع أخوتي الصغار “كانوا الشباب ينادوني بالحارة ياسر” بالإضافة للعديد من التعليقات المسيئة. لكن هذه التعليقات لم تؤثر علي أبدا.
درست “العلوم الإدارية” في الجامعة هل فكرّت بالعمل بتخصصك؟
حالياً مُتفرّغة للرياضة تمامًا، عند انطلاق دوري جدة العام الماضي كنت على وشك بدء أول وظيفة لي، ولكن كان دوامي طويل جداً ومرهق. فاخترت شغفي واستقلت كي أتفرغ للدوري، فالتمارين تحتاج لوقت وجهد. أحب الاعتماد على نفسي، وسألتحق بوظيفة تتناسب مع أوقات تمريني بعد الانتهاء من الدوري.
هل تلقيت أي دعم لدخول عالم كرة القدم من العائلة والمجتمع؟
عائلتي أول الداعمين لي، بالرغم من كونهم محافظين إلا أنهم شجعوني و آمنوا بموهبتي وساعدوني على دخول المجال الذي أحبه. هم يحبون كرة القدم ويتابعون المباريات ويشجعون الأندية المحليّة، لكني الوحيدة التي تمارس رياضة كرة القدم ضمن العائلة. على صعيد المحيط الخارجي، لم يكن هناك أي دعم سواء بالمدرسة أو الجامعة وحتى المجتمع. ولكن إصراري على الإستمرار هو ما جعلني لاعبة منتخب الآن.
ما هو شعورك مع انطلاق أول دوري لكرة القدم النسوية في السعودية ومشاركتك فيه؟
هذا الدوري من اللحظات التي عشت من أجلها وانتظرتها طويلاً، بالحقيقة كنت متوقعة حدوث هذه الخطوة بعد التغيير والانفتاح بالمملكة، وبعد تنظيمنا دوري جدة النسائي العام الماضي.
هل هناك دعم حكومي وتشجيع لدخول النساء الرياضة وخاصة كرة القدم وما هي أبرز التحديات؟
لم نحصل حتى الآن على أي دعم من المدرسة أو الجامعة. التحديات المادية هي أكبر مشكلة تواجهنا. “كلشي على حسابنا” نحن كلاعبات من يتولى التمويل شهرياً، نقوم بدفع الرسوم المالية من حجز الملاعب، رواتب المدربين والأطباء، وتكاليف علاج الإصابات الخطيرة، وحتى أكلنا ولباسنا. وهذا مكلف جداً. بعض اللاعبات في الفريق. لا يزلن طالبات أو لا يعملن، ولا قدرة لهن على دفع التكاليف، فنحاول بيننا كفريق مساعدتهن حفاظاً على روح الفريق والاستمرارية. دوري جدّة الذي أٌقيم العام الماضي قمنا بتنظيمه بعد الحصول على الموافقة من الاتحاد الكوري، ولكنه كان على نفقتنا الشخصّية بالكامل.
ما الذي يجب أن يتغير في عالم كرة القدم النسائية في السعودية؟
أتمنى أن تُصبح رياضة كرة القدم النسائية بالمملكة وظيفة رسمية ونتقاضى عنها أجراً، كحال اللاعبين في الأندية الشبابية السعودية. لقد قدّمت الأندية النسائية مبادرات للبحث عن رعاة ولم نحصل على استجابة، ولا نزال لا نملك رعاة رسميين حتى اليوم. لدينا حوالي عشرة أندية نسائية، وهي نسبة عالية مقارنة بباقي المناطق. ولكن أتمنى أن نجد من يؤمن بنا ويدعمنا ويشجّعنا مادياً ومعنوياً.
حدثيني عن تفاصيل روتينك الرياضي؟
حياتي عبارة نادي وكرة، الفترة الماضية كانت مرهقة جداً فقد كنت أتمرّن 6 أيام بالأسبوع لثلاثة أشهر، أما الآن فأتمرن 3 أيام بالاسبوع بمعدّل ساعتين يومياً، تتنوع بين تمارين اللياقة الجسدية ورسم خطط وتكتيكات اللعب. أنا حريصة على النوم لمدة ثمان ساعات يومياً، وأكل وجبات صحيّة جداً بإشراف طبيب خاص على نوعية غذائي.
من تشجعين محليّاً وعالمياَ ومن لاعبتك المفضّلة؟
أنا اتحادية بكل تأكيد، وأحب اللاعب محمد نور، عالمياً أشجع ريال مدريد وأحب نيمار، لاعبتي المفضلة ستكون سعودية بلا شك، أنا بانتظار تشكيل فريق منتخب نسوي سعودي يصل للعالمية لأشجع لاعبة وطني وأفتخر بها.
حدثيني عن أجواء الدوري الأول؟
متفائلة بهذه الخطوة كونه أول دوري يُنظّم رسمياً وسيعرّف الجمهور علينا، وسيحدث فارق كبير في مسيرتنا. تجري البطولة بنظام المجموعات في الدور الأول، ونظام خروج المغلوب في الدور الثاني في كل من المنطقة الشرقية، والرياض، وجدة. لعبت حتى الآن مباراة واحدة فاز فيها فريفنا على فريق ميراس 5-1، تبقى 3 مباريات. الفريق الفائز سيحصل على جائزة مالية بقيمة 500 ألف ريال سعودي. همتي عالية جداً وسنبذل كل جهدنا لرفع اسم جدة عالياً. ولكن أفتقد لتشجيع والدتي وأختي بالمباريات، تحب والدتي مشاهدتي أثناء اللعب وترافقني بكل مبارياتي، لكن مع الأسف لم تتمكن حضور الدوري، بسبب منع حضور الجمهور والتصوير. تمنيت وجود جمهور حقيقي يشجّعنا لأخذ الطاقة والحماس منهم.
نصيحة أخيرة؟
أشجع كل النساء على ممارسة الرياضة كأسلوب حياة مهما كانت أعمارهن. ممارسة الرياضة أصبحت أسهل اليوم مع الاهتمام الكبير بالمجال الرياضي مؤخراً وتفعيل الرياضة بمدارس الإناث وإقامة أندية وصالات وبطولات لرياضات متنوعة. النساء قادرات على تحقيق ما يردّن حتى ضمن بيئة محافظة. “إذا حبيتي الشي رح تبدعي فيه. وباختصار “كلام الناس مابيودّي ولا بيجيب.” لو أخذنا بجديّة كل تعليق مسيء يُقال عنا لن نصل إلى أي مكان.