“أرغب أن يعلم الجميع أن المرأة المسلمة يمكن أن تكون الاثنان مسلمة وتقدمية وناجحة ومحترفة،” هكذا لخصت نسيبة محمد تيمول مشروعها في الحياة أن تكون نموذج مختلف للمرأة المسلمة التي تسعى لخلق جسر من التقارب بين الثقافة الغربية والمجتمع المسلم.
نسيبة، 28 عامًا، هي فنانة متعددة التخصصات؛ قارئة للقرآن الكريم، مصممة أزياء ورائدة أعمال في مجال التعليم حيث أسست أول مدرسة للفنون الإبداعية الإسلامية في العالم تسمىWAW Creative Arts. تعلمت نسيبة قراءة القرآن في دار الفرقان بالمملكة العربية السعودية وأكملت دراسته بالمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (IESH) في فرنسا. كما درست تصميم المنسوجات والأزياء في جامعة الفنون الإبداعية بالمملكة المتحدة، حيث تعيش الآن.
Videos by VICE
صُنفت نسيبة كواحد من أكثر 100 مسلم إلهامًا في المملكة المتحدة من قبل شبكة Emerald ورُشحت مؤخرًا لجائزة نموذج الدور الإيجابي (العرق والإيمان والدين) في حفل جوائز التنوع الوطني بإنجلترا. تمكنت نسيبة من وضع بصمة قوية في عالم التلاوة القرآنية الذي يسيطر عليه الرجال، وتحظى بمتابعة الآف عبر حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي. تحدثنا مع نسيبة لنقترب أكثر من مشروعها الديني والفني.
Vice عربية: سلام نسيبة. بداية، أخبريني كيف اتجهتِ لعالم تلاوة القرآن؟
نسيبة محمد تيمول: وُلدت ونشأت في المملكة العربية السعودية ثم انتقلت إلى المملكة المتحدة في سن التاسعة. أثناء تواجدي في السعودية تعلمت تلاوة القرآن الكريم مع أحكام التجويد. كانت والدتي مُعلمة معروفة للقرآن الكريم في السعودية، وتمتلك وتدير مدرسة لتدريسه في المملكة، وكان من الطبيعي بالنسبة لي أن أنمو في أجواء التربية الإسلامية وأتعلم أهمية تلاوة القرآن بشكل صحيح مع التجويد منذ الصغر.
في سن 13 عامًا فزت بمسابقة كبيرة للقرآن، وبدأت بتلاوة القرآن بمناسبات عديدة. خلال ذلك الوقت تلقيت الكثير من الدعم والنقد، فقد كانت تلك المنطقة غير مطروقة لكثير من الفتيات في ذلك الوقت، فلم تكن هناك قارءات نساء في التلفزيون أو في المجال العام. ولكنِ كنت مدركة دائمًا أن الله أعطاني موهبة الصوت مع مسؤولية الوصول إلى أكبر عدد من القلوب. هدفي بعد المسابقة وحتى يومنا هذا هو تركيز طاقتي لإلهام الجيل القادم وإحداث تغييرات إيجابية في المجتمع الإسلامي والعالم بأسره.
صحيح. عالم التلاوة النسائية في عالمنا العربي مُثير للجدل على اعتبار أن صوت المرأة عورة وعدم جواز قراءتها للقرآن في العلن أمام الرجال.
أنُزل القرآن للنساء كما نزل للرجال. نحن كنساء لنا حقوق متساوية للوصول إلى القرآن مثل الرجال. هناك عدة تفسيرات للآية القرآنية (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً. الأحزاب:32) التي وَلَدت فكرة أن تلاوة القرآن جهرًا حرام على المرأة. لا يوجد ذِكر محدد أن تلاوة النساء للقرآن الكريم بصوت عالٍ أو علنًا حرام، خاصة أن هناك الكثير من عالمات ومُعلمات للقرآن في التاريخ الإسلامي اللواتي علَمن الرجال. أنزل الله القرآن على البشرية جمعاء ليقرأوه ويفهموه ويمارسوه ويشاركوه. جعل تلاوة القرآن على الملأ حرامًا على المرأة، يؤدي لإقصاء النساء ومنعهم من تحقيق هذه الرسالة السماوية . هذا الحرمان يُشعر النساء المسلمات بالتهميش وأن القرآن ليس لهن، أو في متناولهن وهذا ليس صحيحًا بكل تأكيد. نحن المسلمات، نحتاج لأن نكون القدوة النسائية في المستقبل مثل النساء اللواتي كن موجودات ومؤثرات في التاريخ الإسلامي.
سنة 1934 انطلقت أول قارئة للقرآن بالإذاعة المصرية منيرة عبده، وسبقتها الشيخة كريمة العدلية والشيخة أم محمد. ولكن اختفت النساء من هذه المهنة فيما بعد. لماذا أصبح عالم التلاوة أصبح ذكورياً فقط.
أكد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الكثير من الأحاديث النبوية على دور المرأة الأساسي في المجتمع، ولكن يبدو أننا إما قد نسينا أو أغفلنا الأمثلة التي وضعها نبينا صلى الله عليه وسلم لصالح الممارسات الثقافية المحلية. أنا متحمسة للتعامل مع هذه القضية داخل المجتمع المسلم، وأرغب بأن أكون قدوة نسائية في مجال تلاوة القرآن. يبدو لي أنه بمرور الوقت حلت عادات وتقاليد الثقافة المحلية محل التعاليم التاريخية – يبدو الحال كذلك في مصر- كما ذكرتِ.
أنت لست قارئة فقط للقرآن ولكن تقومين بتدريسه.
بعد فوزي بالمسابقة في سن الثالثة عشر، أصبح هناك طلب كبير على تعلم تلاوة القرآن من قبل الفتيات والفتيان، لذلك بدأت التدريس في دار الرحمة بالمملكة المتحدة وعلى الإنترنت من سن 14. مع تزايد عدد طلابي بدأت بالتدريس بالطريقة الفردية (1-1) وتوجيه المتسابقين الشباب للانضمام إلى نفس المسابقة التي شاركت فيها. ثم أصبحت الفصول الفردية 1-1 تزداد شعبية بسبب طبيعتها الفريدة. لا أُدُرس كيفية التلاوة باستخدام التجويد الصحيح فحسب، بل أُعلم طلابي أيضًا كيفية استكشاف أصواتهم حتى يتمكنوا من التلاوة بلحن متناغم وصوت جميل. ومؤخرًا وصل عملي إلى جمهور جديد خارج العقيدة الإسلامية، فحاليًا اقوم بتدريس بيتر أوبورن وهو صحفي ومذيع بريطاني بارز.
هل تعرضت لانتقادات لكونك تتلين القرآن بملابس عادية؟
للتوضيح، أنا لا أقرأ القرآن بملابس “كاجوال.” ارتدي دومًا ملابس متواضعة ومحتشمة تدل على احترامي لكلام الله- وهي تغطي شعري وجسدي. لا يوجد في الإسلام أي شرط يخص ارتداء الملابس الملونة وأنه يجب علينا كنساء ارتداء الأسود فقط، وبالتأكيد لا توجد قيود بشأن ارتداء المرأة العباءة/الجلباب. وهذا الأمر ينطبق كذلك على الرجال، فليس هناك ثوب محددًا لتلاوة القرآن. مرة أخرى، هذا تفصيل ثقافي بالكامل.
ولكن يبدو أنك وجدت علاقة بين عملك في عالم الأزياء والموضة وتلاوة القرآن؟
لا يوجد رابط مباشر بين عملي في الموضة وتلاوة القرآن، إلا أنني أراه مرتبطًا بالعقيدة الإسلامية بشكل عام. قد ينشأ الجدل بفعل عادات الناس الثقافية وتقاليدهم وتوقعاتهم السلوكية للآخرين. بالنسبة لي؛ هناك نتيجة إيجابية في تسليط الضوء على المؤثرين الأساسيين في رحلتي (الموضة وتلاوة القرآن) تتمثل بإلهام الآخرين للتعرف على الإسلام.
يُترجم شعوري الإبداعي الطبيعي إلى إحساس أزياء أكثر انتقائية. شخصياً، أغطي شعري بربطة رأس عكس الوشاح التقليدي، مع ارتداء ملابس علوية ذات رقبة عالية لتغطية رقبتي. هذا أسلوبي وهو أمر شخصي للغاية، ويجب أن يكون للمرأة المسلمة حرية اختيارها أسلوبها الشخصي في ارتداء الأزياء طالما أنها متواضعة ومحتشمة وتحترم الدين.
لقد عملت مع العديد من العلامات التجارية في صناعة الأزياء المحتشمة، كمصممة ومنتجة. واستخدمت شعبيتي لخلق مساحات آمنة للمحادثات حول الإسلام ولإبراز القيم المشتركة في الأديان والتي يمكن أن نأخذها من الإسلام، مما يساعد على توحيدنا. من المهم في عالم وسائل التواصل الاجتماعي التركيز على هذه الأمور حيث يُساء فهم المسلمين باستمرار. وهذا ما ألهمني لافتتاح مؤسستي الإبداعية WAW Creative Arts وهي أول مدرسة فنون إبداعية إسلامية في العالم، لتدريس القصص القرآنية والتاريخ الإسلامي من خلال وسائل إبداعية مثل الدراما والغناء (صوتي فقط) والفنون.
يبدو أنك تسعين لتقديم صورة معاصرة للمرأة المسلمة.
صحيح، لقد كرست مراهقتي وشبابي لبناء جسر بين الثقافة الغربية والمجتمع الإسلامي، لإظهار ما يعنيه حقًا أن تكون مسلمًا وبالأخص ماذا يعني أن تكوني امرأة ومسلمة. كانت وسيلتي للقيام بذلك هي مشاركة حكمة القرآن وكلماته بالتوازن مع مشاركة مساعيَ المهنية في مجال الأزياء والتعليم. أرغب أن يعلم الجميع أن المرأة المسلمة يمكن أن تكون الإثنان مسلمة وتقدمية وناجحة ومحترفة. أنا أتحدى القوالب النمطية حول المسلمين والمسلمات في مدرستي الإبداعية WAW والتي يعني اختصار الحروف فيها: “من نحن؟who are we. نحن الجسر بين الإسلام والمجتمع الحديث حيث نوضح كيف أن القيم الإسلامية مشتركة عبر الأديان المختلفة ويمكن أن تعمل بمثابة وعاء للوحدة والسلام.
حدثيني أكثر عن أهدافك ورسالتك من تأسيس المدرسة WAW؟
في مدرسة WAW ونطقها بالعربية “و” هدفنا هو تحفيز طلابنا ليصبحوا أكثر تعبيرًا وثقة بالنفس وأهلًا للتعامل مع تحديات الحياة داخل المدرسة وخارجها، جميع الفصول الدراسية قائمة على أُسس الدين بهذا تتوافق مع المبادئ الإسلامية. وتتركز الموضوعات التي يتم تناولها في دروس الدراما والغناء الصوتي على الأحداث والقصص الإسلامية التاريخية المستمدة من القرآن الكريم. كما تغطي دروس الفن موضوعات مثل الخط الإسلامي والهندسة وتطور الفن المتأثر بالإسلام.
تفتح المدرسة أبوابها لجميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 14 عامًا، من جميع الجنسيات والأعراق والخلفيات الدينية. تُعلم مدرستنا القيم المشتركة بين الأديان للأطفال من جميع الأديان. نقوم أيضًا بالعديد من أعمال التوعية المجتمعية لأشخاص من مختلف الأعمار. كما أقمنا مؤخرًا مهرجانين عبر الإنترنت، حيث جمعنا المبدعين المسلمين المؤثرين من جميع أنحاء العالم معًا، لتبادل المهارات والتحفيز وقضاء وقت طيب مع المشاركين من مختلف المجتمعات.