“يا أم المطاهرة طفي الشمع عشر مرات، لمقامها الطاهر اسقي البن بدل شربات، يا عروسة يا حلاوة علقة تفوت، والكل يعيش ويعيش مبسوط .. فرحتها تموت.” هذه الكلمات لأغنية من توقيع فرقة “البومة” التي أطلقت أول ألبوماتها “مزغونة” قبل عدة أيام.
“البومة” فرقة نسوية مصرية، تنتج أغاني مبنية على التجارب الحياتية التي تعيشها النساء في الواقع المصري. ويضم ألبوم “مزغونة” تسع أغاني وهي نتاج مشاركة 34 ست، في ثلاث ورش حكي، نظمتها الفرقة لنساء الصعيد في الفترة ما بين أغسطس 2016 – فبراير 2017، في قرية أبو غرير بالمنيا، وقرية دير درنكة بأسيوط، وفي أسوان، حيث تقوم الفرقة بإعادة إنتاج تلك الحكايات في شكل أغنيات تستوحي كلماتها من الواقع في قالب تراثي حينًا ومعاصر أحيانًا.
Videos by VICE
حاورت مُؤسِسِتا الفرقة مارينا سمير، ٢٧ عاماً، ومريم سمير، ٢٣ عاماً، في مقابلة مطولة مع VICE عربية؛ وهن مُغنيات، مُؤلفات، مُلحنات وموزعات عبر لقاء من خلال منصة زووم، تحدثنا عن الإنتاج الموسيقي النسوي، وتحديات التمويل وهل الفن خاضع للتصنيف أم لا وغيرها من المحاور.
Vice عربية: مبروك تأسيس فرقة “البومة” بإطلاق ألبومها الأول “مزغونة.” فلنبدأ بتلك الأسماء الغريبة. ما الحكاية؟
مارينا: تحمل “البومة” ثقافيًا دلالات سلبية، حيث يُشار إليها دائمًا على أنها تجلب سوء الحظ. ويُقال للنساء العابسات مثلاً “ابتسمي لا تكوني مثل البومة.” لكن في الواقع، البومة مخلوق رائع يتمتع بخصائص غير عادية: يمكنها إدارة رأسها والرؤية من جميع الاتجاهات، ولديها حاستي سمع ورؤية قويتين، فترى في الظلام وتسمع أضعف الأصوات، وبإمكانها كذلك أن تفترس حيوانات أكبر منها. وهكذا نأمل أن نكون: أن نسمع الأصوات الخافتة ونعبر عنها، أن نرى حتى في الأوقات المظلمة، وأن نفترس نظامًا أبويًا راسخًا أكبر منا بكثير. “مزغونة” هو الإسم القديم لقرية أبو غرير في المنيا، وعندما سألنا السيدات عن معنى الإسم، قالولنا بالنسبة لهم معناه “مزغودة” يعني الست اللي حد بيزغدها ويسكتها. وشعرنا أنه سيكون عنوانًا لطيفًا للألبوم لارتباطه باسم أول قرية نظمنا فيها ورشة حكي.
شاركتما في تأسيس فرقة “بنت المصاروة” هل نعتبر “البومة” نسخة محدثة لها؟
مارينا: البومة” هي امتداد لفرقة” بنت المصاروة.” ويمكننا القول بأن البومة هي بنت المصاروة في ثوبها الجديد. كنا (أنا ومريم) عضوات بـ”بنت المصاروة” ولكن أثناء عملية إنتاج ألبوم “مزغونة” وتنظيم ورش الحكي التي بدأتها “بنت المصاروة” حدثت متغيرات جديدة ـ كرحيل كثير من العضوات. المتغير الأهم هو أن تعريفنا وفهمنا للموسيقى النسوية أصبح مختلفًا عما سبق. لهذا اعتبرنا أن “بنت المصاروة” مرحلة وانتهت، نحن مُمتنات بلا شك لهذه الفترة من مشوارنا الفني، ولكن قررنا تغيير اسم الفرقة وصناعة Rebranding جديد لها في “البومة” لتعبر عن صوتنا الموسيقي النسوي الجديد.
ما هي فلسفة هذا الصوت الموسيقى النسوي الجديد؟
مارينا: فلسفتنا ارتبطت بإجابتنا على سؤال “إزاي هننتج موسيقى الألبوم؟” رغبتنا في إنتاج موسيقى نسوية وصوت غير محصور في منطقة أو توجه واحد. أردنا إنتاج صوت حقيقي يعكس فهمنا للصوت النسوي بالمجتمع، يُمكنه أن يكون صوتًا مزعجًا، غير ملتزم بالقواعد- والصوت هنا مقصود به طريقة إنتاج الموسيقي من حيث الآلات والتلحين والتوزيع. إنتاجنا الموسيقي للألبوم كان تجريبيًا يعكس فهمنا للصوت النسوي الذي ليس بالضرورة أن يكون مريحًا، بل يمكن أن يكون غاضبًا في أغاني مثل “ياعروسة” “استك يا استك” أو صوتا تأمليًا مثل “ع البر” أو سعيدًا مثل أغنية “السلم الموسيقي.” فلسفتنا للموسيقى النسوية هو إنتاج أغاني يستطيع المستمع التواصل معها والتأثر بها مثل أغاني “أنا رملة” و”كلنا بندور” دون أن يعرف أنها أغاني لباند نسوي، وهذه المصداقية في التواصل نابعة من كوننا قادرات على التعبير عن تجاربنا المتعددة كنساء في هذا المجتمع.
مريم: بحكم دراستي للموسيقى والغناء الأوبرالي بالكونسرفاتوار، فهمنا لإنتاج موسيقى نسوية كان مرتبط باستخدام عناصر معينة في تكوين الصوت الموسيقي للألبوم مثل استخدامنا للـ humming، إلى جانب الآلات الموسيقية، لإبراز أصواتنا كنساء باعتبارها عناصر موسيقية بإمكانها التعبير عن حالتنا الشعورية، وليس فقط فيما يتعلق بغناء الكلمات، وطريقة توزيع الآلات، جماعية الأداء، ونوعية الصوت المراد إنتاجه. فمثًلا اختيارنا لإنتاج صوت مزعج يعكس تصورنا عما نعيشه وإحساسنا به في تلك اللحظة وهكذا. شكلت هذه الاختيارات فلسفتنا للموسيقى النسوية.
في المقابل، هناك آراء نقدية ضد تصنيف الفنون كسينما المرأة والموسيقى النسوية. ما رأيكن؟
مارينا: عدم تصنيف الموسيقى أو الفن لا ينفي أنها تحمل أيدلوجيا سواء كانت سائدة في المجتمع أو أيديولوجيا أخرى تخص الفئات المهمشة أو الأقليات. لهذا كل نوع من الفن يحمل مجموعة أفكار، ليس بالضرورة أن يكون الموضوع مجتمعي ليحمل وجهة نظر، فمثًلا: أغنية عن الحب تحمل وجهة نظر لها علاقة “بالستات والرجالة متشافين إزاي في العلاقات الرومانسية.”
لا يوجد فنان يقول إنه يُقدم فن ذكوري، لكن من حقي وصف الأغنية بالذكورية وإنها تُشجع على العنف ضد النساء أو إنها تُعبر عن مشاعرهن بشكل سطحي، وهذا طبيعي لأن الأغنية ليست خارج سياق إنتاجها أو مجتمعها. ومن ثم كوني نسوية لدي أدوات ونظارة لتحليل واقعي اليومي المعاش. وبالمناسبة، النسوية كأيديولوجيا لم تأت من الفراغ، بل هي أيديولوجيا سياسية تجعلني أفهم أين موقعي في المجتمع وكيف ولماذا أتعرض للقهر وتجعلني أحلم بمستقبل مختلف عما نعيشه الآن. النسوية هي عدسة أرى من خلالها كل شيء حولي، ومن ثم أصنف الأغاني التي أنتجها، والتي تعبر عن تجاربي وأفكاري وتجارب أخريات، حتى لو اتكلمت عن الحب. وأخيرًا لا ينبغي أن ننزع عن الفن الذي يعطى لنفسه لقب أو صفة أحقيته بأن يكون فناً مسموعاً وله جمهوره.
كلمات ألبوم “مزغونة” هي نتاج ثلاث ورش حكي نظمتها الفرقة بصعيد مصر، وعالم نِسائه المُحافظ المُغلق البعيد عن ثقافة البوح. لماذا كان ذلك الاختيار وكيف كانت التجربة؟
مارينا: لم تكن تجربة سهلة، واجهنا في البداية صعوبة الوصول للنساء لافتقادنا للعلاقات بالصعيد، ولكن ساعدتنا بعض المنظمات والمبادرات التنموية والنسوية المحلية مثل “جنوبية حرة” بمحافظة أسوان – جنوب مصر. ثقافة البوح للصعيديات تبدو ظاهريًا غير موجودة، لأنه تم عزل النساء مؤسسيًا عن المجال العام. ولكن نساء الصعيد لديهن صوتهن الخاص كذلك.
كيف نجحتن في إذابة الجليد كاقاهريات قادمات من العاصمة وبين الجنوبيات؟
مارينا: حرصنا دائمًا على مراجعة موقعنا في هذه المساحة من الحكي، وهي مسألة شديدة الحساسية. اخترنا التوقيت المناسب للحديث والصمت والمشاركة مع النساء، لأننا لم نذهب من أجل عمل بحث أو استطلاع، ولكن ورش حكي. بحثنا عن ما هو مشترك بين الاختلافات والخصوصيات التي تفرضها طبيعة المدينة والصعيد أو اختلاف الطبقات المنتمين لها، لم نذهب لتعليمهن شيء بل للتعلم. وهذا المأزق برأينا الذي تقع فيه المنظمات النسوية الكبرى التي تتعامل مع النساء (بشكل عام) من منطلق توعوي بحت وكأنهن ليس لديهن أي خبرة فى الحياة. ولكن على عكس النظرة النمطية، هؤلاء النسوة لديهن أدوات مدهشة في تكيفهن مع كم القهر الواقع عليهن، تجعلني كنسوية قادمة من العاصمة أقف بإنصات شديد. وأظن هذا الأسلوب ساعدنا في كسر الجليد معهن وخلق مساحة ثرية للحكي تحولت لأغاني فيما بعد.
هل نعتبر “مزغونة” ألبوم غنائي يخص نساء الصعيد فقط؟
مارينا: صحيح الألبوم هو نتاج حكي مع 34 امرأة صعيدية، ولكن لا يمكن أن نفصل ذواتنا عنه، كثير من أغانيه نجد انعاكسنا فيها كقاهريات. “مزغونة” لا يحكي عن كل نساء الصعيد بل تلك المجموعة التي التقينا بها، والألبوم بمثابة جسر خُلق مع هؤلاء النسوة، ولكن لم يكن مساره ممهدًا، ومع ذلك، بٌثَت فيه حياة من خلال المشاركة والتضامن في دوائر الحكي. بنينا هذا الألبوم كلمة كلمة بمشاركة نساء يفتحن قلوبهن لنا، وبالمثل فتحنا قلوبنا لهن. “مزغونة” أشبه برحلة تتقاطع فيها مشاعرنا وانطباعاتنا وتأملاتنا وخبراتنا، حتى لو اختلفت تجاربنا في بعض المحطات. هذا الجسر من التواصل كان ضروريًا وينبغي أن يكون مستمرًا. النسوية لتُصبح حركة قادرة على المقاومة وتتمكن من عمل تغيير جذري في المجتمع تحتاج أن تتوسع من فكرة النسوية المركزية وأن تمد جسوراً مع نساء من خارج المركز. الأبوية لها تجسيدات مختلفة، قد نجد مثًلا أن أولويات النساء في منطقة ما ليست العنف الجنسي الذي يشغل نسويات القاهرة مثلاً، لذا علينا ألا نغرق في امتيازات القاهرة الطبقية والجغرافية وننسى وجود وتجارب نساء أخريات مهمشات خارج العاصمة.
أغاني الألبوم هي نتاج مشاركة 34 امرأة، أي هناك مئات الحكايات. لماذا اخترتن موضوعات عن الختان، الزواج المبكر، الأمومة؟
مريم: لم يكن اختيار أغاني الألبوم قائم على الأفضلية بين أفكار أو موضوعات دون غيرها، بل على مدار الورش الثلاث للحكي، كتبنا عشرات الأغاني، ولكن الأغاني التسع الذي ضمهم الألبوم كانوا جاهزين ولديهم form نهائي صالح للإنتاج- هذا كان المعيار الوحيد لاختيار أغاني واستبعاد أخرى. أثناء عملية إنتاج الألبوم، اكتشفنا أن قصته وتوالى أغانيه تبلورت كرحلة، منذ لحظة لقاء النساء في القرى الثلاث.
نبدأ بأغنية “ع الوش بانت” وصفًا لإحداهن، وكلمات متقطعة تروي لقطات من حيواتٍ تحمل ظروف وجود تشكل واقعهن، ثم نعود لنتمعن هذه اللقطات عن قرب ونركز على محطات فارقة في حياتهن. فنرى في “يا عروسة” أن منهن من تزوجن في سنِ صغيرة، وأصبح الفرح ورموزه مجرد تزييف لتعاستهن. ونرى في “أستك يا أستك” أن منهن من تعرضن للختان، ولم يستطعن نسيان وقعه. أخذتنا دوائر الحكي أيضًا لعلاقاتنا المركبة مع أمهاتنا، ففي “ع البر” نبوح بما نشعر به تجاههن من غضب وتفهم في آنٍ واحد. وتعكس “أنا رملة” بتشبيهاتها المجردة، مشاعر وخواطر جالت في بالنا عند تأمل أنفسنا والظروف التي قد تجعلنا قاسيات ومكبلات وتشعرنا بأننا غير مسموعات.
كما تتحدث أغنية “كنت فاكرة” عن العنصرية التي تواجهها مروة حسن -كاتبة الأغنية- وباقي المشاركات في ورشة حكي أسوان، عند التواجد خارج مدينتهن. لم تغفل “سبع فلات” القوة الكامنة في دوائر الحكي، والتي نستمد منها شعور بالألفة والونس من خلال الإصغاء والمشاركة. وتوثق أغنية “السلم الموسيقي” تجربتنا وتجربة بعضهن في الغناء على المسرح سويًا أمام “أهل البلد” والسعادة الطفولية التي شعرنا بها. وفي نهاية الرحلة، نصل إلى “كلنا بندور” ولحظة إدراك وجود مسارات مرسومة لنا، وبأن السير فيها أو الخروج عنها تصحبه دائمًا تكلفة، نحن من يدفعها.
مع هذا الثراء في الحكايات، كيف كانت عملية الإنتاج الموسيقي للأغاني؟ وكيف واجهتما كفرقة غنائية مستقلة تحديات الإنتاج والتمويل؟
مريم: كانت صعبة ولكنها تلقائية، وكانت الموسيقى المُنتجة original، نتيجة لصدق القصص والمشاعر والحكايات. العمل جماعي مهم، تعاونت مع مارينا والمؤلف والمنتج الموسيقي رامي المجدوب في تلحين وتوزيع أغاني الألبوم. خضنا تجارب للبناء والهدم لأغاني كاملة، لم نيأس، كنا نبحث بشغف عن صوتنا الداخلي، ليكون حقيقيًا، وخرجت كل أغنية بشكل مختلف، كل أغنية لها صوت ولون وmood متنوع ومتصل في ذات الوقت.
مارينا: أُنتِج هذا الألبوم بمساهمة أكثر من 120 داعمة وداعم في إطار حملة ساعدونا_نغني، التي أطلقناها في أغسطس- سبتمبر 2017. وكانت الغالبية العظمى من المساهمات من أفراد، كما ساهم في دعم الإنتاج “صندوق فريدا” لدعم النسويات الشابات وحملة Women Take Back the Tech-وذلك بعد عدة محاولات تقدمنا بها لعدد من الجهات الثقافية المانحة، ولكنها باءت بالفشل.
الجهات المانحة أصبحت كالمُنتج التقليدي تفرض رؤيتها وأجندتها على المبدع، كيف حرركن التمويل الجماعي من هذه السيطرة؟
مارينا: حملات التمويل الجماهيري منحتنا السيطرة الكاملة على العملية الإبداعية لإنتاج الألبوم، من حيث السماح بمساحة ثرية للتجريب، التعلم، الخطأ، الفشل وإعادة المحاولة، خاصة أن هذه تجربتنا الأولى كفرقة فى إنتاج ألبوم -هذه المرونة كانت غير متوفرة في إنتاج ألبوم “بنت المصاروة” لسيطرة جهة إنتاجية وحيدة عليه وتدخلها في كل خطواته. مع التمويل الجماعي، أنتِ كمبدعة لست مديونة لشخص واحد أو مصدر واحد أو جهة إنتاج معينة تؤطر لكِ حركتك الفنية وخطواتك في إنتاج موسيقاكِ. صندوق “فريدا” نظرا لكونه جهة نسوية في الأساس وليس جهة تمويل ثقافية، قدم لنا بمرونة عالية، وتفهم كبير لرغبتنا في خروج الألبوم برؤية معينة دون التنازل عنها. وكما ذكرت مريم هناك أغاني تم إعادة فكها وتركيبها عدة مرات فى مرحلة الميكسينغ والماسترينغ، وتم قبول ذلك من صندوق “فريدا” بأريحية شديدة وتشجيع دون ضغط وتوجيه.
في ظل سيطرة الرجال على صناعة الإنتاج الموسيقي سواء المستقل أو التجاري، كيف كانت تجربتكن ومدى التفاعل معكن كفرقة نسوية؟
مريم: صعبة جدًا، واجهنا تحديات كثيرة؛ لدينا رؤية موسيقية واضحة لإنتاج الألبوم، ونرغب في تنفيذها عبر الآلات حية وليست ألكترونيك، ومن ثم تطلب ذلك التعاون مع عازفين، ولكن فوجئنا برفضهم تنفيذ رؤيتنا الموسيقية بل رغبتهم في محوها ووضع رؤيتهم فقط. مع الرفض المتكرر من العازفين ورغبتهم في فرض رؤيتهم على الألبوم ومحو صوتنا الحقيقي منه، اضطرينا أن تكون 75% من موسيقي الألبوم الكترونيك، وتطلب ذلك جهد كبير في الميكسنغ والمساترينغ وتكرار الإعادة لعدة مرات. ولكننا نشعر بالرضا الكامل من قدرتنا على مواجهة رغبة الموسيقيين للسيطرة على رؤيتنا وأفكارنا وطريقة إنتاجنا للألبوم، وإننا لم نفقد صوتنا -وهذا انتصار كبير. ولكن هذه الأزمة كشفت لنا ندرة الفرص المتاحة للنساء بصفة عامة والنساء في قطاعات الفنون والموسيقى بشكل خاص. العازفات لا تتوفر لهن ذات الفرص المتاحة للعازفين ليتعلمن ويتدربن ويُصبحن محترفات.
مع الإرث الذكوري الكبير للأغنية العربية، هل تتوقعن أن تجربة موسيقية نسوية كـ “البومة” ستًساهم في تغيير بعض الأفكار النمطية عن النساء؟
مارينا: لا نفكر في “البومة” كفرقة غنائية تهدف لتوعية وتغيير معتقدات المجتمع، الكل يعلم أن الختان جريمة بشعة مثلاً، ورغم ذلك يتم انتهاك أجساد الفتيات والنساء. عندما نغني “أستك يا أستك” لن تغير الأغنية غدًا موقف هذا المجتمع من الختان، ولكن هدفنا أن تتمكن النساء من العثور على صدى لتجاربهن ومشاعرهن في هذه الأغاني.
مريم: ألبومنا له علاقة بأن “إحنا كستات نقدر نقول الحاجات من موقعنا مش حد يقولها على لسانا من موقعه.” هذا أمر جوهري في تجربتنا الموسيقية. لن أستطيع التحكم في المتلقي للأغاني أو طريقة استقباله أو تفاعله أو تأثره بها، لكن وجود هذا الصوت في حد ذاته هو هدفي ومُرادي وسبب وجودي في هذه الفرقة. من هذا المنطلق نُظمنا ورش الحكي، لأننا لن نتحدث عن تجارب النساء من موقعنا، ولكن خرجت الكلمات من موقعهن – وهذه تجربة لا نجدها كثيرًا كنساء. يكفي أن إحدى السيدات بقرية “أبو غرير بالمنيا” بعد انتهاء ورشة الحكي قالت: “جعلتوا قريتنا على الخريطة.” وهذا ما كنا نبحث عنه، إعطاء النساء سلطة الحكي لقصصهن من موقعهن وبدون أي يفرض أحد عليهن طريقة حكيها.
ما هي الخطوة القادمة، وخطط إطلاق الألبوم جماهيريًا بعد انتشاره افتراضياً؟
مريم: متحمسات كثيرًا لتنظيم حفلات للجمهور وخاصة لأهالي القرى التي نظمنها فيها ورش الحكي، لنرصد ردود فعلهم بعد أربع سنوات من الإعداد والتحضير للألبوم. نحن نبحث الآن عن طريقة لتقديم الألبوم live وإعادة توزيع بعض الأغاني لتكون مناسبة للحفلات -التي تتوقف عودتها أيضًا على الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا.