stupid-comment-on-2021 (1)
نهاية العام

أسوأ تعليقات سمعناها من شخصيات عامة هذا العام

"أنا واخدك عربية سبور. تقلبي أوتوبيس، هطلقك"

في نهاية كل عام نُطل عليكم بأسوأ التعليقات التي رددها مشاهير وشخصيات معروفة. ولكثرتها، اخترنا أكثر تعليقات استفزازًا. نردُ على هذه التعليقات ولا ندعها تمر مرور الكرام لأننا نؤمن أن مثل تلك التعليقات تُساهم في تكريس العنف ضد النساء والفئات المُهمّشة. فما يقوله الفنان أو السياسي أو الشخص المعروف قد يكرس أبوية وعنصرية المجتمع أو ينفيه، وبالحالتين سيؤثر ذلك على الجمهور، الذي قد يعيد إنتاج مثل هذه التصريحات والمصادقة عليها. جمعنا لكم/لكن بعضاً من أسوأ التصريحات التي سمعناها هذا العام، -من منطلق ضرورة وجود محاسبة مجتمعية دون أن تتحول إلى رقابة على حرية الرأي والتعبير.

إعلان

كارول سماحة: ماني فيمنست وما بحب هاي الكلمة
النسوية التي ذكرتيها يا كارول لا تمُت لحقيقة النسوية بصلة. تحدثتِ عن أن النساء تسعى للمساواة بالرجال من زاوية سطحية. ليست المساواة التي نسعى لها مساواة في دعوات المواعدة، أو الاقتتال مع الرجال بدنيًا لنرى مَن أقوى. ما تسعى له النسوية هو مساواة في الحقوق والمطالبة بقوانين أكثر عدالة وإنصافًا: أن يكون للنساء الحق في تجنيس أطفالهن مساوٍ للرجال لأننا مواطنات مثلهم. أن ينصفنا المُشرعون ويوافقون على قوانين تجريم العنف الأسري الذي تروح ضحيته آلاف النساء العربيات سنويًا. أن ترانا مجتمعاتنا كما ترى الرجال، مواطنات كاملات الأهليّة لا تحتجن لولاية ولسّن ملكيّة خاصة للزوج والعائلة. تلك هي المساواة.

النسوية هي مجموعة حركات سياسية-اجتماعية تستهدف الدفاع عن حقوق الفئات المهمشة، وهي تتجاوز ثنائية علاقة الرجل والمرأة وتشمل دعم مجموعات وأفراد وشعوبًا ضد السلطة وأساليب القهر التي تتبعها، سواء كانت تلك السلطة سياسية أو اجتماعية. أما النسوية التي تتحدثين عنها فهي ترديد "لسخافات" ذكورية الغرض منها بشكل أو بآخر، هو أن تظل النساء مواطنات درجة ثانية في بلدانهن. وللرد على عبارة دعوات العشاء، نعم، نُريد أن ندعو الرجال، وغيرهم، للعشاء. ما المشكلة؟

إعلان

زوج نجلاء بدر: أنا واخدك عربية سبور. تقلبي أوتوبيس، هطلقك.
عبّر محمد عفيفي، زوج الفنانة نجلاء بدر، في مداخلة هاتفية معها عن انبهاره بتقديمها دور امرأة "تخينة" في عمل لها، إلا أنه تابع "ما يفترض بأنه مديح لها" بالقول أنها لو كانت كذلك في الحقيقة، لطلّقها. ثم شبهها بالسيارة وشبّه أي امرأة يزيد وزنها عما يرضاه كرجل، بالأتوبيس.

هذه قد تكون واحدة من أسوأ التعليقات التي سمعناها هذا العام، ويعتبر الوصم بالجسم (Body shaming) أداة ذكورية تضع النساء في قوالب غير واقعيّة عن شكل الجسد المثالي، وتُزيد من أعباء تتحملها النساء لتتماشى مع تلك القوالب. هذا التشييء الجنسي (Sexual Objectification) يعتبر النساء مجرد أدوات جنسية لإمتاع الرجال، وينفي انسانية وفردية كل امرأة منّا. ردّت نجلاء بدر على تصريحه الذي أزعجها، قالت: "أنا إنسانة." ورفضت تشبيهها بالسيارة والأوتوبيس أو أن كل وظيفتها في الزواج هو أن تتفق مع رؤية عفيفي عن الجمال. ومعها كل الحق!

هذا الخطاب يُعامل النساء كأنهن أقل درجة يحدد قيمتهن بشكلهن الخارجي. وهو خطاب مرفوض واستشراقي من زاوية ربط الجمال بالنحافة والجسم الرشيق. نفس الخطاب الذي استخدمه زوج نجلاء ليوصم النساء، يتم استخدامه لوصم الرجال العرب كإرهابيين أو غير متحضرين أو معُنفين. الخطاب العنصري واحد، ولا يخص أجسام النساء فقط.

نجيب ميقاتي: احتفالكم بالاستقلال كامرأة مطلقة تحتفل بعيد زواجها
اقتبس رئيس الحكومة اللبنانيّة نجيب ميقاتي أثناء الاحتفالات بعيد الاستقلال تلك العبارة غير المفهومة من شخص لم يذكُر اسمه. شبّه لبنان بامرأة مطلقة كأن الطلاق سُبّة في حق النساء، مُعيدًا بذلك إنتاج خطاب ذكوري يُجبر النساء على تحمّل العنف مقابل ألا يحملن لقب مُطلقة. إضافة إلى جهل بقوانين الأحوال الشخصية بلبنان حيث لا تستطيع النساء الحصول على حق الطلاق بسهولة دون ابتزاز وتنازل عن كافة الحقوق المالية وأحيانًا حضانة الأطفال. تحدّث ميقاتي بأسى عن الزواج والطلاق، ولا أدري هل أنا الوحيدة التي لم تفهم مغزى الجملة، ماذا كان يعني بالمطلقة تحتفل بعيد زواجها؟ هل قصدَ ميقاتي أن استقلال لبنان كان طلاقًا، لو ظل التفاهم بين لبنان والمستعمر الفرنسي، لكان أفضل؟ يبدو أنه ضرب عصفورين بحجر واحد عندما استخدم الطلاق كوصمة للنساء وعندما عبّر عن أن الاستقلال شبيه بالطلاق الذي بات لبنان بعده موصومًا ومنبوذًا.

إعلان

صفاء سلطان: إذا بدها.. ليش لأ؟
علّقت الفنانة الأردنية صفاء سلطان على زواج القاصرات أنه يجب سؤال الفتاة الصغيرة إن كانت ترغب في الزواج، واستطردت أنها ضد النسويات اللاتي يهاجمن زواج القاصرات: مابحبن. عنك ما حبيتينا يا صفاء! ما تروجين له جريمة بحق الطفولة. إن لم تشعري بسرقة عمرك لأنك تزوجتِ صغيرة، فهذه أمورك الشخصية. هناك آلاف الفتيات العربيات سرقت طفولتهن وحرمن من التعليم بسبب تزويجهن تحت سن الـ١٨، وهو سن لا يُسمح فيه بالانتخاب أو القيادة، فلماذا استثناء "الزواج"؟

زواج القاصرات ليس "زواجًا" ولو حدث بعقد وشهود، إنما اعتداء جنسي مُشرعن. الأطفال تحت سن ١٨ لا يُسألون عن رغبتهم في ممارسة الجنس. فأجهزتهم الجنسية لم تنضج بعد. والعديدات من الفتيات رحن ضحية تزويجهن قاصرات بسبب النزيف أو أثناء الحمل والولادة. ناهيكِ عن وضع عبء ثقيل كالزواج على أكتاف طفلة من المفترض أن تلعب وتلهو وتختبر الحياة وتكتشف طموحها وميولها وتفضيلاتها الجنسية. يُمكنك أن تكرهي النسويات. لا بأس. لكن لا تدعي كرهك لفكرة يجعلك تُبررين جرائم اعتداء جنسي وسلب حق الطفلات في التعليم واختبار الحياة. هذاليس زواجاً، هذا اغتصاب.

مبروك عطية: هل لما بيغلط بيقولك حقك عليا؟
هكذا بررَ الشيخ مبروك عطيّة عنف تعرضت له امرأة مصرية على يد زوجها الذي ربطها وضربها وطعنها بسكين. كان ذلك في حلقة تمت استضافتها فيها لتروي قصتها وتطلب المساعدة في الطلاق وإرجاع أطفالها بعدما خطفهم الزوج. وبغض النظر عن أن الشيخ والمذيع لم يستمعا للضيفة قدر مقاطعتهما لها، إلا أن الشيخ سألها عدة أسئلة ليحرجها على الهواء ويُبرر عنف زوجها. كان من ضمنها سؤالًا عن الإنفاق والطعام، وكأن من حق الزوج تعذيبها لأنه ينفق عليها؟ كان ذلك شبيهًا بتربية حيوان أليف، ولكن حتى حيواناتنا الأليفة يا شيخ مبروك لا نُعذبها لأننا نُطعمها. أمثال عطية نُسميهم مُمكني العنف (Violence Enablers) والذين لا يرتكبون العنف بشخوصهم لكن يُباركونه بإيجاد تبريرات للمعتدين.

إعلان

أصرّ الشيخ على موقفه في مقطع نشره على اليوتيوب ليرُد على مهاجميه بعد الحلقة ودعوات إيقافه، مُندهشًا من فكرة تصديق امرأة تقول أنها تتعرض للتعذيب. لماذا لا نصدقها؟ هل لأننا ننعم في مصر بقانون يُجرم العنف الأسري؟ أم لأنك لم تسمع قط عن النساء اللواتي أُجبرن على الاستمرار مع زوج عنيف حتى فقدن حيواتهن؟ للأسف واحد من أكبر أسباب انتشار العنف الزوجي هو أمثال مبروك عطية وبجانبه كل ضابط شرطة رفض تحرير محضر عنف لامرأة، وكل مُشرّع اعتبر قانون تجريم العنف الأسري تفكيكًا للأسرة التي هي نفسها تُعنّف النساء.​​ 

عمرو أديب: فنانة موهوبة زيك تطلع الجبهة للضباط تغنيلهم وتبسطهم
كان ذلك تعليق عمرو أديب (00:07:00) على تشبيه شيرين عبد الوهاب لقصة شعرها الجديدة بأنها كمَن التحق بالجيش حديثًا. لم يكتفِ أديب بقوله- الذي اتفقت معه شيرين- أن النساء نساء والرجال رجال. فبدلًا من مجاراة التشبيه الذي اختارته شيرين، أنها جنديّة أو محاربة أو أيًا كان، قلل من شأنها ووصفها كوسيلة "انبساط" للضباط. هذا التعليق ذكوري ويتسم بالغباء، لأنه يصف النساء كأدوات مرح وتسلية للرجال ويُعيد إنتاج ثنائية العمل الجندري، أو ما نعرفه نحنُ بأن: الرجال يجولون مناحي الحياة خارج المنزل (بما فيها السياسة والحرب) وتبقى النساء داخله. ويُقتصر وجود النساء خارج المنزل على تسلية الرجال.

إعلان

هذا الخطاب المُشييء للنساء له بُعد جنسيّ أيضًا. فواحد من أبرز تبريرات الاعتداء الجنسي هو افتراض وجود النساء في الشارع لجذب أنظار الرجال وتسليتهم. جرّد عمرو أديب النساء من حقهن ونزع عنهن صفة السياسية. فالرجال في الحرب لأسباب سياسية، والنساء على الجبهة للترفيه عن هؤلاء الرجال!

جبران باسيل: توطين مقنّع ومرفوض. ما رح نسمح بتشليح اللبنانيين وظائفهم
هكذا عّلق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على قرار وزارة العمل اللبنانيّة بالمهن التي يجب حصرها على اللبنانيين، والذي أثار جدلًا بشأن الفلسطينيين المتواجدين بلبنان وحرموا من تقلد ٧٠ وظيفة منعًا "للتوطين." هذه ليست أول مرة يُستخدم فيها خطاب تحريضي  ضد الفلسطينيين بلبنان وصياغة وجودهم الاضطراري باللجوء أو الهجرة بأنه مُزاحمة للمواطن اللبناني في سوق العمل والخدمات الصحية والتعليمية. يُعرف ذلك بـ"فوبيا الأجانب" (Xenophobia) ويستخدمه الساسة حول العالم ضد اللاجئين والمُهاجرين وقد عانى منه اللاجئون الفلسطينيون لعقود حرموا خلالها من ممارسة حياة طبيعية بلبنان.

هذا الخطاب يُغذي كراهية اللاجئ والمُهاجر لدى المواطن المحلي والمستفيد هو الدولة المستضيفة والدولة التي تم النزوح منها بسبب الحروب أو سوء الأحوال الاقتصادية. تُستخدم فوبيا الأجانب لوضع اللاجئين والمُهاجرين كسبب لفشل الحكومات في تطبيق سياسات الأمان الاجتماعي للمواطنين. فبدلًا من توجيه غضب المواطن المحلي ضد حكومته، يتم توجيه غضبه تجاه الأجنبي ويتولد عنفًا اجتماعيًا نتيجة لهذا الغضب الموجّه. وهذا ما فعله جبران باسيل.

محمد أبو تريكة: الشذوذ الجنسي ظاهرة فجّة
عبّر الكابتن محمد أبو تريكة عن استياءه من ارتداء ألوان قوس قزح للتضامن مع أصحاب الميول الجنسية المختلفة خلال الدوري الإنجليزي، مُستخدمًا كلمات مثل: "شذوذ. قوم لوط." بينما لم يطلب أحدٌ من الكابتن تعليقًا، تبرّعَ بخطاب كراهية ضد ذوات/ذوي الميول الجنسية غير النمطية، مُستغلًا موقعه كرجُل مُغاير مشهور. المثلية الجنسية وغيرهامن الهويات الجندرية غير النمطية، ليست "ظاهرة وليست ضد الفطرة الإنسانية السليمة."العلاقات الجنسية بين الأشخاص من نفس الجنس ممتدة على مدار التاريخ الإنساني وليست ظاهرة مستحدثة. وعندما تقول لا ندعم "الشذوذ" فعن أي دعم تتحدث؟ فهؤلاء يتعرضون/ن للنبذ والوصم والعنف والسجن والقتل في بلداننا. قد لا تحتاج المثليات/المثليون لدعمك، لكنهن/م بالتأكيد سيتأثرن/ون بنشرك للكراهية ضدهن/م، وقد يُستخدم خطابك للتحريض على العنف ضدهم. 

نوري المالكي: إنسان داعر، فاسق، مطرود
هكذا علّق رئيس الوزراء العراقي السابق على نجاح حفلة الفنان المصري محمد رمضان في العراق، مُستنكرًا فن رمضان واصفًا إياه "بالساقط." الهجوم على رمضان بسبب لون بشرته، وطبقته الاجتماعية، ونوع فنه هو عنصري وطبقي وسلطوي، سواء كنت من محبي ما يقدمه "أو ما يمثله" رمضان أم لا.

رمضان لا يُمثل نفسه فقط، بل يمثل فئة من الناس التي ترى نفسها فيه. فعندما يتم وصفه بالداعر الفاسق، فأنت تصف كذلك جمهور العراق وليس رمضان بشخصه. المالكي ينضم للعديد من الساسة والموسيقيين العرب (فكّر في هاني شاكر مثلًا) الذين يضيفون بُعداً طبقياً للفن، مُستنكرين أشكاله المختلفة وفارضين شكل واحد تقليدي لما هو الفن "الحقيقي." تحتكرون السياسة وتحتكرون الفن، وتتوالى مواعظكم وتدخلاتكم في أذواقنا الشخصية.