Vice_01
حريات

دليل VICE عربية للهويات الجندرية غير النمطية

لقرون ظل الجنس عامل مُحدد للهوية الاجتماعية وهو ما تسبب ذلك في حصر الأشخاص اجتماعيًا في ثنائية: رجل/امرأة

نسمع ونقرأ كثيرًا عن الهويات الجندرية أو الهويات الاجتماعية في العقود الأخيرة. مصطلحات جديدة ومفاهيم مختلفة عمّا تربينا عليه. أشخاص يُعرفون أنفسهنّ/م اجتماعيًا بطريقة قد تكون مُربكة للأغلبية منّا. في هذا الدليل، تجدنّ/ون تعريفات واضحة للهويات الجندرية وشرحًا مُفصلًا لأسباب التسميّة. وهنا أيضًا، نحاول معكنّ/م التواصل بشكل أفضل مع الأشخاص ذوي/ذوات الهويات غير النمطية.

الفرق بين الجنس والهوية الاجتماعية والدور الاجتماعي
الجنس:
هو التشريح البيولوجي للأعضاء الجنسية وللجهاز التناسلي ويتم تحديده فور الولادة وبناء على الأعضاء الجنسية الخارجية فقط: (ذكر/أنثى/مزدوج الجنس). فإن كان للمولود قضيب، فهو ذكر. وإن كان للمولود مهبل، فهي أنثى. هناك أشخاص يولدنّ/يولدون بازدواج في الأعضاء الجنسية والأجهزة التناسلية، كأن يكون لديهنّ/م قضيبًا خارجيًا، ولديهم رحم ومبايض من الداخل. أو أن يكون لديهنّ/م مهبل من الخارج، وخصيتين أو خصيتين وقضيب من الداخل. تُعرف هذه الحالة باسم الجنس المزدوج (Intersex)، وهي حالة طبيعية وشائعة، ولا تتوقف على التشريح البيولوجي فقط. هناك عوامل أخرى تُحدد الجنس كالكروموسومات والهرمونات.

إعلان

الهوية الاجتماعية أو الجندر (Gender Identity): هي الطريقة التي يتم بها تعريف المواليد والأفراد اجتماعيًا فور الولادة ومن النظر إلى الأعضاء الجنسية الخارجية فقط والتي قد تنكشف حتى قبل الولادة من خلال الموجات فوق الصوتيّة للأجنّة- السونار. وهو مجموعة السلوكيات والأدوار التي تُفرض على الأشخاص أو يقومنّ/ون بها في حياتهنّ/م ويتم من خلالها تعريفهنّ/م اجتماعيًا في ثنائية سائدة: (رجل/امرأة).

الدور الاجتماعي (Gender Role): هو الأدوار المتوقعة والمُحددة سلفًا لكل شخص وفقًا لهويتهنّ/م الاجتماعية. مثًلا، يُتوقع من الرجال إعالة الأسرة، ويتوقّع من النساء رعاية الأطفال.

لقرونٍ طويلة وحتى الآن، ظل الجنس عامل مُحدد للهوية الاجتماعية. فإن كان المولود ذكر خارجيًا، يتم تعريفه اجتماعيًا كولد – ثم رجُل. وإن كانت أنثى خارجيًا، فيكون التعريف بنت- ثم امرأة. تسبب ذلك في حصر الأشخاص اجتماعيًا في ثنائية: رجل/امرأة، وتم تجاهل ووصم وممارسة عنف ضد الأشخاص الذين/اللاتي أظهروا اختلافًا في الهوية الاجتماعية والدور الاجتماعي عن الجنس البيولوجي، من حيث السلوكيات والمظهر أو الميول الجنسية.

لطالما كانت الهوية الاجتماعية (الجندر) غير مرنة ولا تسمح للأفراد بممارسة أفعال أو التعبير عن أنفسهنّ/م اجتماعيًا بشكل يُخالف الجنس البيولوجي، بالأخص بعد تداخل النظامين الأبوي والرأسمالي تاريخيًا. يبدأ ذلك منذ الطفولة وتقسيمات الألعاب والألوان والملابس بين الأولاد والبنات: الزهري للفتيات والأزرق للأولاد.

إعلان

يُمكننا القول أنها هويّة إجباريّة لا تضع عين الاعتبار أن البشر لديهنّ/م وجود إنساني يُحددونه بأنفسهنّ/م. هذا الوجود مرن وانسيابي للغاية. فالتصرفات والسلوكيات الفردية موضوعة في قوالب جامدة تُقسم الأفراد وتُجبرهنّ/م على الظهور اجتماعيًا بشكل يتوافق مع الجنس البيولوجي والذي هو نفسه غير ثنائي ولا يعتمد فقط على الأعضاء الجنسية الظاهرة. يشمل ذلك طريقة التعبير عن النفس وعن المشاعر، ما يجعل الهوية الاجتماعية/الجندر عبارة عن بنية اجتماعية في ذاتها.

لنختصر المعادلة الأبوية الجندرية ونقول: الأعضاء الجنسية الخارجية تُحدد الهوية الاجتماعية، والهوية الاجتماعية تُحدد الدور الاجتماعي، والدور الاجتماعي يُحدد كيفية التعبير عن هذه الهوية الاجتماعية.

التعبير عن الهوية الاجتماعية – (Gender Expression)
هو مجموعة السلوكيات الظاهرة التي يؤدي من خلالها الأفراد أدوراهنّ/م الاجتماعية سواء كانت بالملابس أو السلوك، وسواء كانت هذه الهوية تتفق أو تختلف مع الجنس البيولوجي. 

تكمُن أزمة الربط بين الجنس البيولوجي والهوية الاجتماعية في أن الأشخاص لا يختارنّ/ون الهوية الاجتمتاعية لأنفسهنّ/م . فهناك أشخاص يعرفنّ/ون أنفسهنّ/م بشكل مختلف عمّا تم تحديده لهنّ/م عند الولادة. ينكشف ذلك  خلال المراحل العمرية المختلفة ومن التفاعل مع  البيئة المُحيطة. إن كانت تلك الهويات مُختلفة عن السائد (رجل/امرأة)، تُقابل بالرفض والنبذ والعنف، بداية من العائلة والأسرة وحتى المؤسسات الرسمية والمنظومات الطبيّة. ويتسبب فيما يُسمى بالإنزعاج الجندري (Gender Dysphoria) لدى الأشخاص الذين/اللاتي لا تتفق هوياتهنّ/م الاجتماعية مع الجنس البيولوجي الظاهري. 

إعلان

لم يكُن الحق في اختيار الهوية الاجتماعية (الجندر) وليد السنوات الأخيرة. وهو بالتأكيد ليس جديدًا. ففي الحضارات القديمة وقبلها، كانت هناك هويات اجتماعية مختلفة وأكثر مرونة عن ثنائية (رجل/امرأة). ولا تزال بعض المجتمعات الأصلية (Indigenous Communities) لديها أطياف من الهويات الاجتماعية خارج الثنائية التي خدمت النظامين الأبوي والرأسمالي على حساب الأفراد وعلى مر التاريخ.

فالحديث عن حق الأفراد في كيف يُردنّ/يُريدون تعريف أنفسهنّ/م اجتماعيًا، ليس اكتشافًا أو اتجاه جديد ابتدعته النسوية في السبعينيات. إنما استرداد لحق الأفراد الذين/اللاتي فرضت عليهنّ/م الأبوية تعريفات اجتماعيّة وهويات جندرية بالإكراه. هو استرداد لحق كل شخص منّا في الوجود الإنساني.

تعريفات الهويات الجندرية والضمائر العربية المُستخدمة
هويات اجتماعية مُغايرة
- (Cis-gender): التوافق بين الجنس البيولوجي عند الولادة مع الهوية الاجتماعية. الثنائية السائدة (ذكر/رجُل. أنثى/امرأة.)
-الضمائر: هو/هي، أنتَ/أنتِ.

العابرات/ين جندريًا - (Trans-Gender): اختلاف الهوية الاجتماعية عن الجنس البيولوجي. يُمكن للشخص أن يكون ذكرًا بيولوجيًا لكن الهوية الاجتماعية (امرأة)، والعكس. يُمكن للعابرات/ين جندريًا استخدام أي هوية اجتماعية أخرى خارج الثنائية.
-الضمائر: هو/هي، أنتَ/أنتِ. أو ضمائر الجمع: أنتنّ/م، هنّ/همّ. وفقًا لتفضيل الشخص نفسه/ها.

إعلان

هويات انتقالية – (Gender Transition): تُستخدم عادة من قبل الأشخاص في مرحلة العبور الجندري، و/أو في مرحلة إعادة تعريف أنفسهنّ/م اجتماعيًا، و/أو إعادة اختيار الهوية الاجتماعية والجندرية، سواء انتهت هذه المرحلة بالتوصل لهويّة تتفق مع الجنس البيولوجي أو تخالفه.
-الضمائر: عادة ما تكون ضمائر الجمع، أنتنّ/م، هنّ/همّ.

هويات غير مُنصاعة للتعريفات الاجتماعية – (Gender Non-Conforming): مُصطلح عام يشمل كل الأفراد الذين/اللاتي لا تتفق هوياتهنّ/م الاجتماعية مع الجنس البيولوجي و/أو القوالب والتوقعات الاجتماعية للأدوار والهويات الجندرية. يُمكن أيضًا الإشارة لها بمصطلح الكويرية الجندرية – (Genderqueer) أو هويات اجتماعية غير ثنائية - (Gender Non-binary).
-الضمائر: عادة ما يُفضل الأشخاص ضمائر الجمع، أنتنّ/م، هنّ/همّ.

هويات انسيابية – (Gender-fluid): تتشابه مع الهويات الاجتماعية غير الثنائية. إلا أن الأشخاص ذوي/ذوات الهويات الاجتماعية الانسيابية يُمكنهنّ/م استخدام هويات اجتماعية من داخل الثنائية: (رجُل/امرأة). يُمكن أن يُغيّرن/ون الهوية الاجتماعية من وقت لآخر. يُمكن الإشارة لها أيضًا بهويات مُتعددة – (Pangender).
-الضمائر: عادة ضمائر الجمع، أنتنّ/م، هنّ/همّ.

هويات مُتداخلة – (Inter-gender): يستخدمها الأفراد الذين/اللاتي يُعرفنّ/ون أنفسهنّ/م بأكثر من هوية اجتماعية في وقتٍ واحد. غالبًا ما يكون التداخل بين الهويتين السائدتين: رجُل/امرأة. إن كان التداخل بين هويتين فقط، يُمكن الإشارة لها بثنائية الهوية الجندرية، (Bi-Gender).
-الضمائر: بين ضمائر الجمع، أنتنّ/م، هنّ/همّ، وضمائر المُثنى: أنتما.

إعلان

هوية ثالثة – (Third Gender): الجمع بين ثلاث هويات جندرية على أن تكون إحدى هذه الهويات من الثنائية: (رجل/امرأة).
-الضمائر: بين ضمائر الجمع، أنتنّ/م، هنّ/همّ، وضمائر المُثنى والمُفرد حسب تفضيل الشخص.

بلا هوية – (A-gender): يستخدمها الأفراد للتعبير أن ليس لديهنّ/م هوية جندرية، (Genderless).
-الضمائر: عادة ضمائر الجمع، أنتنّ/م، هنّ/همّ.

هوية اجتماعية حيادية – (Gender Neutral): يستخدمها الأفراد للتعبير عن أن لديهنّ/م هويّة اجتماعية لكنها هوية حيادية لا يصنفونها.
-الضمائر: عادة ضمائر الجمع، أنتنّ/م، هنّ/همّ.

هناك هويات اجتماعية أخرى لها مُسميّات عديدة ولا يقتصر طيف الهويات الاجتماعية على هذه التعريفات. هناك كذلك تسميّات لا تتعلق بالهويات الجندرية بحد ذاتها. فمثلًا، تحمل بعض الأشخاص اللواتي يُصنفنّ أنفسهنّ اجتماعيًا نساء ولديهنّ ميول جنسية مثليّة تسميّة بوتش (Butch)، وتعني باختصار التصرّف كالرجال أو المُسمى الشائع في المملكة العربية السعودية: بوية- تأنيث بوي أو ولد. ويستخدم بعض الذين يُصنفون أنفسهم اجتماعيًا كويرز تسميّة ملكات الجَر (Drag Queens)، وتعني الظهور الاجتماعي كنساء في مناسبات مختلفة مع تسريحات شعر ومساحيق تجميل لافتة للنظر. لا ترتبط هذه التسميّة بالميل الجنسي للشخص.

أهمية استخدام الضمائر في اللغة العربية
لُغتنا العربية لغة تذكير؛ فهي تعتمد على الإشارة للمُذكر ومُخاطبته بشكل افتراضي (By default). وهي أيضًا لغة تُعني بالتفرقة بين المُذكّر والمؤنث في الخطابة والكتابة، كلُغات أخرى حول العالم. بسبب وجود أشخاص ذوي/ذوات هويات اجتماعية غير نمطية، هناك حاجة ماسّة لإعادة تطويع اللغة بما يسمح بدمج هؤلاء في اللغة.

اعتمدت مجموعة ويكي الجندر، وهي مجموعة تهتم بدراسات النوع الاجتماعي وعلاقتها باللغة العربية والتوثيق، ضمائر جمعية تسمح بهذا الدَمج. فبدلًا من الضمير همّ/هنّ، تستخدم ويكي الجندر ضمير موحّد: همنّ. ذلك حال عدم معرفة الهوية الاجتماعية للمُخاطب/ة أو المُشارة إليهنّ/م. أما في حياتنا اليومية، فنُشجع بعضنا على سؤال الشخص بشكل مُباشر عن الضمائر التي يفضلنها/يفضلونها في المُخاطبة والإشارة، مهما اعتقدنا أن هويتهنّ/م الاجتماعية بديهية وتتوافق مع الثنائية (رجل/امرأة). يسمح ذلك ليس فقط بالدمج، إنما بإعادة حق الشخص في تعريف نفسه/ها اجتماعيًا كبديل للاعتماد على الثنائية السائدة، ومحاولة لفصل الجنس البيولوجي عن الهوية الاجتماعية.

هذه محاولة لرأب الصَدع اللغوي في الضمائر، ومُساعدة في جعل اللغة العربية لغة أكثر حيادية فيما يخص الهويات والأدوار الاجتماعية. وقبل ذلك كلّه، هي اعتراف بوجود هويات اجتماعية أخرى، وحق أصيل لكل فرد منّا أن يتم سؤاله/ها عن تفضيلاتهنّ/م فيما يخص الجندر.