IMG_0224
تعليقات القراء

تعليقات القراء: هذا ذكر ولا أنثى؟

جميعنا لدينا هويّات أكثر مرونة مما يتم تصويره لنا اجتماعيًا. جميعنًا رجل وامرأة في آنٍ واحد. وهناك أفراد يُغيّرون الهوية الاجتماعية المفروضة عليهم/ن أو تصنيف أنفسهم/ن كأشخاص بلا هوية اجتماعية، أي ليسوا رجالًا وليسوا نساء

تعليقات القراء -في هذا القسم سنختار بعض التعليقات التي تصلنا من القراء على مواقع التواصل الإجتماعي وسنقوم بالإجابة عليها. كل الأسئلة مهمة، استمروا بالتساؤل. هذا ذكر ولا أنثى؟
يتكرر ذلك السؤال علينا باستمرار من متابعينا على مواقع التواصل الاجتماعي، إن نشرنا صورًا ومقاطع مصوّرة لأشخاص قد يكونوا مختلفين عن الشكل "النمطي" للرجال والنساء، سواء بالتصرفات أو الملابس، أو نبرة الصوت أو تسريحة الشعر. عادة ما يكون السؤال القصد منه السخرية أو الاستهجان، ولكن السؤال عن كون شخص ذكر أو أنِثى، يدل على أمرين -الجهل أو كونه انعدام الأحساس، ولكن لنفترض حسن النية -وهو الجهل. لذلك، قررنا الرد على السؤال آملات وآملين ألا يسأله أحد مرة أخرى من سعداء وسعيدات الحظ الذين واللاتي يقرأون هذا النص.

إعلان

ما هو لون سروالك الداخلي؟ (أوبس!)
كثيرات وكثيرون منكم/ن يرونه سؤالًا غير لائق. لكننا قد نعتمده للرد على أي شخص يسألنا عما هو جنسنا البيولوجي أو نوعنا الاجتماعي. فإذا سأل أحدهم ما هو شكل العضو الجنسي الخاص بكم/ن ليتمكن من التعامل معكم/ن بناء عليه، فلتسألوه أولًا عن لون سرواله الداخلي. بعد ثوانٍ من المفاجأة، يمكنكم/ن مشاهدته مستعجبًا لماذا قد تسألونه عن شيء خاص كالسروال الداخلي، وكأنه لم يسألكم/ن لتوّه عن أعضاكم/ن الجنسية. كارما!

ذكر أو أنثى؟ رجل أم امرأة؟
في تشريح جسم الانسان هناك أعضاء تناسلية مسؤولة عن التكاثر واستمرار البشرية. يُحدد جنس الشخص بناء على شكل الأعضاء الجنسية المولودين بها. فإن كان العضو الجنسي قضيبًا، فالمولود ذكرًا. لو كان مهبلًا، فالمولود أنثى. بعض الأشخاص يستكملون حيواتهم/ن بنفس الأعضاء الجنسية، وبعضهم يغيرونها عن طريق الجراحات بعمليّات العبور الجنسي، من ذكر لأنثى والعكس. هناك أشخاص يولدون بأعضاء جنسية مزدوجة، كأن يكون لهم قضيبًا أو خصيتان ورحمًا في نفس الوقت، أو يكون لهم مهبل وخصيتين من الداخل. هناك أشخاص يستكملون حيواتهم/ن بأعضاء جنسية مزدوجة، وهناك مَن يلجأ للجراحة لاختيار أحدهما. ولكن الأعضاء الجنسية أيضًا ليست الوحيدة المسؤولة عن الجنس البيولوجي، فالهرمونات تلعب دورًا هامًا في بنية الجسد الإنساني، وعليها يتحدد شكل الجسم، مثل نمو الشعر عند البلوغ، نمو الثدي، نمو العضلات، تغيير في نعومة وخشونة الصوت، إلخ. جميع البشر لديهم هرمونات الأنوثة كالاستروجين وهرمونات الذكورة كالتستوستيرون، بنسب مختلفة بين الذكور والإناث.

ما هي الهوية الاجتماعية (Gender Identity)؟
هي مجموعة السلوكيات والتصرفات التي تم ربطها بالجنس البيولوجي للبشر، فيكون المرادف الاجتماعي لكلمة ذكر: رجل، والمرادف الاجتماعي لكلمة أنثى: امرأة. هذه الهويات يتم فرضها على الأشخاص فور الولادة وأحيانًا قبلها. يحدث ذلك من خلال اختيار الأسماء، طريقة التربية والتي منها اختيار الألعاب والألوان. يحدث أيضًا من خلال اللغة التي نستخدمها في التفرقة بين البنات والأولاد والتي تترسخ في وعيهم/ن وتتشكل هويتهم/ن الاجتماعية تبعًا لها. كما أن اللغة بوجه عام لها دور في تحديد الهويات الجندرية. في اللغة العربية مثلًا، هناك فرق بين المؤنث والمذكر، ضمائر المخاطبة، وضمائر الغائب. هذه القولبة التي نتعامل بها مع الأطفال والتي عوملنا بها أنفسنا في الصغر، هي التي ترسم للطفل/ة حدود هوياتهم/ن الاجتماعية.

إعلان

لو افترضنا أن الهوية الاجتماعية مَسطرة طرفها اليمين رجُل، وطرفها اليسار امرأة، سنجد أن جميعنا لديهم هويّات أكثر مرونة مما يتم تصويره لنا اجتماعيًا. بمعنى، سنجد رجالًا يتصرفون تصرفات يتم قصرها على النساء. ونساء يتصرفنّ تصرفات يتم قصرها على الرجال. إذن جميعنًا رجل وامرأة في آنٍ واحد، أو لا نلتزم بالمسطرة ولسنا رجالًا أو نساء مطلقًا. قد نجد توافقًا بين جنسنا البيولوجي وهويتنا الاجتماعية (ذكر/رجل)، (أنثى/امرأة). وجميعنًا لديهم/ن تفضيلات في تعريف أنفسهم/ن وفقًا لما يرغبونه، لا كما تحدده الهويات الاجتماعية المفروضة عليهم/ن.

الهوية الاجتماعية طريق لا ينتهي، نتعلّم فيه كيف نكون رجالًا وكيف نكون نساءً، ويتحدد وفقًا لها علاقاتنا الاجتماعية والجنسية بالآخرين. كل شيء مقسّم بين فئة رجالي أو فئة نسائي: التصرفات، الملابس، طريقة المشي، الصوت، وحتى المشاعر وطريقة التعبير عنها. يتم ربط الرجال بالعنف والنساء بالخضوع. ويُعاقب كلًا منهما بالنبذ الاجتماعي والوصم وأحيانًا العنف الجسدي والجنسي إن لم يتصرفوا/ن حسب الهوية الاجتماعية المفروضة عليهم/ن. هذه ثنائية غير مرنة ترفض أن يكون للأشخاص أكثر من هوية اجتماعية، وترفض خروجهم/ن منها، وتستخدم الجنس البيولوجي كمُحدد وحيد للهوية الاجتماعية. ترفض حتى الاعتراف بأن كل البشر لديهم سلوكيات تجمع بين ما يتم تصنيفه رجالي، وما يتم تصنيفه نسائي. هناك أفراد يُغيّرون الهوية الاجتماعية المفروضة عليهم/ن بعمليات عبور جندري، أو يبدأون/يبدأن في تصنيف أنفسهم/ن كأشخاص بلا هوية اجتماعية، ليسوا رجالًا وليسوا نساء. وهناك أفراد يُعرّفون أنفسهم/ن بهوية اجتماعية مختلفة عن التي تم تحديدها لهم بناء على أعضاءهم الجنسية دون إجراء جراحات.

هل يحق لي السؤال؟
لا يحق لأي شخص سؤال شخص آخر عن أعضاءهم الجنسية، أو هويتهم/ن الاجتماعية، ما لم يخبرونه هم/ن بذلك. لا يحق لك الافتراض أيضًا، والتعامل معهم/ن وفقًا لتخمينك. الهويّات الاجتماعية كما تُفرض علينا بالنشأة، تُفرض بالعنف. والأشخاص الذين/اللاتي يخالفونها تعرضن/ون لعنف في الأغلب. إن لم يكن جسديًا، فنفسيًا. سؤالك عن هوية شخص أو جنسهم البيولوجي، يعتبر تذكرة لهم/ن بأن ما واجهوه في السابق ليكونوا أنفسهم/ن، سيواجهونه طيلة حياتهم. نحن نُريد أن يستعيد الأشخاص أجسامهم/ن وتعريفاتهم/ن الاجتماعية لأنفسهم/ن وليس لمجتمعات أو أنظمة سياسية تُحدد لكل شخص ما يجب أن يفعله أو يكونه أو يميل إليه منذ ولادته وحتى مماته، بمَن فيهم أنت وأنا.

ماذا أفعل لأتحدث مع شخص لا أعرف إن كان رجلًا أو امرأة؟
يُمكنك سؤال الشخص عن أي ضمائر يستخدمها في الحديث. هو/هي أم همّ ونحنُ؟

الفضول يقتلني. كيف أسأل شخص عن جنسه وهويته الاجتماعية؟
إن قتلك الفضول لمعرفة هوية شخص وجنسه، فسأل نفسك هل هذا الشخص أنت؟ هل تتساءل عن جنسك أو هويتك الاجتماعية؟ هل هذا جسمك؟ إن كانت اجابتك، نعم، يحق لك السؤال. إن كانت لا، رجاء قراءة النص مرة أخرى.

Tagged:هوية