84f9434c-2b33-4f48-88bc-36d8267c818e
موسيقى

مهرجانات بأصوات نسائية مصرية

"كنت حاسة أن صوتي اتحول لحمو بيكا لكن على بنت"
ندى جمال
إعداد ندى جمال

في ظل الجدل المثار حول جدوى ومحتوى أغاني المهرجانات في مصر، والصراع القائم بين نقابة الموسيقيين ومؤدين المهرجانات، انطلقت فكرة تأسيس "تسجيلات فلافل" كورشة عمل تتيح للشابات من عمر 21 سنة إلى 35 سنة الفرصة للتعبير عن أنفسهن ومشكلاتهن عبر أغاني المهرجانات والتراب الشعبية، لمعالجة الموضوعات الاجتماعية من منظور نسوي وبطرق جديدة ومعبرة عن مختلف البيئات المصرية - المشروع بتمويل من المعهد السويدي بالتعاون مع مؤسسة آفاق.

إعلان

بعد إقامة فنية لعشر مشاركات مع موسيقيين وشعراء في مدينة الإسكندرية في مصر، صدر الألبوم الأول بعنوان "بخاف أوي أوي" وهو اسم أحد أغاني الألبوم، وتناولت الأغاني موضوعات تخص المرأة وتشتبك مع صراعها في المجتمع المصري. لم يقتصر مضمون الأغنيات عن مشكلات المرأة فحسب، بل أنه تتطرق لبعض الأزمات العالمية كمشكلة التغير المناخي في "مهرجان البيئة" وهي تعتبر أول أغنية باللغة العربية عن هذا الأمر وبصوت نسائي، ووصلت مهرجانات تسجيلات فلافل إلى الجنوب المصري، ليكون هناك أول مهرجان باللهجة النوبية تسرد بعض القصص من تراث النوبة وهو مهرجان "كوما كوماجي." 

"أنا شخص لم يحب ابدًا سماع المهرجانات، ولا الأغاني الشعبية، وكنت أطلب من المحيطين عدم تشغيل تلك النوعية من المزيكا خلال تواجدي معهم، وأميل أكثر إلى الموسيقى الكلاسيكية. كل ذلك كان قبل حضوري للورشة والمشاركة في منتجها النهائي تسجيلات فلافل،" تقول جيسيكا، 33 عاماً، أن تجربتها مع المهرجانات بدأت لسببين أولهما، هو حبها لخوض التجارب الجديدة المختلفة عنها، وثانيهما هو فضولها اتجاه عالم المهرجانات وصناعته في مختلف مراحله، وهو ما دفعها لملىء استمارة التقديم على الورشة، وعند تبليغها بالقبول راجعت جيسيكا نفسها سائلةً إياها "هو أنا بجد هغني مهرجانات؟" 

بدأت جيسيكا التجربة ولكن في الخفاء خوفًا من الانتقاد، فكانت تذهب إلى الورشة سرًا وإذا اضطرت للتفسير تقول أنها ورشة مسرح، وبالرغم من ترددها الداخلي إلا أنها سرعان ما أخذت على الأجواء وتكونت الروابط بينها وبين بقية المشاركات، واستغلت وقتها هناك في التعرف على أنواع مختلفة من الموسيقى ليس فقط المهرجانات ولكن الراب والتراب وغيرها من الأطياف الموسيقية.

إعلان

"يا زومبيز يا عفريت يا ناقص يا شنقيط." هي جزء من مهرجان "يا زومبيز" وبالنسبة لجيسيكا هو أحب المهرجانات لها حيث ساعدها على التحدث عن وقائع تحرش وتنمر مرت بها بالفعل وهو شعور شاركتها فيه بقية المشاركات: "كنا نتخيل خلال أداء المهرجان أننا نوجه كلمات الأغاني لمتحرش ويظهر علينا الانفعال ويساعدنا إيقاع المهرجان في ذلك، وكأننا نتحدث من موقف قوة حتى وإن كان موقفنا في حدث التحرش ذاته عكس ذلك."

"عندما نظرنا إلى فن المهرجانات الناشيء من قلب المجتمع المصري، وجدنا أن بعض أعداد مشاهداتها على اليوتيوب قد يتعدى عدد مشاهدات أغنية لليدي غاغا مثلًا، وبالرغم من ذلك فأنه فن خالي من الصوت النسائي وبعيد حتى عن موضوعات النساء، بالإضافة إلى أن كثير من كلمات أغاني المهرجانات تهاجم النساء وتصورهن بصورة الخائنة والعاهرة،" تشرح رشا شعبان، المديرة الثقافية لمشروع "تسجيلات فلافل"، وإحدى المسؤولات عن برنامج "Mind The Gap" التابع للمتحف الوطني للثقافات العالمية في السويد. وتضيف: "هذا ما دفعنا للدخول في تلك المساحة ومحاولة التغيير فيها حتى لو كان تغيير بسيط فأنه قد يحرك المياه الراكدة. ومن هنا قررنا العمل على تحقيق ما يسمى بالمساواة النوعية أو التعددية في مجال المهرجانات الغنائية في مصر." 

"شعرت بالسعادة بعد تحويل الكلام اللي كتبناه بنفسنا لأغنية وتسجيلنا له في الاستوديو،" تقول داليا سمير، إحدى المؤديات المشاركات في "تسجيلات فلافل."

داليا "أول مرة تغني، وأول مرة تمسك في حياتها مايك" على حد تعبيرها، وما زاد سعادتها أنها غنت مهرجان عن التحرش؛ لأنها لها باع طويل مع مبادرات لمناهضة التحرش الجنسي في مصر.

إعلان

وتقول: "في مشروع سبق وأن شاركت فيه، كان أول مرة اتكلم فيه عن التحرش والسخرية من جسمي البدين وكنت واقفة فيه على المسرح وكان السبب لتغيير أشياء كثيرة في حياتي، وحاليًا بشارك في تسجيلات فلافل وبغني مهرجان عن التحرش بنفس الجرأة اللي وقفت بها على المسرح قبل كده."

مهرجان "بخاف أوي أوي" هو الأقرب لداليا، حيث أنه يعبر عن "عموم النساء اللائي يشتركن في مشاعر الخوف من أشياء تبدو بديهية ومسالمة ومع ذلك هي مشاعر غير معبر عنها في فن المهرجانات على لسان ستات."

"أنا بلحن من حوالي 28 سنة، وأغلب أعمالي تتنوع بين الدراما أو ألحان مسرحية أو بعض الأغاني الكلاسيكية. عندما تم عرض موضوع ورشة المهرجانات عليا رفضت في البداية، ليس لرفضي فكرة المهرجانات في المطلق، ولكني بالفعل ليس من متابعي هذا اللون الغنائي، فكيف ألحن له؟" يوضح الملحن الموسيقي، أشرف فتحي، ملحن تسجيلات فلافل، أنه عندما اقترب من أغاني المهرجانات لم يجدها بهذا السوء الذي يصورها به البعض. ويضيف: "اكتشفت أنها أغاني تتضمن جُمل موسيقية وهو أكثر ما يهمني كملحن، حتى وإن كانت محتاجة للتطوير وهو ما ساعدني فيه الموزع الموسيقي عمرو زيدان."

وتتفق نيفين سراج، إحدى المؤديات في تسجيلات فلافل، في خلفيتها الموسيقية مع فتحي، فهي عازفة على العود ومغنية وتميل أكثر إلى الأغاني الشرقية وتقول: "خضت تجربة المهرجانات، لأن الفكرة عجبتني. قبلها لم أكن انتبه لخو أغاني المهرجانات من الأصوات النسائية."

أهم ما قيل لنيفين في الورشة نظرًا لخبرتها السابقة في الغناء "متغنيش" الأهم هنا ليس جودة الصوت، لأن الأساس في فن المهرجانات هو قوة الكلمات وقدرتها على جذب المستمع بالإضافة إلى طريقة الأداء والمؤثرات الصوتية المستخدمة وهو ما واجهت فيه نيفين صعوبة إلى حد ما: "في مهرجان البيئة كان مطلوب خشونة في الصوت ..وأنا بقول مين يعتقني ويصدقني أني كبيئة بجد بعاني، فكنت حاسة أن صوتي اتحول لحمو بيكا لكن على بنت، وهو ليس عيبًا فيه ولكنه شيء جديد علي."