image_6483441 (13)
جنس

كيف نجعل طلب القبول والرضائية مثير جنسيًا؟

الشرط الأول هو الموافقة الصريحة على ممارسة الجنس (كل مرّة): لا استنتاج، ولا استدلال، ولا توقّعات

عندما نتحدث عن الرضائية في العلاقات الجنسيّة، كثيرًا ما نسمع جدالات تزعُم أن الرضائية تُفسد المُتعة الجنسيّة. والسبب في ذلك هو أن الرضائية لها شروط، بعضها واضح، والآخر يحتاج لمجهود إضافي لفهمه والتعامل معه بشكل مُناسب.

إن لم تكُن الممارسات الجنسيّة رضائية، فهي اعتداء جنسيّ. وإن لم يكُن الأطراف المنخرطة في الجنس الرضائي، مُلمّة بشروطه، قد يتحوّل أيضًا لاعتداء جنسيّ في أي مرحلة من مراحله. 

لكن بالنسبة للبعض، فحين نتحدث عن شروط الرضائية، يتخذن/ون موقف دفاعي، كما لو أننا نتهمهن/م بالاعتداء الجنسي. التخوّف من الاعتداء الجنسي هنا ووضعه أمامنا طيلة الوقت هدفه حماية الأطراف، قبل أن يكون اتهامًا. اليوم نتحدث معكن/م عن طرق الحصول على الموافقة، وكيف نحصل عليها بطريقة تُثري تجربتنا الجنسيّة وتُحسن من شعورنا بأنفسنا وبشريكاتنا/شركائنا.

إعلان

ما هي المتعة الجنسيّة؟
التعريف الأبويّ السائد للمتعة الجنسيّة هو أنها لحظة بلوغ النشوّة أو الأورجازم، أي مقتصرة على ثواني معدودة. أما ما قبلها، فله مُسميّات كالمُداعبة، أو الاستثارة. منذ عقدين تقريبًا، كان تعريف المتعة الجنسية مقتصرًا على الرجال بسبب المفاهيم الأبويّة التي تُنكر على النساء والأقليات الجندرية وأصحاب الميول الجنسيّة المختلفة، حقوقهنّ/م في الإشباع الجنسيّ، وتعتبرهن/م مجرد أدوات إمتاع جنسيّ للرجال. وبذلك كانت المتعة الجنسيّة حِكرًا على الرجال مغايري الجنس (Heterosexual)، وتعترف بالقذف كشكل وحيد للمتعة الجنسيّة، وأن وسيلة تحقيق المتعة الجنسية هي الإيلاج فقط.

في العقود الأخيرة، وبفضل النسويّات، اتسع مفهوم المتعة ليشمل المداعبات والاستثارة، وحتى الدعوة أو الاقتراب (Approaching)، والسياق (Context)، والموافقة (Consent). وهذا التعريف يضع في حسبانه أن لكل الأطراف المُشاركة في الفعل، حقًا في المتعة الجنسيّة في كل هذه المراحل، بشكل لا يشوبه شبهات الاعتداء الجنسي والإكراه.

انتقل مفهوم المتعة الجنسية من كونه مقتصرًا على الأورجازم، إلى عدم اعتبار الأورجازم نهاية للعلاقة الجنسيّة أو محورها، وأنه ليس ركنًا أساسيًا لتحقق المتعة. بإمكان الأشخاص استكمال ممارسة الجنس حتى بعد الأورجازم، أو إهماله تمامًا والتركيز على الأشكال الأخرى للإمتاع بشرط الحرص على الموافقة كل مرّة وفي كل خطوّة. 

إعلان

أسباب الحرص على الموافقة يراجعٌ لإدراك النسويّات أن الممارسات الجنسيّة لا تحدث في معزل عن علاقات القوّة وأشكال السلطة. وبالتالي، فإن الموافقة/الرضائية/القبول هو الشرط الأول لتحقق المتعة الجنسيّة بأنواعها. وعليه، فإن الأهليّة القانونيّة والبلوغ أمران حتميان للموافقة. لأنه لولاهما، لاختلطت ممارسات الجنس الرضائي بالاعتداء الجنسي على الأفراد غير القادرات/ين على إعطاء الموافقة: كالأطفال، أو ذوي/ذوات الاضطرابات العقليّة والنفسيّة. 

ما هي أهميّة السياق؟
بعد تحقق الأهلية القانونيّة والبلوغ، يأتي دور السياق. فالحصول على الموافقة ليس مُجردًا، بمعنى أنه يُمكن لأي طرف أن يطلبها من أطراف أخرى دون سياق يسمح له/لها بذلك؛ كالطلب من الغرباء أو أشخاص تربطنا بهن/م علاقة عمل/ أو لدينا امتيازات اجتماعيّة أكبر منهن/م، أو واقعات/واقعين تحت سلطتنا بأي شكل. فحتى في سياق العمل بالجنس التجاري، لا يُمكننا دعوة العاملات/ين، بزعم أننا نعرف مهنتهن/م، دون أن يقُمن/يقومون بالعرض أولًا وفي سياق يُمكنهن/م من ذلك. 

إعلان

وهنا تساؤل مشروع: ألا يحق لنا عرض خدماتنا الجنسيّة؟ في الحقيقة، لا. لأن عرض الخدمات الجنسيّة يلزمه سياقًا أيضًا: كأن نكون في علاقات جنسيّة مع الأطراف حاليًا، وألا يحدث تحت ضغط وتهديد أو ابتزاز وإلحاق ضرر في حالات الرفض. ولأنه وعكس الشائع، ليست الموافقة عرضًا وطلبًا مُجردان من السياق، حتى في حالات الجنس التجاري.

ماذا لو لا يوجد سياق؟
رغم أن الأفضل هو انتظار وجود سياق، البعض يفضلن/ون إيجاد سياق. ونصائحنا في هذا الصدد كالآتي:

  1. أن يخلو السياق من جميع علاقات القوّة غير المتكافئة، كعلاقات العمل، والإلحاح والمُطاردة والمُحاصرة.
  2. أن يسمح السياق بسؤال الأطراف إن كانوا مُرحبات/ين بأسئلة واستفسارات عن الجنس.
  3. أن يُستخدم السياق لاستنتاج إن كانت الأطراف الأخرى لها نفس الرغبة قبل الانتقال لمرحلة الأسئلة المباشرة: فمثلًا لو كنا في علاقات صداقة، يُمكننا السؤال: هل توافقن/ون على الجنس الرضائي بين الأصدقاء أم ترونه مُفسدًا لعلاقة الصداقة؟ وما هي شروطكنّ/م؟ 
  4. أن يكون للأطراف جميعها نفس الأهداف. فلا يُمكن التقرّب عاطفيًا من أشخاص أو الوعد بالزواج بهدف ممارسة الجنس، لأن ذلك يعتبر استغلالًا جنسيًا.
  5. لابد من تحديد شكل العلاقة الجنسية وسؤالهن/م إن كان ذلك يتفق مع رؤياهنّ/م، مثًلا: هل ستكون ليلة واحدة؟ هل هي علاقة عابرة، ربما تتكرر وربما تتوقف؟ هل هي شراكة جنسيّة فقط؟ هل هي شراكة جنسيّة وعاطفيّة؟ هل العلاقة الجنسيّة حصريّة، أم يحق للجميع ممارسة الجنس مع آخرين/أخريات؟ 
  6. أن يكون مستقبل العلاقة واضحًا: هل ستنتهي بعد ممارسة الجنس؟ هل ستقتصر على ممارسة الجنس؟ هل سنظل أصدقاء/معارف؟ 

إعلان

كيف نحصل على الموافقة بطريقة مُثيرة جنسيًا؟ 
إن وصلتن/م لهذه المرحلة من وجود سياق بعد تحقق شرطي البلوغ والأهليّة، (تهانينا).  الآن ننتقل لبعض خطوات تساعدكن/م في الحصول على موافقة مُمتعة جنسيًا لكنّ/م وللشريكات/الشركاء. ونُقسّمها إلى موافقة جنسيّة في أوقات عاديّة لا نمارس فيها الجنس ولا نكون فيها مُفعمات/ون بالمشاعر الجنسيّة، وموافقة جنسيّة في أوقات ممارسة الجنس، تجعل التجربة أكثر امتاعًا:

أولاً في غير أوقات ممارسة الجنس:

  1. الشرط الأول هو الموافقة الصريحة على ممارسة الجنس (كل مرّة): لا استنتاج، ولا استدلال، ولا توقّعات.
  2. السؤال عن التفضيلات: هل ترغب/ين في كذا أثناء ممارسة الجنس؟ هل تحب/ين عندما أفعل كذا؟ ما هي أكثر نقاط الإثارة في جسمك؟ كيف تُحب/ين أن أحفزّك جنسيًا؟ هل تُحب/ين الجنس الفموي/الشرجي؟ هل الإيلاج شرطًا لتحقق متعتك الجنسيّة؟ هل تُحب/ين المُبادرة أم الاستقبال؟ هل تحب/ين الجنس الرومانسي أو الجامح (Rough Sex)؟ هل تحب/ين لعب الأدوار والتمثيل؟ هل تحب/ين الحديث الخارج (Dirty Talk)؟ هل تحب/ين الألعاب الجنسيّة؟ ماذا عن الواقي الذكري؟
  3. إن كان الواقي الذكري يُمثل أزمة للسائل (لا يجب أن يكون كذلك لأنه أساسيًا للحماية من الأمراض المنتقلة جنسيًا والحمل غير المخطط له): أنا لا أحبّه، فهل هناك بدائل؟ إن لم يكُن هناك بدائل، ولا يوجد، فالأفضل الالتزام بالواقي الذكري لسلامة الجميع. 
  4. السؤال عن المشاعر: ماذا شعرتِ عندما حدث كذا؟ هل كان كذا مُمتعًا؟ هل ترغب/ين في تكراره؟
    لو كانت الإجابة سلبيّة، يمكن السؤال كيف أعوضِك عن هذا؟ هل تود/ين التوقف لفترة؟ 
  5. السؤال عن الاقتراب والدعوة: هل ترغب/ين في أن أفاجئك جنسيًا، أم يُشعرك ذلك بالانزعاج؟
    معظمنا يكره المفاجآت الجنسيّة لأننا ناجين/ناجيات من اعتداءات جنسيّة، والمفاجأة مُحفّزة لهذه الصدمة النفسية. 
  6. السؤال عن الأمور غير الواضحة: لاحظت علامات عدم راحة في اليوم الفلاني، لكن لم تتحدث/ي، هل كان استنتاجي صحيحًا؟ هل شعرت/ي برغبة في التوقف أو التغيير وأنا لم أستجِب؟ معظمنا أيضًا لا يُريد إفساد الجو العام بالرفض، لكن حتمًا تبدو علامات عدم الراحة على وجوهنا وأجسامنا ونظراتنا، وعلى الشريكات/الشركاء قراءة ذلك والتصرف بناء عليه.
  7. الحديث بانفتاح بعد كل ممارسة جنسيّة للوقوف على الأشياء الممتعة وأيضًا المُزعجة قبل أن تتراكم. وعلينا قبول رأي الشريكات/الشركاء والاعتراف بحقهن/م في الاحساس بشيء ما والتصديق عليه. بمعنى لو عبّر طرف عن الانزعاج، يجب احترام مشاعرها/ه وعدم القفز للمواقف الدفاعيّة عن أنفسنا. ثم معالجة الأمر بنُضج.

إعلان

ثانيًا في أوقات ممارسة الجنس:

  1. أحب ما فعلتيه/فعلته توًا، هل يُمكننا تكراره؟ كيف تشعر/ين عندما أفعل كذا (ونفعله). ولو التفاعل كان إيجابيّاً، نستكمل: وماذا عن كذا (ونفعله أيضًا)، وهكذا.
  2. هل تود/ين واقيًا ذكريًا؟ لو الإجابة لا، نستطرد في السؤال: لماذا؟ وقد نسمع عبارات تُحفّزنا جنسيًا.
    هذا للأطراف في العلاقات الجنسية الطويلة والحصريّة، رغم أننا لا ننصح بالجنس غير الآمن.
  3. هل ترغب/ين في تغيير الوضعيّة الجنسيّة (Sex Position)؟ 
  4. لقد آلمني ذلك، هل يُمكننا التوقف لدقائق؟ 
  5. أعرف أنكِ لا تحب/ين التقبيل، ماذا عن أذنيكِ؟
  6. هل أنتِ مُنزعج/ة؟ لو الإجابة لا، نستطرد: أوصف/ي لي كيف تشعر/ين الآن؟
  7. أحب عندما تفعل/ين لي كذا (نأخذ أيديهن/م ونضعها حيث نشاء لو كان أمرًا مُثيرًا لهن/م أيضًا).
  8. قد تتشابه تأوهات الألم والمتعة، خاصة في الجنس الجامح، لذلك، فمن الأفضل وجود كلمة أمان أو إشارة أمان للتوقف، ومثلها للاستمرار. 
  9. إن وصل أحدنا للذروة، وهو أمر طبيعي، يجب ألا تتوقف الممارسة الجنسيّة أو يُقلل ذلك من حمومة الأجواء، إلا لو رغب أحد الأطراف الأخرى في التوقّف. يُمكننا أخذ استراحة لدقائق ثم الاستكمال. 

التحكّم في التوقّعات
يجب الانتباه لتوقعاتنا. نعم، بذل المجهود للحصول على الموافقة أمر مُثير جنسيًا، وقد نفعل كل شيء للشريكات/الشركاء ولا تزال إجاباتهن/م هي الرفض. علينا احترام ذلك مهما كانت الظروف التي تم فيها الرفض، حتى لو كانت لحظة أوج جنسيّة.

علينا أيضًا الانتباه إلى أن الممارسات الجنسيّة لا تحدث بالشكل الذي نُخطط له دائمًا، ومُتعتنا الجنسيّة فيها مُختلفة كل مرّة، وربما تحدث أمورٌ ليس لنا يد فيها وتنتقص من متعتنا الجنسيّة. أما لو كانت مُتكررة بشكل يُعطل شعورنا بالإمتاع الجنسيّ، فعلينا وعلى الأطراف الأخرى مناقشتها دون أن نخاف الوصم، والعنف، والعقاب. 

نتمنّى لكنّ/ ممارسات جنسيّة مُمتعة.