جمعنا لكم أكثر الصور النمطية التي يراها الغرب عن العرب

سواء وافقنا على ذلك أم لا، هناك صورة عامة لدى الغرب عن العرب، في العادة يتم وضعنا جميعاً في خانة واحدة (أو سجن انفرادي في مكان غير معروف)، لا تشبه الحقيقة في أي شيء. العرب أنفسهم في بعض الأحيان لا يعرفون غيرهم من العرب، ولكن الغرب تمكن بطريقة ما من معرفتنا: الأمر سهل، صورة جمل، صحراء، نقاب، ومؤخراً هجرة وحروب هي كافية لتمثيل أكثر من 400 مليون عربي، أو 5% من سكان العالم. هذه الاستشراقية التي تحدث عنها المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، في كتابه “الاستشراق” لا تزال تحكم طريقة رؤية العالم لنا، كما يقول سعيد: “إن مناقشات الشرق في الغرب كانت دوماً تتسم بالغياب الكامل للشرق.” هذه النمطية والتعميم في النظر للعربي تشمل الكثير من النواحي، حاولنا جمعها في عدة نقاط (لا شك أن لديكم/ن الكثير غيرها).

1- جميع العرب هم بالضرورة مسلمين
في عرب مسلمين، وفي مسلمين مش عرب (وإييييه على رأي المغني الشامل شعبان عبد الرحيم). هناك أكثر من مليار مسلم في العالم على فكرة، وأكبر دولة إسلامية ليست السعودية كما يظن الكثيرون، بل إندونيسيا ويبلغ عدد سكانها حوالي 234 مليون نسمة، نسبة المسلمين منهم حوالي 87%. إندونيسيا ليست عربية. إيران، وتركيا الذين غالباً ما يتم وضعهم في خانة واحدة مع العرب باعتبارهم “الشرق الأوسط” ليسوا عربًا أيضاً ولا يتحدثون العربية (جرب بس تحكي عربي).

Videos by VICE

أيضًا، ليس كل العرب مسلمين. الأديان السماوية الثلاث خرجت من العالم العربي (مصر- اليهودية/ الجزيرة العربية -الإسلام/فلسطين -المسيحية) وهذا يعني أن هناك ملايين من العرب الذين يدينون بأديان غير الإسلام، كما هناك العديد من الذين لا يؤمنون بأي دين أو إله، سواء من اللادينيين والملحدين. وضع العرب جميعًا في صندوق واحد، قد يكون أسهل (لشو يتعب قلبك) وقد ترى المفاجأة على وجه شخص غربي (التعميم هنا بقصد توضيح الفكرة وليس لكوننا نرى الغرب كلهم بصورة واحدة ها) في كل مرة يفاجئ بوجود عرب مسيحيين أو يهود مثلاً (قيام الغرب بجعل المسيح أبيض البشرة وبعيون زرقاء، بينما هو في الحقيقة أسمر البشرة من بيت لحم، ربما ساعد في هذا التعميم). وعليك أن تقص عليهم تاريخك وتاريخ آباءك وأجدادك حتى يصدقوا أن وجود عربي مسيحي أسمر هو في الحقيقة الطبيعي والعادي والمنطقي. وهذا يقودنا إلى التعميم الثاني.

2- شعب أسمر غلبان
المواطن الأسمر الغلبان كما يصف الفنان الكاريكاتيري أنديل المصريين في برنامجه “أخ كبير” قد يكون وصفاً قريباً من رؤية الغرب للعرب ككل. سمر البشرة، غلبانين ونكديين -هذه الأخيرة أضفتها من عندي. مجدداً، هذه نظرة خاطئة تماماً، لقد مر على المنطقة العربية أشكال وألوان من الحضارات من السومريين والآشوريين والكنعانيين والبابليين والرومان والأفارقة والعثمانيين، إضافة طبعاً إلى الاستعمار من قبل دولة عديدة من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا. كل هذه الحضارات تركت شيئاً ما وأثرت على لون البشرة ولون العينين وحجم الأنف (لا شكر على واجب) والشفتين. من الصعب أن تمشي في شارع في أي مدينة عربية بدون رؤية هذا التنوع الكبير، ولكن لسبب ما، لا يرى الغرب بمعظمه (كي لا نعمم أيضاً) سوى العرب بصورة واحدة، وإذا لم تتبع هذه الصورة الجاهزة، فستجد أن ردة الفعل هي ذاتها، “لا تبدو عربيًا / فلسطينيًا / مصريًا..) أو أنهم يخلصون إلى نتيجة تريحهم بأن أمك أو أباك ليس عربياً. “شو لازم يكون شكلي يعني، شبه ساندويش الفلافل؟” في الحقيقة، العرب أنفسهم يجدون صعوبة في فهم سبب اختلاف لون بشرتك أو عيونك الزرقاء أو الخضراء، وهم أيضاً يستغربون ذلك. سنوات الاستعمار والاستشراق نجحت بالفعل بجعل العرب أنفسهم يقتنعون بالصورة التي رسمها مستعمرهم لهم. صورتنا عن أنفسنا لم نختارها نحن، تم اختيارها لنا ونحن ابتلعنا السم الذي لم يكن في العسل.

3-“العرب” ليس كلهم عرباً
ليس كل من يعيش في العالم العربي عرب، فهناك من يتم وضعهم في خانة العرب وهم ليسوا عرباً مثل الأكراد، والشركس والتركمان والأمازيغ والسريان والأرمن وغيرهم. هؤلاء ينحدرون من ثقافات مختلفة، لهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة، بل وحتى صور نمطية خاصة بهم بغض النظر عن صحتها (فالكردي تنح وعنيد، والشركسي لا يعرف سوى العزف والرقص). صبغ كل هذه الأطياف من الثقافات بلون واحد، وتجاهل الخلفية التاريخية والجغرافية لشعوبها التي عانت الأمرين في محاولة استمرار وجودها، لا ينطوي على جهل وقلة معرفة فحسب، وإنما على تعالي الرجل الأبيض (وأحياناً الاسمر أيضاً) الذي يرى في أي وجوده خارج حدود قارته أشبه بنظرية مؤامرة حول حقيقة وجود الفضائيين.

4- جميع النساء مضطهدات ومنقبات
غلط. النساء العربيات منقبات ومحجبات ومتدينات بدون حجاب، وغير متدينات أصلاً. بعضهن يرفضن الحجاب شكلاً ومضموناً ويرين أنه لا يمت للإسلام بشيء (هناك خلاف على الحجاب والنقاب في الإسلام)، وبعضهن اخترن الحجاب وأخريات يفرض عليهم من قبل العائلة أو المجتمع. الأمر أكثر تعقيداً من مجرد غطاء على الرأس (لا داعي لتبرير سبب وضع الحجاب من عدمه أصلاً). أما الاضطهاد، فهذا أمر مختلف عليه، وفي حين أن القوانين، خاصة قوانين الأحوال الشخصية تظلم المرأة بشكل كبير، فيما يتعلق بإعطاء الجنسية لأولادها، الاغتصاب، الميراث؛ إلا أن المرأة العربية لم تتوقف عن المطالبة بحقوقها وبتغيير هذه القوانين. أما فيما يتعلق بالمجتمع، فلا تزال المرأة تناضل في نفس المجال الذي تناضل فيه المرأة في العالم ككل، سواء فيما يتعلق بالمساواة بالأجور، والوظائف، إلى الطريقة التي يتم استخدامها جنسيًا سواء في الإعلانات والأفلام، أو التصنيفات الجاهزة للمرأة حسب ما ترتديه أو لا ترتديه من ملابس. هذا بالاضافة إلى أنه لا يمكن الحديث عن المرأة العربية وكأنها امرأة واحدة. مجددًا، نحن نتحدث عن 22 دولة عربية، حجم الاختلافات فيها أكبر من حجم التشابه (يعني موضوع كبير، كتير كبير). وضع المرأة في تونس وسوريا لا يشبه وضعها في السعودية، لبنان، أو فلسطين، وحتى مصر وتونس. وهناك تفاصيل كثيرة جداً تتعلق بالمرأة، المرأة التي ترتدي الحجاب قد تكون أكثر تحررًا وانفتاحًا من امرأة لا ترتديه، هذا فقط مثال واحد من مئات التفاصيل الأخرى التي قد تحدد قليلاً مما تعرفه عن المرأة العربية. اضطهاد المرأة موجود، ولكنه لا يُمثل المرأة العربية في أحيان كثيرة ولا يشمل المرأة العربية فقط.

5- معقدين جنسيًا
المشكلة أن ذات المستشرقين الذين نظروا إلى العرب سابقًا باعتبارهم متحررين جنسيًا بسبب علاقتهم المفتوحة التي لم يفهمها الغربي (يمكنك فقط قراءة القليل فقط من أشعار أبو نواس، ورومي، وتاريخ الخلافة العباسية.. ) ليتم لومهم اليوم على كونهم “معقدين جنسياً” وغير متقبلين لاختلاف الطبيعة الجنسية، ولكن المشكلة لم تكن أصلاً عربية، بل كانت واحدة من المصائب الكثيرة التي تركها علينا الاستعمار البريطاني بشكل خاص (كما الحال مع البلدان الأخرى التي استعمرها). في عام 1860، نشرت الإمبراطورية مجموعة محددة من القوانين القانونية والقانون العام في جميع أنحاء مستعمراتها من بينها قوانين تحظر العلاقات الجنسية المثلية بهدف حماية المسيحيين من “الفساد” وتصحيح العقيدة “المسيحية.” وترى تركة الاستعمار البريطاني في الكثير من المستعمرات البريطانية السابقة حيث ظلت هذه القوانين في مكانها (مقارنة بالمستعمرات السابقة لدول أوروبية أخرى) فمن بين 72 دولة لديها قوانين تحرم المثلية في عام 2018 ، 38 من هذه الدول على الأقل كانوا خاضعين إلى نوع ما من الحكم الاستعماري البريطاني. فرنسا فرضت نفس القوانين على البلدان التي استعمرتها. وبعد الاستقلال، قامت كل الدول العربية (ما عدا الأردن والبحرين) بأخذ القانون البريطاني والفرنسي بخصوص المثلية الجنسية كما هو، يعني باختصار وعلى رأي المثل “الاستعمار بقتل القتيل وبمشي بجنازته.”

6- فاحشو الثراء
بالتأكيد أن كثيراً من المدن وخاصة في منطقة الخليج العربي كانت قد شهدت نهضة اقتصادية في نهاية القرن الماضي بعد اكتشاف النفط فيها. وأن مدنًا كـ دبي مثلاً، قد أحسنت استثمار مواردها بحيث أصبحت في صف المدن المتقدمة. أما الصورة النمطية لدى الكثيرين في الغرب بأن لكل عربي بئر نفط لا ينضب في حديقة منزله، فهي خرافة حاول تعزيزها تجار الحروب القائمة بشكل أساسي على التوجه إلى الشرق الأوسط “للقضاء على الإرهاب والعودة بالنفط الفائض عن حاجة أصحابه” كمكافأة أو أجر. بالعموم، لو كانت الصورة هذه صحيحة ولو جزئيًا، لما كنا نصنف بين دول العالم الثالث حيث يقبع الملايين تحت خط الفقر في معظم البلدان العربية، والنسبة في تزايد سنوياً. ربما، لو كان “نفط العرب للعرب” كما أخبرونا، لكان سيسعدنا تعميم هذه الصورة أكثر قليلاً.

7- طعامهم شهي

حسناً.. أجل. في الواقع إن الأطباق العربية قد شقت طريقها إلى الغرب (كالفلافل، والحمّص أو هوموس بالانجليزية، والتبولة، الشاورما) أصبحت شديدة الشعبية بحيث تكاد تكون الأمر الوحيد الذي يعرفه معظم الغربيين عن العرب ولا يرتبط بالسياسة. المطبخ العربي إذاً هو الصورة النمطية الوحيدة التي ندعمها ونؤيدها ونعتز بها. ولكن، صارت وصارت، دعونا نصحح بعض المعلومات المغلوطة لنعزز من أصالة هذه الصورة: مزيداً من الاحترام للحمّص يا جماعة فهو ليس غموس للشيبس وإنما طبق مقبلات محترم بحد ذاته. الدجاج بالكاري هو في الواقع طبق هندي وليس عربياً. الفلافل أكلة عربية حصراً ومن المطبخ الشامي، أما “الفلافل الإسرائيلية” التي تأكلونها في أمريكا وأوروبا فهي مسروقة ومزيفة، وبصراحة – وبكل موضوعية- ليست جيدة إطلاقاً. تناول الفلافل من مطعم إسرائيلي أشبه بالتوجه إلى الحي الصيني لشراء التاكو.

8- عاطفيون ويحبون المشاكل
لست أدري إذا كنا نحب المشاكل أم المشاكل هي التي تُحبنا. تاريخ المنطقة العربية مليء بالحروب والغزوات والانتصارات والخسارات المتتالية، لا أعلم عن فترة من التاريخ عاش بها العرب بدون أن تقع عليهم “مصيبة” من نوع ما. في غالبية الحالات المشاكل هي التي فرضت نفسها علينا، ولا شك أن هذه المشاكل جعلتنا أكثر جهوزية لنتمشكل مع العالم. نحن نحب المشاكل من جهة، ومن ثم بنفس الجملة، يقال أننا عاطفيون. الموضوع مُعقد، لأن الخط بين العاطفة والعقل ليس واضحاً للجميع، ولا أحد يستطيع الإدعاء أن احدهما أفضل من الآخر. عندما استقبلت ألمانيا مليون لاجئ سوري، لم يكن هذا قراراً “عقلانياً” بالمطلق، وفي نفس الوقت عندما قرر دونالد ترامب فصل عائلات المهاجرين عن أولادهم لم يكن يفكر عاطفياً.. أين الصواب من الخطأ، الأمر ليس واضحًا، هناك اختلاف في الثقافات والتجارب والخلفيات، لا أحد عاطفي تماماً ولا عقلاني للنهاية. ربما تكون العاطفية الزائدة لدى العرب هي في النهاية نتيجة منطقية لكم الوقائع المؤلمة التي تجددت عليهم جيلاً بعد الآخر. جيل الألفية مثلاً ترتبط أولى صور وعيه بانتفاضة الأقصى ومشهد لطفل يحتضر في حضن والده، يليها بأعوام الغزو الأمريكي للعراق وما صاحبه من نهب وسلب وتدمير وتهجير، وتبعات ما زالت مستمرة حتى اليوم، انتهاءً بالحرب في سوريا منذ سبعة أعوام. لذا لا تؤاخذوا الشباب الطيبة إن تورطوا في شجار بعد جدال حول المجازر الإسرائيلية الأخيرة، أو إذا ارتفعت نسب الاكتئاب بينهم بعد إحباط ثوراتهم وأحلامهم بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية أو إن انتحبوا لساعات لمجرد سماع تشوبي عراقي.

جميع الرسومات لـ ساشا حداد.