قرأت مؤخرًا منشورًا عن مريضة بفيروس كورونا تسرد تجربتها مع المرض على تويتر، قام مغرد بالرد عليها متهمًا إياها بتلقي الأموال لبث الذعر بين الناس. طبعاً، منذ انتشار فيروس كورونا، هناك كثيرين في العالم العربي والعالم الذين أبدعوا في اختلاق نظريات مؤامرة تفسر ما يجري، حيث يحاول البعض في الأزمات والكوارث تفسير ما يحدث من خلال إطلاق نظريات مؤامرة أو التفسيرات الخاصة بالقوى العليا التي تعاقب البشر على خطاياهم. وهذا ليس جديداً.
على سبيل المثال، خلال القرن الرابع عشر الميلادي، انتشر وباء في أوروبا وآسيا بشكل واسع، لدرجة أنه سمي بـ (الموت الأسود)، وكان سبب المرض وفق بعض التفسيرات بكتيريا تسمى Yersinia pestis أو يرسينيا طاعونية. لقد قتلت هذه الجائحة ما بين 20-25 مليون شخصًا. في ذلك الوقت، انتشرت نظرية تآمرية تقول إن اليهود سمموا الأبار للتخلص من المسيحيين. وعندما انتشر مرض الإيدز في ثمانينات القرن الماضي، تداول البعض عددًا من النظريات مثل هروب جرثومة مميتة من معمل سري في الاستخبارات المركزية الأمريكية، ونظرية أخرى خالدة حتى اليوم تتحدث عن إرسال الله لهذا المرض من أجل عقاب البشر، وموجه تحديدًا للمثليين جنسيًا ومدمني المخدرات.
Videos by VICE
الآن، يحصد فيروس كورونا حياة الآلاف ويصيب مئات الآلاف حول العالم. وفي ظل هذه الجائحة ظهرت محاولات متعددة للتفسير والفهم، بعضها تآمري وبعض آخر ينشر معلومات خاطئة عن الوباء وكيفية التعامل معه. وبحسب مركز جلوبال إنغيدجمنت التابع لوزارة الخارجية الأمريكية فإن عدد المنشورات التي تحوي معلومات مغلوطة ونظريات مؤامرة حول فيروس كورونا وصل إلى حوالي 29 مليون منشورًا في الفترة ما بين 20 يناير 10 فبراير خارج الولايات المتحدة الأمريكية. لهذا، قررت جمع بعض هذه النظريات، ومحاولة دحضها بالمنطق. استعد
انطلق.
1- الفيروس هو صناعة أمريكية
في خطاب حديث له، صرح علي خامنئي المرشد الأعلى في إيران أن فيروس الكورونا (كوفيد-19) هو صناعة أمريكية، وذلك في رده على إرسال بعثة من مؤسسة أطباء بلا حدود للمساعدة في علاج الفيروس. وقال خامنئي إن الفيروس”صُنع خصيصًا من خلال استخدام المعلومات الجينية الخاصة بالإيرانيين.” وبحسب بعض الأرقام فقد وصل عدد الوفيات بالفيروس في إيران إلى أكثر من 3,000 مع أكثر من 47,000 إصابة. وهو عدد كبير في بلد يعاني أصلاً من الحصار بسبب العقوبات الإقتصادية الأمريكية.
ولكن إيران لم تكن وحدها في هذا الطرح، إذ يظن الصينيون أيضًا أن أمريكا الفاعل الرئيسي والمحرك وراء انتشار الفيروس، فقد صرح أحد المسؤولين الصينيين عبر تويتر أن الوباء ربما انتشر عبر الجيش الأمريكي وأحضره للصين. وقد انتشرت هذه النظرية بشكل واسع على وسائل السوشيال ميديا في الصين، ومفادها أن 300 رياضي عسكري أمريكي حضروا في أكتوبر الماضي للمشاركة في دورة الألعاب العسكرية الدولية في مدينة ووهان التي كانت مصدرًا لانتشار المرض، وأن ظهور هذا المرض هو حرب اقتصادية ضد الصين. هذا الطرح هو أيضاً له مؤيديه في العالم العربي، حيث يرى البعض أن الفيروس هو مؤامرة صنعتها أمريكا وتتورط فيها منظمة الصحة العالمية وأن الهدف من وراء هذه الحرب البيولوجية هو التخلص من منافسة الصين للولايات المتحدة.
التطورات اليومية تدحض هذه النظرية
لقد تخطى عدد الإصابات في الولايات المتحدة العدد الذي في الصين، فوصل إلى أكثر من 188 ألف إصابة في أمريكا، وهي في ارتفاع مستمر، في حين وصل العدد في الصين لحوالي 82 ألف إصابة. كما أن الاقتصاد العالمي متضرر بشكل كبير، إذ تشير التقارير الاقتصادية أن مؤشر داو جونز في البورصة شهد هبوطًا هو الأعنف منذ عام 1987. والولايات المتحدة ليست ببعيدة عن هذا الضرر، فقد قدم أكثر من 3 مليون مواطن أمريكي عرائض تبين أنهم عاطلون عن العمل منذ بدأت جائحة كورونا. كذلك فالولايات المتحدة ستتأثر على مستوى السياحة، فوفق تقديرات اقتصادية قد تفقد الولايات المتحدة حوالي أكثر من مليون ونصف سائح صيني مما يمثل خطرًا على قطاع مهم تُقدر أرباحه ببلايين الدولارات. كيف يُعقل إذًا أن تكون الولايات المتحدة هي صانعة الفيروس وهي واحدة من الدول التي تأثرت به سلبياً بشكل كبير؟
2- الصين نشرت الوباء ضد الولايات المتحدة
في المقابل اعتبر بعض الأمريكيين أن انتشار الفيروس موجه ضد الولايات الأمريكية من قِبل الصين، وذلك في إطار ما يمكن تسميته بـ (الحرب الباردة الكامنة) بين القوتين العظميين. واعتبر بعض السياسيين أن الصين لا تتعاون مع الأطباء والخبراء المتخصصين في مجال الأوبئة حيث منعت دخولهم للصين. وذلك في إشارة إلى أن الصين لا تريد مواجهة المرض، وأنها دولة منغلقة تجاه العالم. كما وصف الرئيس الأمريكي ترامب فيروس كورونا بـ (الفيروس الصيني)، إشارة لظهوره في الصين. وقال “من المؤكد أن العالم يدفع ثمنًا غاليًا لما فعله الصينيون”.
دحض النظرية
كيف يمكن أن تنشر الصين الوباء ويصاب فيها عشرات الآلاف من الصينيين؟ أين المنطق في ذلك؟ كذلك فالاقتصاد الصيني وفق بعض التقارير قد تدهور خلال الشهور الماضية بنسبة 15%. الصين خسرت بشكل كبير سبب هذا الفيروس، وبحسب التقرير التقني للمنظمة التابعة للأمم المتحدة فقد سجلت الصين انكماشاً بنسبة 2% في إنتاج الصين وهو ما “تسبب حتى الآن في انخفاض يقدر بنحو 50 مليار دولار أمريكي” في التجارة بين الدول. وإذا قارنا بين انتشار فيروس كورونا المستجد وفيروس سارس في عام 2003، حيث وصلت حينها خسائر الاقتصاد العالمي المتأثرة بالوضع في الصين إلى حوالي 40 بليون دولارًا. هل يمكننا حاليًا أن نتخيل حجم الخسائر الحالي بسبب فيروس كورونا على الاقتصادين الصيني والعالمي؟ كذلك، فكثير من الشركات الكبرى في العالم لها مراكز إنتاجية في الصين، والحجر الصحي العالمي أدى بالتبعية لتأخيرات تتعلق بتوريدات المواد الخام الخاصة بصناعات مختلفة مثل الكولا والسيارات والهواتف.
3- الفيروس سلاح بيولوجي
حسناً، الفيروس سلاح بيولوجي للقضاء على بعض البشر، منبعه معمل سري في معهد ووهان لعلم الفيروسات وفق بعض الآراء. وتعتبر مدينة ووهان وفقًا لتقرير الواشنطن تايمز مقرًا للعديد من مراكز الأبحاث المتخصصة في مجال الحروب البيولوجية. السلاح البيولوجي قد يكون صناعة أمريكية أيضًا، وبالتالي فهو إما موجه ضد الصين من قبل الولايات المتحدة أو العكس. حددوا موقفكم؟ هذه القطبية في معرفة هُوية صانع الفيروس لاقت اهتمام بعض العرب الذين رددوا نفس النظرية حول السلاح البيولوجي، وأن الصين أو أمريكا يمارسان لعبة سياسية تتعلق بموازين القوى وإعادة ترتيبها.
دحض النظرية
السلاح البيولوجي يمكن تخيله في إطار تحكم واضح من قبل الدولة التي صنعته تجاه منطقة جغرافية ما أو جماعة بشرية معينة، وليس منطقيًا أن نتخيل هذا الانتشار الواسع غير المحكوم عبر سلاح يُفترض أنه مُتحكم فيه بشكل عالي الكفاءة. كذلك فهناك أبحاث بدأت في الظهور مؤخرًا تشير إلى أن فيروس كورونا لم يتسرب من قارورة وانتشر في العالم. ومن خلال تتبع سلاسل الـ RNA الخاصة بالفيروس فقد تبين أنها تتشابه مع الفيروسات الموجودة داخل الوطاويط، وأن الفيروس الموجود في الوطاويط قد أصاب حيواناً من فصيلة غير معروفة تم بيعه في أحد الأسواق في الصين مما أدى لانتشار الكورونا.
4- الهدف: الإطاحة بدونالد ترامب
بعض الآراء تنظر للفيروس أنه محاولة للقضاء على القادة السياسيين والعسكريين في العالم، وقد تبنى هذه النظرية روش ليمبو، أحد الإعلاميين الأمريكيين، والذي يعتقد أن فيروس كورونا سلاح يهدف للإطاحة بدونالد ترامب (يا ريت). وأوضح ليمبو أن هذه لعبة تقوم بها مؤسسات الإعلام للتقليل من مجهودات إدارة ترامب وتخويف المستثمرين ورجال الأعمال. وبرهن على ذلك بانخفاض مؤشر داو جونز بمعدل 900 نقطة. الغريب أن نظرية القضاء على القادة بشكل خاص والشعوب بشكل عام نالت اهتمام بعض الشخصيات العامة في العالم العربي حتى أن الفنان المصري محمود العسيلي أدلى بدلوه ونشر تغريدة منذ أسابيع قليلة يوضح فيها وجود مجلس خفي يقود العالم وقال “أظن المطلوب حصل، نطلع التطعيم و العلاج بقى ولا أيه #كورونا.”
دحض النظرية
صحيح أن الفيروس لم يميز بين أحد، فقد تم إصابة ولي عهد انجلترا الأمير تشارلز وبوريس جونسون الرئيس الوزراء البريطاني، ومشاهير في عالم الرياضة والفن ومواطنين عاديين. الحديث عن استخدام فيروس للقضاء على ترامب قد نُسف تماماً في الأيام الأخيرة، فالتاريخ علمنا أن الزعماء والسياسيين يحظون بشعبية أكبر خلال أوقات الحروب والكوارث، فقد أظهر أحد الاستطلاعات الحديثة التي أجرتها قناة إيه بي سي الأمريكية أن مستوى رضاء المواطنين عن أداء الرئيس ترامب ارتفع بعد اشتداد أزمة كورونا، إذ يوافق 55% من الأمريكيين على طريقة إدارة ترامب للأزمة. فيما كانت نسبة الموافقين على إدارة ترامب للأزمة في الأسبوع الذي سبقه 43%، مما يعني أن هناك نسبة في زيادة الشعبية وصلت لـ 12% خلال أسبوع.
5- شوربة الوطاويط هي السبب
المؤامرة هنا لا يصنعها البشر بشكل مباشر، بل الوطاويط، وبدا الاتهام موجهًا لثقافة تناول الطعام في الصين تحديدًا التي تؤكل الوطاويط في بعض مناطقها. وردد البعض أن المرض انتقل عن طريقة تناول شوربة الوطاويط، وانتشرت هذه النظرية بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان بعض العرب من بين الجماهير التي سخرت من الصين ومواطنيها وثقافة الطعام فيها. فقد انتشر فيديو من مصر على السوشيال ميديا يتنمر فيه مواطن مصري على مواطن آسيوي يسير في الشارع. وانتشرت تغريدات على تويتر تسخر من الطعام الصيني من جنسيات عربية مختلفة. العجيب أن العالم العربي ملئ بالأطعمة الغريبة والمقرفة في بعض الأحيان، إلا أنها تُعتبر أكلات عادية لدى الكثيرين!
دحض النظرية
يأتي من خلال الأوبئة التي انتشرت بشكل واسع تاريخيًا ولم يتم التعرف بشكل واضح على أسبابها حتى اليوم، كذلك فبعض الأمراض العالمية انتشرت من خلال أطعمة مألوفة يتناولها ملايين البشر حول العالم مثل الدواجن والخنازير والأبقار. كما أن المصابين بالكورونا لم يتناولوا الوطاويط من قبل أو على الأقل لم يأكلوها قبل الإصابة. كما توصل عدد من علماء الحيوان أن انتشار الفيروس في الحقيقة يعود لتصرفات الإنسان البيئية غير السليمة مثل تدمير المساحات الطبيعية التي تعيش فيها الحيوانات، ما أدى إلى نشر أمراض كانت منحصرة في أماكن معينة في الطبيعة.
6- شركات الأدوية صنعت الفيروس من أجل تحقيق الأرباح
نظرية أخرى تظهر كثيرًا مع انتشار الأمراض العالمية تتعلق بشركات صناعة الأدوية التي تسعى لتحقيق أرباح كبيرة جراء انتشار الأوبئة. وتتبنى هذه النظرية حركة يمينية متطرفة في الولايات المتحدة تسمى QAnon. وتعتبر نظرية المؤامرة الخاصة بشركات الأدوية الكبرى واحدة من النظريات التي تلقى رواجًا كبيرًا بين المواطنين على المستوى العالمي وتسمى (Big Pharma Conspiracy Theory). في عالمنا العربي سنجد نظريات أكثر تطورًا في التعامل مع الفيروس، فالبعض يرى أن المصنوعات الدوائية قد أنتجتها الشركات حتى قبل ظهور الوباء، فقد ظهر أحد المغردين على تويتر يشرح للمشاهدين أن أحد المنتجات الدوائية الشهيرة قد صُنع قبل ظهور الفيروس بأشهر. في الواقع، عائلة فيروسات الكورونا ظهر تأثيرها – وفقـًا لبعض الدراسات– في عام 2003 من خلال فيروس سارس وهو أحد أعضائها، بل أن بعض الدراسات ترى أن الكورونا اُكتشف في ستينات القرن الماضي. يعني هذا الفيروس هو من عائلة عريقة من الفيروسات، فجميع التحليلات عن أنه مكتشف من قبل يشير إلى فيروسات من نفس العائلة، وليس بالضرورة فيروس كوفيد- 19، ولكن يتم الإعتماد على جهل البعض بهذه التفاصيل لنشر مثل هذه النظريات. دحض النظرية
لا خلاف أن الربح هو أحد أهداف شركات صناعة الأدوية، ونحن لا ندافع أبداً عن شركات الأدوية، فهناك الكثير من النقاط السوداء في تاريخها. لكن هناك بعض الأوبئة انتشرت حول العالم وظهرت علاجات لها من خلال منظمات غير هادفة للربح مثل الجامعات والمعاهد الطبية التابعة للحكومات. ورغم إن بعض الشركات المستفيدة من انتشار الأمراض قد تؤكد صحة نظرية المؤامرة لأن البيزنس والأخلاق قد لا يجتمعان كثيرًا مثل السياسة والأخلاق، إلا أن بعض الشركات نجحت في صناعة أمصال وأدوية عالجت الكثير من الأمراض لشعوب في مناطق كثيرة حول العالم.
أيضـًا لو فكرنا لبعض الوقت في الأمر بشكل طويل المدى، فالأمراض المزمنة حول العالم كثيرة وعدد المصابين كبير وهذا ربح مضمون بالنسبة لشركات الأدوية، لماذا إذًا تصنع شركات الأدوية فيروسًا يقتل الملايين الذين لن يشتروا العلاج بأي حال، ثم يظهر المصل للعالم بعد أن مات كل هذا العدد؟ كذلك فإن النظم الحاكمة في هذه الأوقات قد تتحمل تكلفة المصل وإنتاجه، مما يعني أن اللعبة، وإن صحت، بين النظم السياسية والشركات الكبرى وليست لعبة مع الشعوب.
7- بيل غيتس متورط في صناعة الفيروس للتخلص من ترامب
يرى البعض أن نجاحات ترامب في الولايات المتحدة جعلت بيل غيتس يشارك في صناعة فيروس كورونا لوقف إنجازات الرئيس الأمريكي، والقضاء على فرص نجاحه في الانتخابات الرئاسية القادمة، معتبرين أن بيل وميلندا غيتس ممثلون للدولة العميقة التي تهدف للتخلص من ترامب. واعتمد الكثيرون في إثبات هذه النظرية على كلمة ألقاها غيتس منذ عدة أعوام في تجمع ماساتشوستس الطبي حول جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، وقال إنه من الممكن ظهور جائحة مماثلة في المستقبل القريب قد تقتل 50 مليون شخصًا في غضون ستة أشهر لأن العالم غير مُجهز لمواجهة الجوائح والأوبئة.
دحض النظرية
ما يدحض هذه النظرية أن غيتس نفسه تحدث أكثر من مرة عن مواجهة الأوبئة بشكل عام مشيرًا أن الخطر الأكبر على البشرية ليس الحروب ولكن الأوبئة وأن الدول تنفق الكثير من الأموال على المعدات العسكرية والقليل منها لمواجهة ووقف الأمراض. إضافة إلى أن البليونير المتهم بصناعة الفيروس المستجد هو نفسه من ساعد في محاولات القضاء على أمراض مثل الإيدز والسل والملاريا من خلال مؤسسة بيل وميلندا غيتس. كما أنه حاول تأسيس كيان أو مشروع لتصنيع أمصال لمواجهة الأوبئة المستقبلية.
8- عقاب إلهي لتطهير البشر من ذنوبهم
هده واحدة من كلاسيكيات جلد الذات، فخطايانا اليومية تمثل السبب المباشر لإنزال العقاب السماوي بنا. هذه النظرية الأكثر رواجًا بين المتدينين مع اختلاف دياناتهم. فالعلاج سيأتي حتمًا سواء من خلال منحة إلهية تشفي المرضى أو عقاب جمعي يخسف الأرض بنا جميعًا. وقد انتشرت خلال الأيام الأولى لظهور الفيروس في الصين حالة من الشماتة الدينية، فخرج بعض رجال الدين الإسلامي في العالم العربي يربطون انتشار الفيروس هناك باضطهاد جماعة الإيغور المسلمة. بل وصلت بعض التفسيرت أن انتشار فيروس كورونا ناتج من تعاون العالم مع بشار الأسد في جرائمه في سوريا.
دحض النظرية
إذا دققنا في قراءة التاريخ، فالإنفلونزا الإسبانية والكوليرا والملاريا والإيدز والسارس ليسوا بالأوبئة التي حدثت منذ زمن بعيد، فقد انتشرت هذه الأمراض حول العالم خلال المئة العام الماضية، واستمر العالم ولم يتوقف رغم انتشار نظريات المؤامرة. وبمجرد اجتياز العالم للأزمة اختفت النظريات التآمرية وصارت جزءًا من التاريخ يُستدعى بنفس الشكل في كل مرة يواجه العالم كارثة. بشكل عِلمي، الفيروسات والبكتيريا والجراثيم موجودة على وجه الأرض منذ ملايين السنين، وخلال كل هذه العصور لم تمت أو يُقضى عليها، بل نجحت في أن تتشكل وتتحور لتلائم التطورات البيئية التي تحدث في كل عصر. إن فيروس كورونا ما هو إلا تطور طبيعي لعلاقة الكائنات الحية بالبيئة، فالفيروس المستجد مقارنة بفيروسات سابقة مثل السارس وزيكا يعتبر أقوى وأشرس بسبب تطويره لذاته في مواجهة الجهاز المناعي البشري. هذا التطور الفيروسي الطبيعي لم يواكبه بحث علمي متطور وسريع خلال السنوات الماضية، فقد أُنفقت أموال كثيرة للبحث حول فيروس سارس بعد انتشاره في 2003، إلا أن هذا الإنفاق تضاءل بمرور الوقت مما أدى إلى تأخر واضح في مواكبة التطور المتسارع للفيروسات.
9- اليهود هم وراء كل جائحة تصيب العالم
اليهود في مرمى النيران التآمرية في مناسبات تاريخية عديدة، وانتشار الأوبئة من بينها، فاتهام اليهود في مرحلة الموت الأسود، تكرر بشكل معاصر، فقد وُجهت لهم اتهامات بصناعة الفيروس المستجد من قبل مجموعات النازيين الجدد وغيرها من مجموعات متطرفة. كما ظهر فيديو لأحد الدعاة اليمنيين يقول فيه إن اليهود صنعوا فيروس كورونا بالتعاون مع الولايات المتحدة، ونشروه في العالم من أجل غلق الحرمين الشريفين، المسجد الحرام والمسجد النبوي. دحض النظرية
الرد على هذه النظرية يأتي من خلال عدد الإصابات التي أصابت اليهود والإسرائيليين، فقد وصل عدد الإصابات في إسرائيل إلى أكثر من 5,000 إصابة – من بين النسب الأعلى في الشرق الأوسط حتى الآن. كذلك فالإصابات التي وقعت في دول العالم المختلفة لم تختر فقط المسلمين بل المسيحيين واليهود والبوذيين واللادينيين والملحدين وغيرهم من بين الضحايا.
10- الفيروس ليس أكثر من مجرد نزلة برد
المعتقدات الشعبية تلعب دورًا محوريًا في وسط الأزمات، إذ يصبح المعتقد الشعبي أحيانًا حلًا لمواجهة كارثة طبيعية، وهذا ما تداوله الكثيرون في الفترة الماضية في المنطقة العربية والعالم. فالبعض اعتبر أن فيروس كورونا لا يختلف كثيرًا عن نزلة البرد وأن علاجه قد يحدث بالطرق التقليدية مثل العلاج بالثوم أو الشاي الأخضر أو شرب مواد تبييض الملابس مثل ثاني أكسيد الكلور.
دحض النظرية
كل هذه الادعاءات لم تثبت صحتها بشكل علمي. هذه الفيروس تسبب بوفاة أكثر من 43 ألف شخص حول العالم خلال أقل من ثلاثة أشهر، وإصابة أكثر من 800 ألف. لا ننفي أن الانفلونزا العادية تقتل مئات الآلاف كل عام، ولكن بحسب الدكتور أنتوني فوسي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة، المشكلة أن فيروس كورونا لا يزال مجهولاً، فما يزال الأطباء يحاولون فهم الصورة الكاملة لأعراض المرض وشدته، كما أنه يؤدي إلى الوفاة في وقت قصير مقارنة بالانفلونزا. كما أنه فيروس قاتل لكبار السن حيث يرتفع معدل الوفيات إلى 14.8٪ في هؤلاء الذين يبلغون من العمر 80 عامًا. مقارنة هذا الفيروس بالأنفلونزا ليس في مصلحتك. بحسب منظمة الصحة العالمية عليك إجراء الكشف الطبي حال الشعور بأعراض الإصابة، ومراعاة إجراءات السلامة الشخصية.
11- شبكات الجيل الخامس تنقل الفيروس
آخر النظريات التي أفرزتها هذه الجائحة تتواكب مع التطور التكنولوجي الذي نعيشه. فهناك نظرية تلقى شعبية كبيرة في الغرب حالياً تقول أن شبكات الجيل الخامس (5G) من الأنترنت تتسبب في إضعاف جهاز المناعة عن الإنسان مما يجعله عرضة للإصابة بفيروس الكورونا. ويرتبط هذا التصور التآمري بخطورة الإشعاعات والموجات الصادرة من أبراج الإنترنت. وكان نتيجة لذلك وقوع عدد من الجرائم في بريطانيا حيث تم حرق عدد من أبراج شبكات الجيل الخامس. وقد ساهم في انتشار هذه النظرية تبني عدد من المشاهير لها من بينهم الممثل الأمريكي جون كيوزاك، وودي هارلسون.
دحض النظرية
إذا قلنا أن الفيروس ظهر في الصين، فوفق التقارير فإن الدولة الكبرى لم تكون أولى الدول التي تتبنى استخدام شبكات الجيل الخامس، بل قامت دول أخرى بذلك ككوريا الجنوبية واستراليا وبريطانيا، وتبعتها الصين. ويؤكد أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة ريدنغ، سيمون كلارك، أن مستويات الطاقة من الموجات الكهرومغناطيسية للجيل الخامس ضئيلة جداً، ولا يمكن لها بأيّ شكل أن تمتلك القوّة الكافية للتأثير على الجسم. ويضيف بأنه إن نظرنا إلى نطاق الموجات الكهرومغناطيسية، سنجد أن تلك المستخدمة في الجيل الخامس وغيره من تقنيات الهواتف المحمولة تنتمي إلى الفئة ذات الترددات المنخفضة. والموجات في هذه الفئة، الأضعف من موجات الضوء المرئي، ليست قوية بالدرجة الكافية لإلحاق ضرر بالخلايا، وذلك بخلاف الفئة ذات الترددات العالية التي تشمل أشعة الشمس والأشعة السينية المستخدمة في التطبيقات الطبية. كذلك إذا افترضنا انتشار الفيروس بسبب شبكات الجيل، فكيف انتقل في دول مازالت تعيش في مرحلة الجيل الثالث والرابع في الإنترنت؟
يبدو أن الطبيعة البشرية تسعى إلى إيجاد طرف مذنب وقت الأزمات، حتى لو كانت هذه الأزمة كارثة طبيعية أو وباء، وكأننا نبحث عن كبش فداء يشعرنا بالراحة والأمان. ولكن هذه النظريات التآمرية وهذا السيل من المعلومات المضللة قد يتسبب في ذعر وقتل الناس أكثر من الفيروس نفسه، إذا لم يتلقوا العلاج المناسب.