الأمومة خطوة كبيرة وغير عادية في حياة كل امرأة، وتغير حياتها بالكامل. بعض النساء يعتبرنها خطوة بديهية وتلقائية تلي الزواج ولا يفكرن فيها كثيرًا، بينما تفكر أخريات جيدًا قبل الإنجاب، ويتخذن قرارهن لأسباب مختلفة. التقينا بمجموعة من النساء العربيات، وسألناهن عن أسباب رغبتهن في الإنجاب ولماذا قررن أن يصبحن “ماما.”
بدأت أستشعر الوحدة، وأردت وجود طفلٍ في حياتي بأي شكل
“مشاعري نحو الأمومة كانت سلبية للغاية، فقد نشأت في أسرة غير سعيدة ورأيت أمي تفقد نفسها في علاقة مرهقة لتعتني بي وأختي، وقررت أنني لن أعيش هذه المعاناة أبدًا، كما أنها كانت تبتزنا عاطفيًّا بسبب ما تقدمه لأجلنا وتضحياتها الكثيرة لتضمن لنا حياة جيدة. لم أر داعيًا لإنجاب طفل في عالم قاسٍ كهذا خصوصًا أنني لا أريده فعلًا، فركزت على نجاحي المهني ووظيفتي، ولكن بعد تخطي الثلاثين بدأت أستشعر الوحدة، وأنني أريد وجود طفلٍ في حياتي بأي شكل، وكان الاكتشاف صاعقاً ومدمرًا كأنني أخون قناعاتي وآرائي السابقة وعانيت نفسيًّا بسببه. بعد عام ارتبطت بزوجي الذي كان يريد عائلة كبيرة ومستقرة، فتشجعت ووثقت أنني قادرة على هذه التجربة، وخلال عامين تزوجنا وأنجبنا توأمًا ملآ حياتنا بالسعادة، والآن لا أتخيل حياتي قبلهما، ولا أتخيل أنني كنت سأحرم نفسي منهما.” –فاطمة، 36، طبيبة، تونس
Videos by VICE
محمد مرسي هو السبب
“لم أختر أن أكون أمًّا، ابني كان نتيجة لطيفة لفترة حظر التجوال التي عشناها في مصر عقب عزل الرئيس محمد مرسي، وطلب مني شريكي أن أبقي الجنين، وقد فعلت وأنا أشعر أنني أرتكب أكبر خطأ في عمري كله. جاء ابني للحياة دون أن أشعر نحوه بأي شيء، كنت أنظر له وأقول: متى تأتي أمك لتأخذك؟ لكن عندما سافر أبوه للخارج وصرنا وحدنا اتخذت علاقتنا منحنى آخر، صار ابني السبب الوحيد الذي يدفعني للاستيقاظ صباحًا، وعلاقتي به الآن ليست علاقة أمومة وبنوة تقليدية، إنه رفيق حياتي، صديقي الصغير، كنت أشعر أنني ارتكبت خطأ كبيرًا منذ حملت فيه وحتى أكمل عامه الأول من العمر، لكنه الآن أفضل شيء فعلته في حياتي كلها.” -راندا، 27، موظفة، مصر
أردت أن أعرف ما هو شعور الأمومة
“لم أفكر أبداً بأنني اريد أطفالاً، لا أتحمل وجودهم وخاصة الأولاد الصغار، قد أتحمل طفلة صغيرة لعدة دقائق، أما الأولاد فلا يمكن. وصلت إلى 38 من عمري ولم أفكر للحظة بأنني أريد أطفالاً، كما أنني لم أكن أريد زوجاً وبعدها غيرت رأيي، ولكن تدريجياً شيء ما تغير، وشعرت أنني قد لا أعيش شعور الأمومة الذي تصفه الكثير من الأمهات بأنه الأروع والحب الأجمل. أصبحت الأمومة هاجسي، وحالياً أحاول أنا وزوجي القيام بعملية تخصيب في المختبر IVF للمرة الثانية، وحالياً نحن في مرحلة انتظار النتيجة، أتمنى أن تنجح العملية هذه المرة، فقد اشتريت حتى الآن عشرات الفساتين والملابس للطفلة القادمة، “بدي بنت اكيد.” اذا لم تنجح هذه المرة، فقد نفكر بالتبني.” -لبنى، 39، فنانة، فلسطين
فستان صغير لطفلة كان هو سبب قراري بالإنجاب
“لم أقرر أن أكون أمًّا، كانت الأمومة شيئًا تختبره كل النساء ولم أحمل له مشاعر معينة قبل أن أخطب، وخلال التجهيز لزواجي بدأت أفكر في الأمر وأتخيل أنني قد أستقبل طفلًا في حياتي خلال عامٍ أو أقل، وفي إحدى جولات التسوق استوقفني فستان صغير لطفلة، ووجدت نفسي متعلقة به فاشتريته أولًا، وعندها عرفت أنني أريد أن أكون أمًّا من كل قلبي. جاء ابني الأول للحياة بعد عام من زواجي، والفستان لا يزال محفوظًا لطفلتي القادمة التي أدعو الله أن يرزقني بها في أقرب وقت. الأمومة بالنسبة لي تجربة مدهشة، كشفت لي عن اتساع قلبي للحب. أحب ابني بدرجة لم أتخيل أنها ممكنة، وأعتقد أن وجودي في الحياة مربوط بوجوده وكونه سعيد وفي صحة جيدة.” – وفاء، 33، ربة منزل، السودان
الأمومة كانت حاجة ملحة
“كان قراري بالأمومة صعباً، جاء متأخراً، تماماً كقراري بالارتباط، ربما لأنني أقدّس حريّتي لدرجة كبيرة. في مرحلة ما وعندما تجاوزت الثلاثين صارت حاجتي لأن أكون أماً حاجة ملحّة، وغياب أمومتي صار بشكل مفاجئ موجعاً. الأمومة تجربة مرهقة جداً، لا أتحدّث هنا فقط عن صعوبة التربية والمتابعة المستمرة والالتزامات الكثيرة، أتحدث من منظور آخر يتعلق برفضي للسذاجة التي نتقبّل بها الحقيقة التي تقول إنّ تربية الأولاد هي المهمة الأقدس والأهم، تعتنق كثيرات هذه الحقيقة وتقتصر أدوارهن بالحياة على ممارسة الأمومة، يتحولن لربات منازل تقليديات وأمهات متفانيات، برأيي يحتاج التعاطي مع الأمومة لحذر شديد لتحقيق التوازن الحرج بين الأنانية والغيرية، وإلا ستصبح مهمة تستهلكك لدرجة قد تجعلك تتبخرين. لي طفلتان صغيرتان أربّيهما بشغف وبمحبة، لكنّهما تعلمان جيداً أن لي أوقاتي الخاصة، تحترمان عزلتي أحياناً وطقوسي، تؤمنان بأحلامي، أحرص على إشراكهما في كل ما أفعل، أقرأ لهما ما أكتب، وحين أعود من سفر أو مشوار مع صديقات، تنتظران بفضول أن أروي لهما كل ما رأيته ومررت به. حياتي اجمل منذ صارتا هنا، ووجودي اكتمل، الأمومة فرصة تمنحها لك الحياة كي تري العالم من جديد بعيون الأطفال، يكتسب العالم فجأة معاني مضافة، يعود ملوّناً ومثيراً للفضول.” -روعة، 37، صيدلانية، سوريا
والدي طلب مني أن أنجب ففعلت
“لم أقرر بنفسي أن أكون أمًّا، لقد طلب مني أبي أن أنجب ففعلت. طوال سنوات حياتي كنت أعاني لإرضاء أبي وإسعاده، لكنني لم أوفق في هذا تمامًا، وعندما تزوجت قال لي إنه يريد أن يكون له حفيد فقررت أن أحقق له رغبته، وهكذا جاءت ابنتي الأولى للعالم، وأكسبتني مكانةً خاصة عنده، ولا ينفي هذا أنني كنت راغبة في امتلاك طفلٍ صغير يخصني. بعد سنوات طلبت ابنتي أخًّا أو أختًا تشاركها اللعب والحياة، تحدثنا في التفاصيل أنا وزوجي وعندما وجدنا أننا قادرين على تحمل هذه الخطوة أقدمنا عليها، وجاء طفلنا الثاني. الأمومة مسؤولية صعبة جدًّا، وأحيانًا ينتابني ضيق أقرب إلى الندم عندما تعجزني عن بعض الواجبات الاجتماعية الضرورية، وبنفس الوقت يصيبني الجنون عندما أبتعد عنهما. قضاء ليلة واحدة بعيدًا عن أطفالي يدمر نفسيتي ويجعلني أبكي من افتقادهما.” –رانيا، 32، ربة منزل، مصر
الأمومة كانت جزءاَ دائماً من حياتي
“كنت الابنة الصغرى ورأيت أخواتي الكبار وهن يعتنين بصغارهن، وكنت أحب أن (ألعب) بالرضيع وأحمله حتى ينام وأحكي له القصص، وأتمنى أن يكون لي طفل مثله يبقى معي دائمًا. لهذا الأمومة كانت جزءًا دائماً من حياتي. حَملت بعد زواجي بعام كدت خلال هذا الوقت أكاد أجن لأصبح أماً، وكانت لحظة رؤيتي لابنتي أول مرة من أجمل ما عشت. الأمومة تجربة رائعة، مراقبة جزء منك وهو يكبر يومًا بعد يوم ويكتسب من طباعك ويبدو مثل صورك القديمة، كل هذا رائع، لكن جانبها المظلم هو المسؤولية الثقيلة، والإرهاق المستمر والعجز عن النوم المتواصل، ومع هذا لم أندم لحظة على إنجاب ابنتي، فهي الحلم الذي عشت لأفوز به عمري كله.” -نادية، 25، ربة منزل، العراق
أردت طفلاً يحبني حباً غير مشروط
“علاقتي بأمي لم تكن قوية، فأردت دومًا طفلًا يؤنسني ويحبني حبًّا غير مشروط، لهذا تزوجت في سنٍ صغيرة، وحملت فور زواجي وصرت أمًّا مبكرًا جدًّا، والآن أندم لأن أشياء كثيرة فاتتني. الأمومة تجربة عظيمة، لكنها تُكبِّرك، تضعك في قالب الكبار رغمًا عنك، وفجأة تجدين صديقاتك يبتعدن عنكِ لأنهن يردن الاستمتاع بشبابهن، لا الخروج مع أم تحمل طفلًا يبكي وتضطر لتغيير حفاضاته وإرضاعه والعناية به. إلى جانب هذا ستشعرين بالإرهاق طوال الوقت خصوصًا إذا لم يكن جوارك من يدعمك، وستتحول حياتك لمسلسل طويل من خدمتهم وتكريس نفسك لأجلهم.”
-حبيبة، 26، مترجمة، مصر
الأمومة لم تكن قراراً بل حلماً
“لا أظن أن الأمومة كانت قراراً بالنسبة لي، لم أفكر فيها يوماً كاختيار، أو كقرار أتخذه وأحدد له الموعد الملائم أو الظروف المناسبة، بل كانت دائماً حلماً وأملاً سعيت للوصول إليه، ولم أندم يوماً على إنجاب طفلتي الشقية. تشكل ابنتي المحبة الأكثر توهجاً والأعمق أثراً في حياتي، وعلمتني الأمومة كيف أحب الآخرين، وكيف أعبر عن محبتي.” -هيمى، 48، كاتبة قصص أطفال، سوريا
خفت من أن يصبح حلم الأمومة مستحيلًا
“في بداية زواجي قررنا تأجيل خطوة الإنجاب، بسبب ظروفنا الشخصية والوضع الاقتصادي غير المستقر، وأيضًا لنختبر قوة علاقتنا، كما أنني لم أكن راغبة في طفل في ظل اهتمامي بتخطيط مستقبلي. وخلال أربع سنوات من زواجي شهدت تجارب قاسية لصديقات حُرمن من الأمومة بسبب مضاعفات صحية ظهرت فجأة، فبدأت الهواجس تطاردني في أن حلم الأمومة قد يصبح مستحيلًا بين ليلة وضحاها. هنا تغيرت أفكاري، وبدأت أشعر أن إقناعنا كنساء بعدم الإنجاب -حتى لو كنا موافقات على هذا جزئيًّا- فكرة ذكورية للغاية فيها جزء كبير من التهرب من المسؤولية، كما أنها تحرمنا من تجربة مهمة نفسيًّا. فاتحت زوجي في قرار الإنجاب فاقترح أن نؤجله لسنواتٍ أخرى، وهنا بدأت أشعر بالشك فيه، وفقدت ثقتي في علاقتنا، وطلبت الطلاق. كانت هزة نفسية كبيرة جدًّا؛ فقدان القدرة على الإنجاب أرحم من الحياة في مجتمع به رجال يماطلوننا ليحرموننا من الأمومة، ثم تكتشفي بعد سنوات أنهم لا يريدون أطفالًا أصلاً. إخفاء زوجي قرار عدم الرغبة بالأطفال من قبل زوجي لكسب علاقة وحياة كاملة دون أن يصارحني بموقفه الحقيقي كان شيئًا مرعبًا بالنسبة لي، ربما أكثر من الخيانة. لحسن الحظ توسط صديق ليعقد صلحًا بيني وبين زوجي، وتناقشنا طويلًا حتى تفاهمنا، ومنحنا أنفسنا فترة لنحاول خلالها تقبل فكرة الأبوة نفسيًّا، ونؤسس لحياة أفضل، وقد سارت أمورنا على ما يرام، والآن أنا حامل وننتظر مولودنا الأول بفارغ الصبر.” -إيمان، 31، صحفية، مصر