مقال رأي

شاهدت وثائقي كانيه ويست ولم أشعر بالإلهام

يقدم الفيلم عددًا من الأفكار المشحونة والمثيرة للاهتمام، لكنها نادرًا ما تجد تركيزًا ثابتًا
jeen_yuhs_kanye-in-coat-b3e76ac146506e8a52623bec0649ba73d4618d4c

نتفليكس.

في مايو العام الماضي، أعلنت شركة نتفليكس أنها قد تحصلت على فيلم وثائقي عن كانيه ويست، يضم لقطات أرشيفية صورت على مدار عقدين ماضيين، أهمها حياته المهنية في الموسيقى والأزياء، وفاة والدته دوندا ويست، وحملته الرئاسية الفاشلة لعام 2020.

أسفر هذا الخبر عن زوبعة من الحماس من قبل معجبي كانيه ويست عبر التواصل الإجتماعي، إذ نادرًا أن نرى كانيه عن كثب، إلا خلال مقابلات وظهور علني مثير للجدل. بينما تحمس الكثيرون لصدور هذا الفيلم، كان البعض يتساءل عن التوقيت "المريب" لطرح هذا الفيلم. فعلى مدار العام الماضي، كان كانيه محاط بجدل كبير: صدور ألبوم دوندا الغير مكتمل، حذف النصف الأول من اسمه القانوني ليصبح "Ye" فقط، وطلاقه العلني من زوجته السابقة كيم كارداشيان، والذي تم رسميًا خلال هذا العام، وتحرشه المستمر بها على وسائل التواصل.

إعلان

بعد انتظار، طرحت نتفليكس تيزر قصير خلال فبراير عن أول حلقة من الفيلم الوثائقي jeenyuhs: A Kanye Trilogy المكون من ثلاثة حلقات، سيتم إصدارها أسبوعيًا. الفيلم من إخراج كلارنس "كودي" سيمونز وتشيك أوزا اللذان رافقا كانيه خلال أكثر من عقدين، ووثقا بدايته في الإنتاج إلى دخوله في عالم الأزياء، لكونه مرشح سياسي. 

مثل العديد من المعجبين، كان هناك الكثير من الأسئلة في بالي قبل مشاهدة هذا الفيلم: هل سيساعد هذا الفيلم على فهم كانيه أكثر؟ هل سيظهر بعض لقطات من وراء كواليس جلسات تسجيل ألبوم My Beautiful Dark Twisted Fantasy، أحد أعظم الألبومات من العقد الماضي؟ هل سنرى أخيرًا ما الذي يجعل كانيه "عبقرياً"؟ للأسف، الفيلم لم يحقق أي من هذه التوقعات. 

في حين أن الفيلم يحمل عنوان "jeen-yuhs"، وهي طريقة أخرى لتهجئة genius أو العبقرية، فإنه لا يلتقط جوهر هذه الفكرة بشكل متماسك. خلال مدة مشاهدة تفوق الأربعة ساعات، يقدم الفيلم عددًا من الأفكار المشحونة والمثيرة للاهتمام، لكنها نادرًا ما تجد تركيزًا ثابتًا. يحاول الفيلم خلق نظرة حميمة من وراء الكواليس لفنان عظيم ومثير للجدل، وبينما ينجح في بعض الأحيان، فإن الفيلم بشكل عام يفقد ثباته وانضباطه حتى في أفضل لقطاته.

تلخيص أحداث الوثائقي
يركز وثائقي jeen-yuhs في أول جزئين على بدايات كانيه كمنتج شبه معروف عنه وسط مشهد الهيب هوب في شيكاغو، ليتحول سريعًا إلى أحد أكثر المنتجين المطلوبين بفضل إنتاجه لأكثر من خمسة أغاني في ألبوم جاي زي الشهير "ذا بلو برينت" الصادر عام 2001. لم يكتفي كانيه بكونه منتج فقط، بل أراد أن يكون رابر أيضًا. يذهب كانيه مع رفقائه إلى مبنى تسجيلات روك أ فيلا، ويقوم بأداء إحدى أغانيه التي لم تطرح بعد بأسم "أول فولز داون" للموظفين، بدون أي ردة فعل منهم. يغادر كانيه بعد ذلك المبنى محبطًا ويواصل العمل في أغاني جديدة. واحدة من هذه الأغاني هي "ثرو ذا واير" وهي أغنية سجلها كانيه بعدما قام بإغلاق فمه بأسلاك بعد حادث سيارة. حصلت الأغنية على نجاح باهر ونالت إعجاب دايم داش، رئيس تسجيلات روك أ فيلا خلال ذلك الوقت، الذي قام بتوقيعه بعد فترة وجيزة.

إعلان

بعد وقت طويل من التعافي من الحادثة، تمكن كانيه من تسجيل وانتاج ألبومه الأول "ذا كوليدج دروب اوت" الذي أطلقه في 10 فبراير عام 2004 وحقق كذلك نجاح باهر بحسب النقاد وجمهور الهيب هوب أجمع، كما فاز بجائزة أفضل ألبوم راب في جوائز الغرامي لعام 2005.

تتدهور الأحوال قليلًا خلال الفيلم في الجزء الثالث، وتكون البداية مع المصور كودي الذي خفت علاقته مع كانيه. بسبب ذلك، لم نرى الكثير عن كانيه خلال عدسات كودي، بل كانت عبر التلفاز. والتي كانت معظمها لقطات مثيرة للجدل، مثل اتهامه المباشر لجورج بوش بأنه "لا يكترث بأمر أصحاب البشرة السوداء" خلال بث مباشر للتبرع إعصار كاترينا في عام 2005، واعتراضه على فوز تايلور سويفت على بيونسيه بجائزة "أفضل فيديو كليب نسائي" في حفل جوائز "أم تي في" عام 2009. بالإضافة إلى ذلك، تم استبعاد المصورين من فترات كانيه الأكثر إبداعية، من تسجيل ألبوم Late Registration في عام 2005 إلى Yeezus الصادر عام 2013. ولكن بطريقة ما، تمكن كودي من إعادة إحياء علاقته مع كانيه وتمكن الحضور وتصوير جلسة إستماع لألبوم The Life of Pablo لعام 2016.

النصف الثاني من هذا الجزء مليء باللقطات الـ filler والعشوائية، كأنها وضعت لتطويل الفيلم، منها لقطة لكودي تم دعوته لرحلة إلى الصين وحضور جلسة تسجيل في جمهورية الدومينيكان في 2018، بينما كل ما يفعله كانيه هو تصفح تويتر. الجدير بالذكر أنه تتزامن تلك اللقطة مع الوقت الذي قال فيه كانيه "أن العبودية خيار" خلال مقابلة مع TMZ. تظهر لقطة أخرى كانيه وهو يتناقش مع فريقه الإبداعي في أديداس عن كيف يريد شكل حذاءه الجديد أن يبدو، بينما يجلس كودي في زاوية ما مرتبكًا. تمتلئ الشاشة بعد ذلك بمونتاجات سريعة عن كانيه، وكيف تحول من شاب عشريني طموح إلى نجم بوب تمكن من تحقيق كل أحلامه.

إعلان

هل تمكن الفيلم من إظهار عبقرية كانيه؟
بعد وقت قصير من إصدار jeen-yuhs، قام الكثيرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بوصف كانيه كـ "مصدر إلهام لهم." ولكني فشلت في رؤية أي شيء ملهم. الفيلم حميم إلى حدًا ما، إلا أنه منغمس تمامًا في ثيمات الإلهام الزائف، كأنه دعاية لأحد منتجات آبل من الألفينات– وقد يكون هذا الانطباع الذي يريدنا أن نأخذه كانيه، فهو قد وصف نفسه بـ"ستيف جوبز الهيب هوب." مهما حاول المصورون إظهار الجانب الهادئ والمتواضع لكانيه، يأتي كانيه ويمحي هذه الصورة تمامًا. من الجيد أن المصورون تمكنوا على الأقل توثيق نقطة تحول كانيه إلى الشخصية النرجسية التي نعرفها الآن، بعد تحقيق حلمه أن يصبح رابر. فبعد أن حقق ذلك، تخلى عن أقرب الناس إليه، منهم المصور كودي، وبدء بالاحتكاك بنجوم هوليوود والرابرز الشهيرين، أملًا على أن يصبح مثلهم يومًا ما. 

هناك مشهد مهم في الحلقة الأولى عندما يلتقي كانيه والدته وتقول له: "العملاق ينظر في المرأة ولا يرى شيئاً." وقد يكون هذا درس ثمين عن التواضع والكبرياء التي لاحظتها في ابنها. ولكن هل استمع كانيه لكلامها؟ أبدًا. فهو يقول أنه يستخدم الغرور كوقود لكي يحقق أحلامه، ويثبت كل المشككين على خطأ، كما في أغنية "لاست كول" من ألبوم ذا كوليدج دروب اوت. يمكن تطبيق نفس الشيء في مسيرته كمصمم أزياء، خصوصًا خط أزيائه ييزي yeezy بالتعاون مع أديداس، والتي تقدر الآن بأكثر من مليار دولار بحسب مجلة فوربز.

إعلان

بالإضافة إلى ذلك، يُظهر الفيلم مدى تمرد كانيه. ففي أول دقيقتين، حذر شخص ما كانيه بـ"عدم تغريد هذا." وماذا فعل كانيه؟ قام بالتغريد على الفور. بينما انتقده معجبيه وجود العديد من الـ yes men حوله، أو الأشخاص الذين لا يعترضون على ما يفعله، بسبب أفعاله وألبوماته ذات جودة غير متناسقة، وقد يكون هذا بالضبط ما يريده كانيه.

ما الذي نستنتجه من كل هذا؟
باختصار، الفيلم الوثائقي فوضوي مثل الشخص الذي يصوره أمام الكاميرا. بينما يحاول البحث عن شيء حميم  بشكل فريد خلال الأربعة ساعات، نادرًا ما يجد الفيلم تركيزًا ثابتًا أثناء دوران الكاميرات. وبينما ينتهي الفيلم الوثائقي، فإنه لا يقدم أي نهاية. ولكن كيف يمكن أن يكون هناك نهاية؟ فلا يزال كانيه مصراً على إجراء تعديلات نهائية ضمن سعيه للتحكم في سرده وصورته.

وفي حين أن الفيلم يحمل عنوان jeen-yuhs بشكل مبالغ فيه، فإنه يفشل في إظهار عبقرية هذا الفنان. بعد مشاهدة الإعلان التشويقي القصير الذي أصدرته نتفليكس والذي يضمن مقاطع فيديو سريعة لتقلبات حياة ومسيرة كانيه، والتي تم تصويرها من قبل مصورين تابعوه حين كان شبه مجهول، كنت متحمسًا حقًا لمشاهدة جانب آخر من Ye. الجانب الذي لم تلطخه وسائل الإعلام. ولكن لم يحقق الفيلم هذه التوقعات خلال أجزائه الثلاثة.

ولكن من يعلم؟ قد يكون كل هذا حيلة تسويقية، فنحن لا نزال نتحدث عن كانيه. وبعد إصدار الجزء الأول من الفيلم الوثائقي، تمكن ألبوم "ذا كوليدج دروب اوت" من بيع أكثر من 20,000 نسخة خلال أسبوع، محتلًا الرقم 18 من قائمة بيلبورد 200 الأمريكية. 

إذا كنت من محبي كانيه ويست أو معجب بالهيب هوب، أو حتى مجرد مشاهد عادي، فإنjeen-yuhs: A Kanye Trilogy مسلٍ إلى حد ما، ويقدم لمحة عن كثب لأحد أكثر مغني الراب إثارة للجدل على الإطلاق، ولكن مع ذلك، لا ترفع من سقف توقعاتك.